«سنة أولى إخوان».. يرصد ويوثق الحصاد المر لعام حكم الجماعة الإرهابية
يواصل الكاتب سعد القرش رصد المشاهد العباثية في حكم الجماعة الإرهابية للبلاد، وذلك في كتابه «سنة أولى إخوان»٬ فبعد تعيين القتلة نوابا في البرلمان، كان وقت اختلاط الدين بالسياسة، إلى حد لا يمكن تفسيره بالمنطق، ففي بداية يناير 2013 صرح يوسف القرضاوي بأنه ناقش مع محمد بديع مرشد الإخوان كيفية استكمال بناء مؤسسات الدولة، يفترض أنه بعد تأسيس حزب الحرية والعدالة أن تعود الجماعة للعمل الدعوي، وأن يكون «الحرية والعدالة» حزبا سياسيا بحق، لكن المرشد الذي لم يضبط يوما ملتبسا بالدعوة أو أي نشاط ديني، هو أو نائبه خيرت الشاطر، كثيرا ما خاض في السياسة، لأن منصبه أكبر من «رئيس الجمهورية»، ولم يكن عبثا أن تكون هتافات المتظاهرين منذ الإعلان غير الدستوري في 21 نوفمبر 2012: «يسقط يسقط حكم المرشد»، وهي إهانة لمرسي الذي لا يعترف به الشعب رئيسا، ولايطالبون بإسقاط حكمه، وإنما يتوجه الهتاف إلى صاحب الشأن والسلطة، المرشد نفسه، أضف إليه هتاف: «لا إخوان ولا مسلمين.. دول عصابة مجرمين»، في تذكير بمقولة «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين» التي أطلقها البنا، عقب اغتيال النقراشي يوم 28 ديسمبر 1948.
يقول سعد القرش: «حين يستخدم الدين ورقة سياسية، يخسر الدين وما يمثله من قيم، ويصير رجاله أذلة وأسرى نفسيين لدى ولي النعم. وجه هذا السؤال للقرضاوي: "عادة ما يذكر موضوع قاعدة السيلية التي هي مركز القيادة الأمريكية في قطر التي أنت موجود فيها، ما هو تعليقك على وجود هذه القاعدة؟». كان السائل ذكيا فلم يسأل القرضاوي عما إذا كانت القاعدة موجودة أم لا؟ وإنما عن تعليقه «على وجود هذه القاعدة». أجاب القرضاوي بيقين العالم: «أنا أنكر وجود القاعدة في قطر».
وفي شهادته عن عام الإخوان يواصل سعد القرش رؤيته، واشتراكه في اعتصام المثقفين، ذلك الاعتصام الذي أظهر هشاشة النظام، وكان المثقفون عاملاً رئيسياً، مع قطاعات الشعب الأخرى، في انهياره: يوم 23 فبراير 2013 وقع أكثر من 100 مثقف مصري بيانا مفتوحا، «بيان المئة»، وقد كتبه علاء عبدالهادي، بعنوان «الدعوة إلى سحب الثقة من د.مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة». يوم 2 مارس 2013.
وكتب سعد القرش نفسه بيانا عنوانه: «نسحب الثقة من الرئيس ونطالب بمحاكمته». يقول فيه «نعلن نحن الموقعين على هذا البيان سحب الثقة من الرئيس السابق محمد مرسي، بعد ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، بدأت في ذكرى محمد محمود في نوفمبر 2012، وتصاعدت في بورسعيد في نهاية يناير الماضي (واعترف في التلفزيون بأنه أمر الشرطة باستخدام القوة)، وتستمر الجريمة في المنصورة بدهس المواطنين بالمدرعات، والقتل والمطاردات بمشاركة الشرطة والبلطجية. وبهذا الإجراء تصحح الثورة بعض أخطائها، وتعود بعد تعثر إلى النقطة الأولى من مسارها، إلى 11 فبراير 2011».
يوم 28 أبريل 2013 صدر بيان «ضد الأخونة»، يحذر من «محاولات الأخونة القائمة على قدم وساق في مختلف مواقع الدولة، وهي تتعارض مع أهداف ثورة 25 يناير التي قامت من أجل العدل والحرية والكرامة" ويصف سعد القرش ماجرى قائلاً :في سعيهم لأخونة البلاد تجنب الإخوان قضية الثقافة، كانوا أذكياء فلم يقتربوا من لعبة لا يعرفون قواعدها، ولا تتيح لهم مواهبهم المحدودة أن يصمدوا في المنافسة. لم يخرج التنظيم مثقفا يشار إلى إبداعه، في الآداب أو الفنون، فكرة الإبداع نفسها «بدعة، وكل بدعة ضلالة».
وأضاف القرش في كتابه: «في الجامعة سألت أنور الجندي عن «الأدب الإسلامي»، واستفاض في الإجابة، واستشهد بنجيب الكيلاني، بعد أن سفه ما يكتبه محفوظ وعبد القدوس والسحار نفسه. وبعد سيد قطب لا يوجد اجتهاد فكري إخواني ولو في تكفير المسلمين، واتهامهم بالجاهلية، يوجد في هذا الشأن «اتباع» يلوك أفكار قطب ويجترها، أما «الإبداع» ففي فنون القتل التي ذهبت إليها جماعات إرهابية خرجت من عباءة الإخوان».
ويلفت القرش في كتابه «سنة أولى إخوان»: «لكن الإخوان أقبلوا على خطوة «ثقافية» أوسع من خيالهم بالتزامن مع اختيارهم علاء عبد العزيز وزيرا للثقافة، أعلنوا مفهومهم للثقافة. نشرت أسبوعية «أخبار الأدب» يوم 12 مايو 2013 صورة متحدية، على الغلاف، لنائب المرشد العام للإخوان خيرت الشاطر، وهو ليس مهتما بالثقافة ولا يمثل رسميا أي حزب سياسي، ولكنه تاجر، من رجال المال لا الأعمال. إلا أن الصحيفة كتبت مع الصورة هذا العنوان: «تناغما مع الدور الثقافي لرجال الأعمال خيرت الشاطر.. هل يحقق استعادة روح مصر الثقافية ببرنامج الجماعة؟». وفي العدد نفسه تفاصيل البرنامج «الثقافي» للجماعة. في تصور الإخوان لما يسمونه النهضة الثقافية أن (الثقافة هي المرآة التي تعكس هوية المجتمع وقيمه وإرثه الحضاري، وعند إمعان النظر في خصائص الثقافة المصرية نجد أنها تتشكل في الهوية الإسلامية والثقافة الإسلامية المعبرة عن إرث هائل من الفنون والآداب)».
وتابع: «في البرنامج سبعة «ضوابط لإدارة الحياة الثقافية»، ومنها.. «التأكيد على عدم الفصل بين الجانب القيمي والأخلاقي وبين الفعل الإبداعي بأنواعه المختلفة... حرية إبداع مضبوطة بأخلاقيات المجتمع وقيمه وآدابه. الاعتماد في العمل الثقافي والإعلامي العام على غرس وتعميق ثقافة المناعة الشخصية والرقابة الذاتية للمواطن... تشجيع صناعة السينما على المستويين المعنوي والمادي من خلال دعم وتوجيه عملية الإنتاج، وإقرار مجموعة من الإجراءات لدعم عملية الإنتاج... دعم صناعة الفيلم الديني والوطني والوثائقي والتاريخي الذي يتناول هموم وتاريخ مصر وقضاياها... الارتقاء بمستوى المسلسل التلفزيوني والفيلم السينمائي والتلفزيوني المصري؛ ليمارس دوره في نشر القيم الرفيعة، والامتناع عن الأعمال الهابطة والمثيرة للغرائز والدافعة لارتكاب الجرائم، وتحسين الذوق العام».
ويواصل سعد القرش رصد فعاليات المثقفيبن ضد حكم الجماعة، ففي يوم 23 مايو 2013، أعلن في نقابة الصحفيين عن تأسيس «جبهة الدفاع عن الثقافة المصرية» بحضور مثقفين وفنانين. قال بهاء طاهر: «لأول مرة منذ عشرات السنين، يتفق المثقفون والفنانون على هدف واحد هو الدفاع عن الثقافة الوطنية المهددة».
واختتم القرش: «هكذا وصلنا إلى لحظة النهاية في 30 يونيو 2013، حيث خرج الشعب وأسقط حكم الإخوان».