فوبيا الفيروس.. ظل كورونا الذي يخطف الأرواح
لم يكن "سعد. ف. ع" صاحب الـ59 سنة، أول مريض كورونا يتوفى منتحرًا، فنزعه لقناع التنفس الصناعي قبل قفزه من الطابق الثاني من المستشفى حميات أشمون العام بالمنوفية أصبح مشهد متكرر في عدد من المستشفيات.
تبرير ذلك يعود لما يعانيه بعض المصابين والمتعافين من فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19)، من بعض الآثار طويلة الأمد بعد التعافي من الفيروس، بينها آثار عضوية تتمثل في الإرهاق المستمر أو استمرار فقدان حاستي الشم والتذوق، وأخرى قد تتمثل في هيئة اضطرابات نفسية جراء الإصابة السابقة وخشية تكرار التجربة الصعبة بعد التعافي، وهي لحظات من الرعب والضغط النفسي.
لهذا الغرض نصحت وزارة الصحة في أكثر من مناسبة مصابي كورونا بالتواصل مع الأصدقاء والأهل عن طريق الهاتف ومكالمات الفيديو، لتقليل التوتر، إذ إنّ الصحة النفسية تؤثر على مناعة الجسم، كما أكدت الوزارة ضرورة الابتعاد وعدم التعرض للأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي للحد من الشعور بالقلق، وحال استمرار القلق وعدم القدرة على التحكم به، يتم التواصل مع فريق الدعم النفسي بالوزارة على الخط الساخن الخاص بها.
وعن الأعراض والعلامات التي تنذر بالوضع النفسي لحامل الفيروس كي لا نصل للانتحار، قالت الدكتور منال عمر أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس، إن هناك عدد كبير من المؤشرات تبين لنا أن مريض كورونا يحتاج دعم نفسي لكن للأسف يتم تجاهلها أبرزها المبالغة والإفراط في استخدام الكحول في غير أوقات الاحتياج، سواء كان هذا السلوك صادر من متعاف أو من غير المصابين بفيروس كورونا، ويجب استشارة طبيب نفسي متخصص حتى لا يتطور الأمر إلى وسواس النظافة ويتطور لوسواس قهري مزمن من الصعوبة التخلص منه.
وأكملت إيمان عمر لـ"الدستور"، أن القلق والخوف الشديدين قد يدفع البعض للمبالغة في استخدام الكمامة الطبية دون احتياج، كأن يستخدمها وهو جالس بمفرده في الغرفة خوفًا من الإصابة بفيروس كورونا، وقد يرتدي كمامتين في الوقت ذاته مع انه لا يعطي نتيجة إيجابية كما يظن بل على العكس هو مضر للجهاز التنفسي حيث يحجب ثاني أكسيد الكربون من النفاذ عند زفيره.
أما الدكتور جمال فرويز، يرى أن هناك علامات كثيرة توَّجهنا للتعامل مع طبيب نفسي إثر تفشي وباء كورونا المستجد لعل أخطرها ما نجم عن متابعة الأخبار والتعداد اليومي للإصابات والوفيات، سواء في الداخل أو الخارج، وزاد الأمر سوءًا حينما اتسعت دائرة الإصابات لتصل للدائرة الشخصية للأفراد وباتت منشورات إعلانات الوفاة والإصابة تحاصره على مواقع التواصل الاجتماعي، مما تسبب في حالة اكتئاب وهلع جماعي، وهناك بالفعل من كانت لديهم بوادر مشاعر سلبية فجاء الوباء ليودي بهم في براثين المرض النفسي.
أكمل "فرويز" أن الهوس بمتابعة أخبار الوفيات طوال اليوم والتوهم بالمرض، فهنا وجدنا أشخاص غير مصابين بكورونا يتناولون برتوكولات العلاج المنتشرة لمعالجته، دون أن يشعر بأي مؤشرات للإصابة به، وعندما يُسأل المريض عن تفسير فيجيب إما أنه يأخذها من باب الحيطة أو أنه لا ينتظر نتيجة إيجابية لحالته فهو يعلم أكثر من التحاليل.
وحذر من فوبيا كورونا التي جعلت البعض يخشى الاقتراب من أي شخص خشية الإصابة حتى بين أفراد الأسرة الواحدة وهو شكل آخر من أشكال الاضطراب النفسي، أشار إليه استشاري الطب النفسي، معتبر تلك العلامات السابقة إنذار للأسرة بضرورة عرض الشخص على طبيب نفسي متخصص، كي لا نصل للبارانويا.