حكايات التسامح والمحبة.. مسلمو ومسيحيو مصر يحتفلون بالمناسبات الدينية معا

أرض واحدة خرج منها الحلم وتقاسمه أبناؤها غير مهتمين بدينهم، لمئات السنوات عاش المصريون في تسامح وود واستقبلوا في رحاب أرضهم الآلاف من الجنسيات والملل الأخري التي انسجمت في المجتمع، وحكايات التسامح بين أبناء الوطن من مسلمين ومسيحيين ليست وليدة هذا العصر بل أصبحت ثقافة وعادة اجتماعية نسي بعضهم لمن تعود في الأصل.

ونعيش هذه الأيام احتفالات أقباط مصر بأسبوع الآلام ومع ذلك يحتفل المسلمون ببعضها على أنها عادة اجتماعية متوارثة فيحتفلون بسبت النور بوضع الكحل في أعين البنات، كما يحتفل المسيحيون بشهر رمضان بوضع الزينة في الشوارع، ويحتفلون بالمولد النبوي بشراء الحلوى، الكثير من مظاهر التسامح ترسم علاقة مواطني مصر من مسلمين ومسيحيين خلال مشاركتهم أعيادهم الدينة معًا، “الدستور” تستعرض في السطور التالية نماذج لها.

سبت النور

أحضرت نجلاء محمد أحفادها حولها بعد أن جهزت زجاجة الكحل لتضعه في أعين البنات والولاد كعادة توارثتها عن أمها وأجدادها في سبت النور الذي يأتي قبل يومين من شم النسيم، وقالت"ستي ومن بعدها أمي كانوا بيجمعونا في سبت النور ويحطولنا كحل ورغم إنه بيحرق العين إلا أنه بينورها ويخليها حلوة ويقوي النظر"، متابعة "أحفادي بيفرحوا لما بحطلهم الكحل في عنيهم وأحكيلهم زكرياتنا معاه واحنا صغيرين".

وسبت النور أو السبت المقدس، يحتفل به المسيحيون ، وهو اليوم الذي يأتي بعد الجمعة العظيمة وقبل أحد القيامة أو عيد الفصح، وهو اليوم السابع من أسبوع الالام.

واعتاد المصريون مسلمون ومسيحيون قديمًا أن يكحلوا أعينهم حيث يجتمع الأطفال والسيدات والرجال حول "الجدة الكبيرة"- ومازالت هذه العادة موجودة في الكثير من القرى-  لتبدأ في القيام بمهمة تكحيل عيون الجميع، مسلمين ومسيحيين، كبارا وصغارا، نساء ورجالا، ثم يرددون أغنية "سبت النور عيدناه.. عيدناه واحنا في راحة.. واليهود حزانى".

ويأتي استخدم الكحل حتى ترى العيون النور الخارج من قبر المسيح، فقد كان يتم تكحيل العيون؛ لحمايتها من شدة النور، الذي يخرج من قبر السيد المسيح من كنيسة القيامة في القدس، ثم توارثتها الأجيال، فيما يرجع البعض الآخر تلك العادة لما كان يقوم به أهل القدس في أورشليم من تكحيل العيون؛ لحمايتها من فج نور قبر السيد المسيح، وذلك كما أورده "إدوارد وليم لين" ، في كتابه عن عادات المصريين، والذي انتشر في القرن التاسع عشر.

احتفالات رمضان

يرتبط شهر رمضان بطقوس احتفالية فرحًا بقدومه كل عام من تعليق للزينة وشراء الفانوس والياميش، ورغم أنه احتفال ديني إسلامي إلا أن مسيحيوا مصر يحتفلون به، فيذهب مايكل كل عام قبل رمضان لشراء فانوس كبير لمنزلهم وعدة فوانيس صغيرة لأبناء أخته، ويشارك مع الشارع الذي سكن به في شراء زينة رمضان لتزيين الشارع بها، وقال مايكل"زينة رمضان مرتبطة بالبهجة وتضفي شكلًا جماليًا للشارع وتعطي إحساس بالدفا لذا فأنا أحب قدوم شهر رمضان، مشيرًا أنا لا أكتفي فقط بالزينة والفوانيس، ولكنني أصوم يومًا لأتناول آخره طعام الإفطار مع أصدقائي وهذا ما اعتدت عليه منذ الصغر".

ومايكل ليس الوحيد فساندي أيضًا تصوم يومين في رمضان الأول عندما تأتي صديقتها الأقرب لها سمر لتفطر عندها في المنزل، والآخر عندما ترد سمر لها العزومة في منزلها لتفطر ساندي وسط عائلة سمر.

شم النسيم وعيد القيامة

يأتي احتفال المصريون بشم النسيم أو عيد الربيع في فترة أعياد عيد القيامة، وامتزج الاحتفالان سويًا مع مرور الزمن، وتغيرت بعض ملامح العيد الغرعرني بشم النسيم وشمل بعض منه طقوس قبطية مع دخول المسذحية مصر.

فشم النسيم يحتفل به المصريون منذ العهد الفرعونى، وقد ذكر هيرودوت (484 ــ 425 ق.م) أن المصريين يملحون السمك، ويأكلون الخس والبصل والسمك المملح من الملح الحجرى من بلاد آمون وليس ملح البحر، وقد ظهرت هذه الأكلات فى الأسرة الخامسة. كما ذكر بلوتارك فى عيد «شمو» الذى جاء منه اسم شم النسيم.

وبعد دخول  المسيحية مصر ظل الاحتفال بشم النسيم قائما ولكنه أخذ بعضًا من روحانية المسيحية،فالبيض الملون الذي أصبح من رموز شم النسيم يرمز لقيامة السيد المسيح. فكما يخرج الكتكوت من البيض وحده خرج السيد المسيح من القبر قائما من الأموات وحده في المعتقدات المسيحية.

وأصبح يتحدد يوم شم النسيم بناءً على عيد القيامة، ليصبح اليوم الثانى للعيد، ورمز فتح السيد المسيح للفردوس، كما تحتفل به الكنيسة القبطية.