علي جمعة: مدرسة «التلاوة» المصرية مليئة بالأصوات المميزة
قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن قراءة القرآن من العادات المحببة إلى المصريين وتتوهج هذه العادة في شهر رمضان الكريم، والمقارئ المصرية جزء لا يتجزأ من التراث المصري، حيث قالوا قديما: إن القرآن نزل في مكة، وطبع في إسطنبول، وقرئ في مصر، وتتميز مدرسة التلاوة المصرية بعدد لا حصر له من القراء أصحاب الأصوات المميزة التي جمعت بين: حلاوة الصوت، والتمكن من الأداء، والحفظ التام للقرآن، والدراسة الدقيقة لفن التجويد من إدغام وإظهار وتنوين ومد وغيرها من أحكام التلاوة، فهم كما قال عنهم شيخ مشايخ كردستان في كتابه: (أفضل قراء القرآن) إنهم- أي القراء المصريين- يجتازون عتبات الأذن ليصلوا بالمتلقي إلى قمة النشوة القرآنية ليتخيل أنه يسبح فوق نهر من لبن.
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا: لقد حوت المكتبة المصرية العديد من الكتب الماتعة التي تناولت القراء المصريين، لعل من أشهرها كتاب الراحل محمود السعدني بعنوان: ألحان السماء الذي طبع للمرة الأولي سنة 1959م، وحوى قصصا ممتعة عن العديد من قراء الجيل الذهبي في مصر لا يعرفها سوى مؤلف الكتاب بعدما صحبهم في حياته لأيام طويلة، وسجل كل ما وصل إليه من حكاوي وقصص، وهناك كذلك كتاب الإذاعي أحمد همام بعنوان: سفراء القرآن الكريم الذي تناول فيه السيرة الذاتية لستة عشر مقرئا من مشاهير- حسب تعبيره- دولة التلاوة في مصر، حيث تناول المؤلف رحلتهم مع القرآن حتى صاروا نجوما تتلالأ في المجتمع المصري، وهناك كتاب: عباقرة التلاوة في القرن العشرين للصحفي شكري القاضي، وتطرق الكتاب لقراء لم يتحدث عنهم أحد قبل ذلك واعتبرهم المؤلف قراء عظاما مثل: الشيخ محمود البيحرمي، ومحمد محمود رمضان، والشيخ محمود أبو السعود، أما الجزء الأخير في الكتاب فحوى قائمة بأسماء القراء والمبتهلين المعتمدين في الإذاعة المصرية، وهي وثيقة مهمة توثق العديد من الأسماء التي ضاعت في صفحات التاريخ.
وأضاف "جمعة" تضم مدرسة التلاوة المصرية العديد من الأسماء البارزة التي تعدت في شهرتها حاجز الزمان والمكان، فهناك الشيخ محمود علي البنا الذي تناولت سيرته الشخصية ابنته الكاتبة آمال البنا، تحت عنوان: صوت تحبه الملائكة وقد ولد الشيخ في قرية شبرا باص مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية شمال مصر يوم 17 من شهر ديسمبر سنة 1926م، وحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية على يد الشيخ موسى المنطاش، وأتم حفظه وهو في الحادية عشرة، ثم انتقل إلى مدينة طنطا لدراسة العلوم الشرعية بالجامع الأحمدي، وتلقى القراءات فيها على يد الإمام إبراهيم بن سلام المالكي، كما درس الشيخ علوم المقامات، والموسيقى على يد الحجة في ذلك المجال الشيخ درويش الحريري، ولقب بسفير القرآن لكثرة سفره لمختلف الدول العربية وبعض الدول الأوروبية لقراءة القرآن بصوته الجميل، وأعتبر قارئا لجمعية الشبان المسلمين عام 1947م، وكان يفتتح كل الاحتفالات التي تقيمها الجمعية، وانضم إلى الإذاعة المصرية في عام 1948 حيث بدأ بقراءة ما تيسر من سورة هود، وتوفي الشيخ الجليل في عام 1985، ودفن في ضريحه الملحق بمسجده في قريته التي نشأ بها.