إجراءت واسعة وغير مسبوقة لحظر التنظيمات الإخوانية
بعد كشف «الوجه القبيح».. فرنسا تُضيق الخناق على جماعات الإسلام السياسي
نشر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، دراسة رصد فيها القوانين والإجراءات الأخيرة التي تتخذها فرنسا لمكافحة الإرهاب وقطع جذور تطرف جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها الإخوان ووقف تمويل منظماتهم.
وذكرت الدراسة أن ما شهدته فرنسا خلال الربع الأخير من عام 2020، من عمليات إرهابية، منها ذبح مدرس التاريخ و ذبح رجل دين في كنيسة في مدينة نيس وآخرها قتل شرطية على يد متطرف في هجوم على مركز للشرطة في مدينة رامبوييه بالضاحية الباريسية الأسبوع الماضي، جعلتها تتصدر مؤشر الإرهاب في أوروبا العام الماضي.
وأضافت أنه بالرغم من أن فرنسا نجحت إلى حد كبير في تشخيص جذور التطرف ومصادر التهديدات الداخلية، المتمثلة بالتنظيمات الإخوانية، إلا أنه بات متوقعًا أن تشهد البلاد عمليات إرهابية محدودة على غرار "الذئاب المنفردة، مشيرة إلى أن هذا يتعلق بعوامل خارجية وداخلية أبرزها سياسات فرنسا الخارجية في افريقيا والشرق الأوسط.
وأشارت الدراسة إلى أن فرنسا بذلت جهودا كبيرة في محاربة الإسلام السياسي والجماعات الجهادية المتطرفة، وأصدرت بالفعل ترسانة من القوانين والأجراءات ومنحت الكثير من الصلاحيات إلى الشرطة واجهزة الاستخبارات، لكن رغم ذلك ما زال هناك مهام كبيرة يفترض أن تقوم بها فرنسا في محاربة التطرف والإرهاب محليًا.
وتابعت "هناك مأخذ على فرنسا، أنها تعتمد دوما، على الوسائل الصلبة في محاربة التطرف، بنشر الشرطة والجيش ورفع حالة التأهب، أكثر من اعتمادها على الوسائل الاستخباراتية في حصر وتتبع العناصر الخطرة".
وترصد الدراسة أبرز القوانين والإجراءات والاستراتيجيات التي صاغتها السلطات الفرنسية بهدف محاربة مختلف أشكال التطرف والإرهاب، وكان آخرها: تقديم وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، الأربعاء الماضي، أمام مجلس الوزراء مشروع قانون جديد مؤلف من 19 بندًا يستند على ترسانة من التدابير القائمة بالأساس، أعيدت صياغتها من أجل إرسائها في قانون.
- إجراءات واسعة وغير مسبوقة
لفتت الدراسة إلى أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أعلن أن حكومته ستنفّذ في الأيام المقبلة موجة من الإجراءات "الواسعة وغير المسبوقة" لمكافحة التطرف الديني، مضيفًا أن إحد تلك الإجراءات يشمل فحص 76 مسجدا.
وكتب دارمانان في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "بناءً على تعليماتي، ستُطلق أجهزة الدولة تحرّكاً ضخماً وغير مسبوق ضدّ الانفصالية"، مشيرًا إلى أن هناك 18 مسجدًا سيتم استهدافه، بناء "بإجراءات فورية" يمكن أن تصل إلى حدّ إغلاقها.
كما أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد اجتماعه مع وحدة "مكافحة الإسلام السياسي"، الحكومة بتكثيف إجراءات محاربة التطرف، مشيرًا إلى أن الإجراءات ستستمر بهدف حماية "مواطنينا المسلمين من المتطرفين".
وأوضحت الدراسة أن فرنسا تتجه لإخضاع نحو 51 جمعية دينية للمراقبة، حيث ينتظر الإعلان عن حل عدد منها بسبب تورطها في الترويج لأفكار تنافي مبادئ الجمهورية، لافتة إلى وجود جمعيات معينة توجه إليها أصابع الاتهام بنشر التطرف وتتعالى أصوات السياسيين ضدها على رأسها "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا"، والذي وصفه أحد نواب البرلمان الفرنسي بكونه "الجناح العسكري لتنظيم الإخوان" في البلاد. الإرهاب.
- قانون تعزيز قيم الجمهورية
أبرزت الدراسة "قانون تعزيز قيم الجمهورية 2020" واصفة إياه بأنه أحد أكبر النصوص القانونية لولاية ماكرون ، ويتكون من 54 بندا ويهدف إلى محاربة تطرف الإسلام السياسي، إذا تنص المادتان 25 و26 منه على "تجريم تعريض حياة الآخرين للخطر من خلال نشر معلومات تتعلق بالحياة الخاصة أو المهنية لشخص ما، مما يجعل من الممكن التعرف عليه أو تحديد مكانه بهدف تعريضه أو تعريض أفراد أسرته لخطر على الحياة أو السلامة الجسدية أو العقلية أو الممتلكات".
كما يحظر القانون المدارس "السرية" التي تروج لأيديولوجية متطرفة، ويشدد من قواعد التعليم في المنزل. ويعزز كذلك الحظر المفروض على تعدد الزوجات من خلال رفض منح الإقامة للمرتبطين بأكثر من زوجة، فضلا عن تغريم الأطباء أو منعهم من مزاولة المهنة إذا أجروا اختبارات كشف عذرية على الفتيات.
كما وضع القانون قواعد جديدة للشفافية المالية للجمعيات الإسلامية، وهناك شرط بإقرار هذه الجمعيات على قبول قيم الجمهورية الفرنسية مقابل الحصول على تمويل. وتم تمديد حظر ارتداء المسؤولين الرسميين في الدولة أي زي يدل على الهوية الدينية ليشمل العاملين في قطاع النقل وأحواض السباحة والأسواق.
وذكرت الدراسة: "يبدو أن الحكومة تتقدم بحذر وحزم لتبني هذا القانون ولاسيما أن اسمه تغير من الانعزالية الإسلامية إلى تعزيز القيم الجمهورية، فالسلطات تريد أن يكون هذا النص متوازنا يتضمن ترسانة ردعية وإجراءات تنص على تماسك المجتمع الفرنسي."
وأشارت إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد كشف عن الخطوط العريضة لهذا القانون في أكتوبر 2020 بعد مقتل أستاذ التاريخ صامويل باتي وبعد الهجوم الإرهابي الذي شهدته مدينة نيس.
وتابعت: لا يبدو أن الحكومة الفرنسية ستتوقف عند قرار حل جمعية “بركة سيتي” و”لجنة مناهضة الإسلاموفوبيا”، اللتان تدور حولهما شبهات تبرير الإرهاب والعلاقة مع الإسلام السياسي العنيف، بل تريد في المادة 8 من القانون الجديد تحديث بعض مسوغات حل الجمعيات. ومنها مثلاً تحميل جمعية أو مجموعة بحكم الأمر الواقع المسؤولية عن الأفعال التي يرتكبها عضو أو أكثر من أعضائها.
-أكثر من 75% من الفرنسيين يؤيدون وضع تشريعات لمكافحة التطرف
لفتت الدراسة إلى استطلاع للرأي أجرته أودوكسا- دينتوس أوجد أن الكثير من الفرنسيين أبدوا تأييدهم لقانون "تعزيز قيم الجمهورية و محاربة الانفصالية"، إذ وافق أكثر من ثلاثة أرباع المستطلعة آرائهم على وضع تشريعات خاصة لمكافحة التطرف، على الرغم من أن نصفهم تقريباً قلقون من أن ذلك قد يعمق الانقسامات داخل البلاد.
وأشارت إلى استطلاع آخر أجري مؤخراً أجرته مؤسسة ايفوب/ IFOP، أظهر أن نحو 74 بالمئة من المسلمين تحت سن 25 عامًا يقولون إنهم يضعون عقيدتهم في المقدمة مقابل قوانين الجمهورية الفرنسية، وهو ما يعزز الجهود الحكومية التي تقوم بها فرنسا لمكافحة تطرف الإسلام السياسي.