على جمعة: السيدة عائشة أفقه نساء الأمة ولها مسند يبلغ 2210 أحاديث
قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية، إن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضى الله تعالى عنهما - هي أم المؤمنين أم عبد الله، زوجة سيدنا رسول الله ﷺ، بنت الإمام الصديق الأكبر، خليفة رسول الله ﷺ أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشية، التيمية، المكية، النبوية، أفقه نساء أمته على الإطلاق، وأمها هي: أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة الكنانية، يلتقي نسبها مع سيدنا رسول الله ﷺ في جده السادس مُرَّة بن كعب.
هاجر بعائشة أبواها، وتزوجها نبي الله قبل المهاجرة بعد وفاة الصديقة خديجة بنت خويلد، وذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهرا، وقيل: بعامي،. ودخل بها في شوال سنة اثنتين، وهي ابنة تسع، فروت عنه: علما كثيرا، طيبا، مباركا فيه.
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية على موقع "فيس بوك" أن (مسند عائشة) يبلغ ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، اتفق لها البخاري ومسلم على: مائة وأربعة وسبعين حديثا. وانفرد البخاري بأربعة وخمسين. وانفرد مسلم بتسعة وستين، وعائشة ممن ولد في الإسلام، وهي أصغر من فاطمة بثماني سنين، وذكرت أنها لحقت بمكة سائس الفيل شيخا أعمى يستعطي.
وكانت امرأة بيضاء جميلة، يقال لها: الحميراء، وسأل عمرو بن العاص النبي ﷺ: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: (عائشة). قال: فمن الرجال؟ قال: (أبوها). وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض، وما كان ﷺ ليحب إلا طيبا، وقد قال ﷺ: (لو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة، لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام أفضل). فأحب أفضل رجل من أمته، وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله ﷺ فهو حري أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله.
قال رسول الله ﷺ: (فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام)، أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديقة بنت الصديق من أخص مناقبها ما علم من حب رسول الله وشاع من تخصيصها عنده ،ونزول القرآن في عذرها وبراءتها والتنويه بقدرها ،ووفاة رسول الله سحرها ونحرها ،وفي نوبته ،وريقها في فمه الشريف لأنه كان يأمرها أن تندى له السواك بريقها ،ونزول الوحي وهو في لحافها ،ولم يتزوج بكراً سواها ،وما حمل عنها من الفقه لم يحمل عن أحد سواها.
وأوضح :عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت: لَمَّا أُمِرَ رَسولُ اللهِ ﷺ بتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ، بَدَأَ بي، فَقالَ: «إنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَعْجَلِي حتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ»، قالَتْ: قدْ عَلِمَ أنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكونَا لِيَأْمُرَانِي بفِرَاقِهِ، قالَتْ: ثُمَّ قالَ: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ: {يَا أَيُّهَا النبيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسوله وَالدَّارَ الآخِرَةَ فإنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب:28]، قالَتْ: فَقُلتُ: في أَيِّ هذا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فإنِّي أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسوله وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسولِ اللهِ ﷺ مِثْلَ ما فَعَلْتُ.
وقالت عائشة: ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، من كثرة ما كان رسول الله - ﷺ- يذكرها.
استأذنت السيدة عائشة رسول الله ﷺ في الكنية فقال لها: "اكتنى بابنك عبد الله بن الزبير". يعني ابن اختها، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا رأَيْتُ مِن النَّبيِّ ﷺ طِيبَ نفسٍ قُلْتُ يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ لي فقال: «اللَّهمَّ اغفِرْ لِعائشةَ ما تقدَّم مِن ذنبِها وما تأخَّر ما أسرَّتْ وما أعلَنَتْ» فضحِكَتْ عائشةُ حتَّى سقَط رأسُها في حِجْرِها مِن الضَّحِكِ قال لها رسولُ اللهِ ﷺ: «أيسُرُّكِ دعائي؟» فقالت: وما لي لا يسُرُّني دعاؤُكَ؟ فقال ﷺ: «واللهِ إنَّها لَدعائي لِأُمَّتي في كلِّ صلاةٍ». [ابن حبان]
وعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «يا عائِشَ هذا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلام.َ قُلتُ: وعليه السَّلامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ....»، وكان مسروق إذا حدث عن عائشة يقول: حدثتني الصادقة ابنة الصديق البرية المبرأة بكذا وكذا ذكره الشعبي عن مسروق.
وقال أبو الضحى عن مسروق: رأيت مشيخة من أصحاب رسول الله ﷺ الأكابر يسألونها عن الفرائض.
وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأياً في العامة.
وقال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة.
وأشار: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: «ما أشكَل علينا حديثٌ قطُّ فسأَلْنا عائشةَ إلَّا وجَدْنا عندَها منه عِلْمًا»، وقال الحاكم في مستدركه: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْعِلْمِ وَالشِّعْرِ وَالطِّبِّ مِنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ» من إجلال رسول الله ﷺ إجلالُ مَنْ أحبَّهم كآل بيتِه؛ فلا يُحبُّهم إلا مؤمنٌ، ولا يُبغِضُهم إلا مُنَافق. وإكرامُهم -بما في ذلك زوجاتُه أمهاتُ المؤمنين- إكرامٌ له ﷺ، وإيذاؤهم بِسَبٍّ أو انتقاصٍ أو تَعْرِيضٍ إيذاءٌ له، مُحرَّم. كما بيّن الحقّ سبحانه عاقبة من يؤذي سيّدنا رسول الله ﷺ بقول أو فعل، فقال سبحانه { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 61،وأنزل عز وجلّ في من آذى أُمّنا عائشة خاصّة قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة : {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ } [النور: 11، 12] إلى.... { أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26] وقد أجمع العلماء قاطبة على أن من رمى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فهو معاند مكذِّب للقرآن.
وكما أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت سببًا لتقرير كثير من الأحكام؛ فقد كانت سببًا لتحريم إيذاء المؤمنين والمؤمنات كافة، ورميهم بالبهتان؛ قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. [الأحزاب: 58] فلها فَضْلٌ على الأمَّة رضي الله عنها، توفيت السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها سنة سبع وخمسين 16 رمضان، وقيل: إنها توفيت سنة ثمان وخمسين ليلة الثلاثاء 17 رمضان، أمرت أن تدفن ليلاً فدفنت بعد الوتر بالبقيع ،وصلى عليها أبو هريرة ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير ،والقاسم بن محمد وعبد الله بن محمد بن أبي بكر ،وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر [الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، شذرات الذهب (بتصرف).