مجيبا عن سؤال لما تؤمن الكنيسة بقيامة الجسد؟
القديس حبيب جرجس: عدل الله أنْ يشترك الجسد مع النفس في الجزاء
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اليوم الاثنين، بعيد شم النسيم.
وحصلت "الدستور" على مقالة للقديس الارشذياكون حبيب جرجس، الذي اعترفت الكنيسة القبطية الارثوذكسية، بقداسته في عام 2014، في أول دور انعقاد لمجمع مطارنة واساقفة الكنيسة القبطية الارثوذكسية، في عهد البابا تواضروس الثاني، ضمن سلسلة مقالات بكتاب "عزاء المؤمنين"، يتحدث خلالها عن القيامة.
وقال القديس المعاصر حبيب جرجس في المقالة: "إنَّ إيماننا يُعلِّمنا أنَّ الجسد مهما قاسى من الآلام والتجارب، ومهما تقطع وتمزق في هذه الحياة فسوف يعود ثانية ويقوم كاملًا بعد الفناء، وصحيحًا بعد المرض، ونيِّرًا بعد الظلام، وغير مائت بعد الموت وفي مجد بعد الفساد".
- النفس لا تستطيع القيام بعمل إلا بواسطة الجسد
وأضاف:"نعلم أنَّ النفس لا تقدر أنْ تعمل عملًا إلاَّ بواسطة الجسد الذي هو بمنزلة بيت ومسكن لها، وحواس الجسد بمنزلة آلات لها في كل شيء، وارتباط النفس بالجسد شيء لا يدرك، والعلاقة بينهما شديدة وليس مَنْ ينكر خلود النفس وأنَّها لدى خروجها من الجسد تلبث في حياة غير هذه الحياة، وتُسأل وتُجازى عن جميع أفعالها وهل من العدل أنْ تجازى النفس وحدها دون الجسد وهو الذي تعب وحمل مشاق الفضيلة وجاهد في الأتعاب والأوصاب و الأسهار والأصوام، أو هو الذي انغمس في الرَّذيلة وتلذَّذ بالشهوات وشبع من الَّلذات لعمري لو كانت النفس وحدها هي التي تقوم في القيامة لتأخذ المجد وحدها لِمَا رضىَ الجسد هذه القسمة الظالمة، ولِمَا تحمَّل المشاق والأتعاب والجراح ومقاومة الأهواء، وقلَّ مَنْ يُناضل عن الإيمان حتى الموت أمام المُغتَصِبِين والمُضَطَهِدِين".
وتابع:" وبَطُلَ مَنْ يُقدِّم جسده حريقًا للنار أو مأكلًا للوحوش أو ضحية للعذاب لأجل الإيمان والفضيلة. ولو كان الأمر كذلك لكانت دماء الشهداء ضاعت هدرًا وسُفكت جُزافًا ولَحُسِبَ قبولهم العذاب بفرح تهورًا وشهامتهم ضعفًا وشجاعتهم جبنًا، ولِمَا كان لواحدٍ منهم فضل أو مكافأة على ما فعل وحينئذ يحق للجسد أنْ يتمتع بما يشاء من اللذات بحسب أهوائه بما أنَّه لا يُشارك النفس في نعيمها ومسرَّتها ولكن الأمر ليس كذلك بل أنَّ عدل الله قضى أنْ يشترك الجسد في الجزاء مع النفس ويدخل معها في إرث الملكوت، لأنَّه كان شريكًا ورفيقًا في شدائدها وأتعابها وجهادها في كل شيء، إذًا الجسد سوف يقوم ويلبس صورة سماوية لأنَّ هذا الفاسد لابد أنْ يلبس عدم فساد وهذا المائت يلبس عدم موت".
واختتم:"إنَّنا ننتظر ونتوقع برجاء سماء جديدة وأرضًا جديدة يسكن فيها البرّ لأنَّ هذه الحياة يفلح فيها الشرير، وينجح فيها المنافق، وفيها يمتد الفجور وينتشر، ويظهر أهل الشر بأبهى المظاهر، بينما أهل التُّقَى مُحتقرين مُذلِّين، فهؤلاء وغيرهم لم يحتملوا كل هذه الآلام إلاَّ على رجاء القيامة، لذلك نؤمن ونرجو هذه الحياة الجديدة التي يشرق فيها البرّ ويتلألأ مجد الفضيلة فهناك تستحيل أتعابنا إلى راحة. ويتبدل نوحنا بالفرح. ونخلع ثوب الحزن. ونكتسي لباس البهجة والبهاء".
- بدء الاحتفال بفترة الخماسين المقدسة
جدير بالذكر، أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، برئاسة قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بدأت احتفالاتها بفترة الخماسين المقدسة، وهي عبارة عن 50 يومًا من الأفراح المستمرة في الكنيسة، حيت ترتدي الكنيسة خلالها الستائر البيضاء، وتصلي طوال المدة بالنغمة المفرحة، كما يتمنع الاقباط عن الصوم نهائيا تلك الفترة، او ممارسة طقس الميطانيات.
وتحتفل الكنيسة اليوم بشم النسيم، والذي يأتي تزامنًا مع إتمام البابا تواضروس الثاني، لطقس اضافة خميرة زيت الميرون المقدس بدير القديس العظيم الأنبا بيشوي العامر للرهبان الاقباط الارثوذكس، بمنطقة وادي النطرون بمحافظة البحيرة.
وإلى الآن لم تصدر أي قرارات جديدة من قبل مجمع مطارنة واساقفة الكنيسة القبطية الارثوذكسية، بخصوص الطقوس الكنسية المُقبلة، بعد عيد القيامة المجيد، سواء في قداسات الآحاد او الجمعة، لاسيما في ذروة هجوم موجة كورونا الثالثة، والتي تعتبر الأشد فتكًا بين هجماته الثلاث، وكان البابا تواضروس قد سمح للشعب القبطي بالمشاركة بالحضور في القداسات الإلهية بنسبة 25%، مع تعليق كافة الخدمات والانشطة، في احدث بياناته، بالنسبة لكنائس القاهرة والاسكندرية.