منهن أول خراطة فى مصر.. حكاية 3 فتيات ملهمات
تثبت لنا امرأة جديدة كل يوم أنها قادرة على خوض معارك جديدة ربما تكون لم تكتب لها ولكنها صممت على إثبات جدراتها فيها وقدرتها على تحقيق المستحيل، وهو ما أكدته وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، بأن المرأة المصرية حصدت العديد من المناصب القيادية وأحرزت تقدمًا هائلًا، وعلى الرغم من كثرة النماذج التي يمكن للمرأة اليوم أن تحتذي بها، إلا أنه من الصعب تحديد معالم تلك القدوة وصفاتها، فالنماذج في جميع أنحاء العالم متنوعة وفريدة، ووصلت الكثيرات لتلك المكانة بالعمل والمثابرة والتحلي بالشجاعة والإقدام.
في هذا التقرير نرصد لكم نماذج لفتيات خُضن معاركهن للوصول إلى ما يطمحن له.
إسراء علي: تصل لمنصب مديرة المدرسة اليابانية في ثلاثينات عمرها
عندما كانت إسراء علي، في الثانية والثلاثين من عمرها، أصبحت مديرة المدرسة اليابانية في أكتوبر، في بداية العام الدراسي لعام 2018، كانت عزيمتها المحفز الأساسي وراء وصولها إلى هذا المنصب، فمن بداية عملها معلمة فصل في مدرسة "المقضبة" بوسط سيناء، ثم أصبحت معلمة جغرافيا فقط لذات المدرسة،تدرجت في المناصب إلى أن وصلت إلى منصب رئيس وحدة جودة، ما أهلها لخوض هذا التحدي الجديد.
تقول إسراء: "أثناء تصفحي لوسائل التواصل الاجتماعي، وجدت إعلانا لمسابقة وزارة التربية والتعليم عن منصب مديرة للمدرسة اليابانية، فقررت أن أقدم فيها وبالفعل خضعت لكافة الاختبارات التي كانت عن طريق الإنترنت في هذا الوقت، وبعد فترة نسيت خلالها هذه المسابقة تلقيت رسالة أني نجحت بالفعل، وفي انتظار إجراء المقابلة الشخصية لمنصبي الجديد من ضمن المتقدمين لذات الوظيفة، ونجحت بتميز".
تحكي إسراء من البداية أنها تخرجت في كلية الآداب والتربية عام 2008، وحصلت على الماجستير عام 2012 والدكتوراة عام 2015 بدرجة امتياز، عن أبحاثها في مناهج وطرق التدريس التعليمية، وطبعت رسالتها في كتاب بعنوان "معايير التنور التكنولوجي في الجغرافيا".
طموحات إسراء كانت لا تنتهي بالفعل، ففي عام 2016 تقدمت في البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب، موضحة: "دا تزامن مع قبولي في منحة الـ(ITI)، وعقب ذلك بسنة أجريت الامتحان من جديد، وانضممت للبرنامج عام 2017"، معلقة عن هذه التجربة: "كل اللي درسته في حياتي من يوم ما اتولدت حاجة، واللي أخدته ودرسته من يوم ما بدأت في البرنامج الرئاسي من شهر أكتوبر 2017 وحتى نهايته حاجة تانية خالص، لحد ما أموت هفضل أقول أن اللي أثقل مهاراتي وغيرني تمامًا هو البرنامج اللي دخلني المطبخ السياسي".
وتضيف إسراء، أن تدريبات البرنامج الرئاسي استمرت لمدة عام كامل انقسمت فيها حياتها بين التدريب وحياتها الأسرية والتي كانت في هذا الوقت في أسوان لانتقال زوجها هناك بعد نقل عمله، لتستمر في تحديها لنفسها نشأتها ومن أجل أسرتها أيضًا.
- أميرة عصام تشارك الرجال في مجال خراطة الحديد لتصبح مدربة بكليات الهندسة
لم تحلم أميرة عصام مثل أقرانها ممن في مثل عمرها أن تكمل دراستها في الثانوية العامة لتخرج منها إلى كليات القمة من الطب والهندسة أو حتى الكليات الأدبية الأخرى التي يتسابق الملايين للوصول إليها، فكان لها أحلام أخرى، وهي أن تنهي تعليمها في الثانوي الصناعي والالتحاق بالكلية التكنولوجية "المعهد الفني الصناعي"، حيث درست التشغيل والتشكيل، وهو ما قد كان بالفعل.
وعقب تخرجها من المسابقة، قررت استكمال مشوارها التعليمي في مجال الخراطة بالدراسة في الجامعة العمالية، لتصبح أول مدربة خراطة في مصر، لدراستها التي تخصصت فيها على التشغيل والتشكيل وجميع أنواع المكينات إلا أن ماكينة الخراطة هي ما لفتت نظرها.
تحكي أميرة: "لفت نظري في مكن الخراطة، أنها تقدر تصنع أي معدات غيار موجودة في أي مكان في الدنيا، أبسط مثال المسمار والصامولة، تقدر تصنع كل حاجة بالمقاسات والأحجام والشكل بأي خامة، قدرت أعمل بيها مقلمة، وزُهرية ورد، وأشكال ديكورية تتحط على المكتب مش بس تستخدم في الصناعة".
وتخطت أميرة كل صعاب مهنتها الجديدة التي كان يخشاها فتيات كثيرات غيرها لتعمل بيدها في مكنة الخراطة، تقول: "روحت للعامل الفني وقلتله عايزة أعرف بتشتغل إزاي، وإزاي أقدر أطلع منتج"، ليفاجيء العامل بجرأة هذه الفتاة التي اعتاد من أقرانها عكس هذا الحماس، "كان بيشرحلهم وهما واقفين من بعيد مش متعود بنت تشتغل بإيديها".
وتتابع أنه عقب تخرجها عام 2013 حصلت على منحة في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وحصدت المركز الأول وسط المجموعة المشاركة معها، ومع تميزها في مجال عملها، تم منحها وظيفة للعمل في ورشة الخراطة في مجمع خدمة الصناعة التابع للاكاديمية، لتصبح أول فتاة مصرية تعمل مدربة في ورشة للخراطة في مصر.
تستكمل: "نزلت أول شهر تحت التدريب للتأكد من مؤهلاتي ومهاراتي والحمد لله أثبت نفسي وسط الشباب، وقدرت استفيد منهم، وكانوا متحمسين إن أنا اتعلم واشتغل بإيدي، رغم إن كان في معدات فيها فك وتركيب وواجهت صعوبة في البداية معاها، لكن بالممارسة قدرت أتمكن منها"، بعد نجاحها وإثبات جدراتها واستحقاقها لعملها في مجال الخراطة أصبحت أول مدربة خراطة لطلبة كليات الهندسة والمعاهد الفنية.
- إيمان طالبة كلية الطب وأفضل حارس مرمى بفريق فتيات هوكي الشرقية
تدرس إيمان علي، الفتاة العشرينية، في كلية الطب جامعة الزقازيق وبجانب تفوقها الدراسي والعلمي في كليتها المنشودة منذ الصغر إلا أن ولعها بممارسة الرياضة وخاصة رياضة الهوكي لم يخمد أبدًا، لتمارس الاثنين جنبًا إلى جنب، لتصبح أفضل حارس مرمى هوكي على مستوى إفريقيا.
تحكي إيمان أنها عندما كانت في الصف الخامس الابتدائي بدأت في ممارسة الهوكي في مركز شباب الصيادين بالزقازيق مقر سكنها، ومع تشجيع والدها لها بعد أن وجد تميزها فى اللعبة وحرصها الدائم على التدريب لثقل مهاراتها، قدم طلبًا لنقلها إلى فريق الهوكي للفتيات بنادي الشرقية، جتى أصبحت حارس مرمى الفريق.
أضافت إيمان أنها شاركت في عدد من البطولات المحلية منذ أن انتقلت إلى فريق هوكي الشرقية، وسافرت لعدة دول منها بطولة الهوكي في أوغندا عندما كانت طالبة في الثانوية العامة وحصدت المركز الأول في بطولات الدوري وبطولات كأس مصر، منذ أن انتقلت للفريق وهي في صفها الأول الاعدادي.
تتابع، أنها استمرت في تدريبها وتمارينها حتى بعد التحاقها بكلية الطب، وعندما تحددت بطولة إفريقيا لهوكي الفتيات في الفترة من واحد ديسمبر وحتى 8 ديسمبر في عام 2019، كانت وقتها تؤدي امتحانات الفرقة الخامسة في كليتها، إلا أنها تمكنت من الانتهاء قبل البطولة بإحدى عشر يوما من المعسكر المُقام للتدريب، "المدرب قالي خلصي امتحانات وملكيش دعوة هلحق أدربك".
تحكي إيمان عن الانتصارات التي حققتها خلال لعبها في فريق هوكي الشرقية للفتيات، بأنها في عام 2017 حصلت على لقب أحسن حارس مرمى في إفريقيا ببطولة كينيا للهوكي، مضيفة: "الهوكي كل حاجة بالنسبة لي، نظم لي وقتي، وعرفني على ناس، وساعد في تكوين شخصيتي، والسفر إلى أماكن لم أذهب إليها من قبل".