ولاء جمال تكشف كواليس الأغنية الوحيدة لسعاد حسنى من أشعار بهاء جاهين
تحل ذكرى رحيل صلاح جاهين يوم 21 أبريل، وقالت الكاتبة ولاء جمال: "كان لها أكثر من أب وأهم من صديق، كان لها السند والصدر الحنون الذي ترتاح عليه من هم الدنيا، وعندما رحل انكسر ظهرها، وأصبحت بلا سند في الحياة، وكأن عمودها الفقري قد انكسر معنويا قبل أن ينكسر حقيقة بعد رحيل صلاح جاهين عام ١٩٨٦، لم تجد سعاد سبيلا لرثاء أستاذها أفضل من أن ترثيه غناء، لعل صوتها يصل إليه، أو لعل روحها أن تسكن بعد أن تشعر بأنها قد قدمت إليه شيئا خاصا".
وأضافت في تصريحاتها لـ"الدستور": "كتب الشاعر بهاء جاهين رثاء في والده بعنوان "لحظة سجودي" يصعب علي من يستمع إليه أن يميز ما إذا كان قد كتبه ليعبر عن لسان حاله هو أم لسان حال سعاد حسني. كتب بهاء يخاطب ربه: (كان لي حبيب يارب من دمي \ وكنت باشكيله سبب همي\ وكان جميل فنان ..يارب يارحمن)".
بينما تؤكد أن "المدهش في أمر القصيدة التي تحولت إلي أغنية ليس فقط كونها الأغنية الوحيدة التي غنتها سعاد من أشعار الابن بهاء جاهين بل اختيار الملحن الذي أسندت إليه سعاد تلحين الأغنية.. اختارت سعاد الملحن الراحل الكبير محمود الشريف، وهو اختيار يبدو غريبا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الصلة الفنية الوثيقة بين سعاد والملحن كمال الطويل، الذي أسندت إليه تلحين جميع ماغنت في أفلامها ومسلسلها الوحيد "هو وهي" منذ تعاونت معه لأول مرة في فيلم "خلي بالك من زوزو" ١٩٧٣والذي تقاسم ألحانه مع سيد مكاوي وإبراهيم رجب، وبعدها سجلت آخر أغنياتها مع صلاح جاهين وكمال الطويل، وهي "صباح الخير يا مولاتي" التي قدمتها لوالدتها في عيد الأم، لم تختر سعاد كمال الطويل لتلحين الاغنية، وهو أيضا كان موجوعا برحيل صلاح جاهين، واختارت محمود الشريف الذي هو مدرسة ونمط آخر يختلف عن اللون الذي تقدمه سعاد، غير أن الشريف وضع لحنا رائعا للأغنية، وبدأ في عقد جلسات تحفيظ للحن مع سعاد علي العود الخاص به، يغني وهي تردد خلفه، ودارت آلة التسجيل، وسجلت إحدي هذه الجلسات التي غنت فيها سعاد كأجمل مايكون الغناء علي عود محمود الشريف، وبتوجيهاته، لكن المحزن في الأمر أن الأغنية لأسباب مجهولة لم تسجلها سعاد في الاستديو بمصاحبة الفرقة الموسيقية، وبقي فقط شريط جلسة التحفيظ الذي وجد طريقه إلي الإذاعة المصرية، فأذاعته مرة أو مرتين علي الأكثر".
وتحكي ولاء جمال تفاصيل تسجيل سعاد للأغنية فتقول: "تبدأ سعاد في البداية بغناء مذهب، ثم يقوم الشريف بعدها بغناء المذهب نفسه، فتبدي سعاد استحسانها وتقول له "الله..كله ماشي علي العود والوتر" ثم يبدأ الشريف بعزف المقدمة الموسيقية للكوبليه الثاني علي ايقاع الفالس، وتردد سعاد خلفه دندنة صوتية، فيقول لها : "خشي علي طول علي الفالس"، فترفض وتستمر في الدندنة قائلة له : "لا انا هاخش علي اللازمة" فيرد عليها "انا بوريلك اللحن هايمشي إزاي" ويتابع ضاحكا، وتصل سعاد وهي منتشية إلى المقطع الذي تدعو فيه الله أن يسكن صلاح جاهين الجنة، فتغني بروعة علي إيقاع الفالس: "يا رب كن له في البعاد جنة، جنة بلا أسوار كما اتمني".
واختتمت: "تسجيل نادر ومهم جدا، من المؤسف أن يستقر في أدراج الاذاعة دون اهتمام بل من الممكن أن يتم التعامل معه كما فعل محمد عبد الوهاب مع أغنية "من غير ليه" عندما أخذ صوته من شريط جلسة تحفيظ جمعته مع عبد الحليم، وقام بتركيب موسيقي الأغنية بمصاحبة الفرقة الماسية علي صوته بطريقة المكساج، لو أن هذه الأغنية تم التعامل معها بالمثل لأصبح لدنيا عمل فني جديد ورائع".