طلب منه إجراء حوار.. قصة أول لقاء جمع محمود السعدني ومحمد التابعي
11 عاما مرت على وفاة الكاتب الساخر محمود السعدني، في 4 مايو 2010، إذ توفي عن عمر ناهز الـ82 عاما، بعد تعرضه لأزمة قلبية حادة.
استطاع محمود السعدني أن يصبح أحد رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية، إذ شارك في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها، كمجلة "صباح الخير" التي رأس تحريرها في الستينيات، وأصدر وترأس تحرير مجلة "23 يوليو" في منفاه بلندن، ثم عاد إلى مصر من منفاه الاختياري عام 1982 بعد اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، إلى أن اعتزل العمل الصحفي والحياة العامة عام 2006 بسبب المرض.
كان للكاتب الصحفي الكبير محمد التابعي تأثير في عقل السعدني، فهو الذي تعلم منه الصحافة، وهذا ما أكده في حوار له بمجلة "أكتوبر" بتاريخ 23 يونيو 1996، قائلا:"لم يبهرني أحد ككاتب في عمري مثلما بهرني التابعي، وأصبحت مدمنا لكتابات التابعي إلى درجة رهيبة للغاية، لدرجة أنني قابلت التابعي لأول مرة في حياتي في معرض الفنان أحمد طوغان، ولما صافحته قبلت يده.. اليد التي تكتب الكلات الذي لم يكتب أحد مثله، ولا يمكن أن يكتب بعد أحد مثل أسلوبه الجميل، في رأيي أن أسلوبه أسلوب كاتب شيطان مخلوق من نار، يعني لم أصدق وقتها بخيالي أنه يمكن لبشر أن يكتب مثل هذا الكلام الجميل.. أسلوب ملائكي".
وعن أول لقاء جمع محمود السعدني بالتابعي، كشف عن أنه حين قابله لأول مرة طلب منه إجراء حوار معه، وأراد أن ينتهزها فرصة ليعرض عليه بعض كتاباته، مستطردا: الرجل رحب وقال لي تعالي في أي وقت، وأنا صدقت هذا الكلام الذي حدث في العهد الملكي قبل الثورة، وذهبت إليه في منزله في شارع ابن زنكي في الزمالك معتقدًا أنه لا يزال يتذكرني، وحين فتح الباب السفرجي النوبي وقلت له على الفور أريد الأستاذ محمد التابعي، فقال لي تقوله مين؟.. قلت قل له محمود السعدني، فقال لي انتظر شوية ورجع يقول لي مش هنا".
وتابع: "قلت له طيب وكتبت له ورقة قلت له فيها: يا تابعي إن لي قلما كقلمك، ولكنه أورع وأرفع، وعندما يحين الوقت المناسب سأنشر على الناس قصة الذين يسكنون الزمالك ويكتبون عن آلام الناس في حارة شق التعبان وحوش بردق"، ووقع على الورقة باسمه محمود السعدني، وتركها له مع السفرجي.
والتقى به بعد ذلك في الستينيات، فقد زاره في منزله حوالي 6 مرات من أجل إجراء بعض الحوارات معه، فقد كان يكتب مقالات أو بعض الصور الكلامية عن بعض القمم الكبار بعنوان "رجل فوق القمة"، واختار من الصحافة التابعي، واكتشف من خلال هذه اللقاءات المتعددة أن التابعي كان في حقيقة الأمر رجل طيب وغلبان، ولكنه منفصل تماما عن العصر.