«عام العزل».. كيف استطاعت الحكومة حماية الآلاف من البطالة؟
مارس ٢٠٢٠ شهد أول إغلاق عالمى من نوعه في العصر الحديث بسبب غلق حركة الطيران والمطارات بين دول العالم المختلفة بسبب جائحة كورونا المستجد الذي ضرب العالم في يناير من العام ذاته، فحاولت كل دولة تقليل فرص انتشار العدوى وتوطن الفيروس بوقف استقبال مواطنين من الخارج اَيًا كان الغرض الآتين لفعله، وبالتبعية تأثر سوق العمل وفرص التوظيف سواء بالداخل أو مجالات عمل عابرة الحدود.
محليًا، تأثرت مصر بشكل واضح بهذا القرار الأممي، لاسيما بعد توقف عدد من الدول العربية عن استقبال العمالة، كالسعودية التي أصدرت قرارًا بوقف تأشيرات الدخول لها سواء للعمرة أو العمل، فهي تستوعب أكبر نسبة عمال من مصر، حيث تستحوذ على 60% من سوق العمل بالخليج بنحو 2.5 إلى 3 ملايين عامل، تلتها الإمارات بنحو مليون عامل ثم الكويت، بنحو 750 ألف عامل، ثم عمان بنحو 500 ألف عامل ثم البحرين بنحو 250 ألف عامل وأخيرًا قطر بنحو 100 ألف عامل، وتستحوذ دول الخليج على نحو 60% من إجمالي العمالة المصرية وتستحوذ أوروبا على نحو 20% والباقي موزع على كل دول العالم.
من بين المتضررين كان المهندس محمود عبدالرحمن الذي قد أنهى كل إجراءات التعاقد على العامل داخل شركة سوديك للتعدين والبترول في المملكة السعودية في السابع والعشرين من فبراير، وكان مقررًا سفره لهناك وتنفيذ العقد في الـ٢٠ من مارس، لكن أتت كورونا لتضرب مخططاته في مقتل، ظل عقده عالقًا قيد التنفيذ لـ٦٠ يومًا كما مقيد في شروطه حتى فُسخ، يوضح "محمود" أنه حاول الخروج من الأزمة بعد أن سمع عن ملتقى توظيف الجيزة الذي أقيم بنادي الترسانة في يونيو الماضي، وبالفعل عن طريق وزارة القوى العاملة قد حصل على عقد عمل بإحدى شركات البترول بمدينة القصير في الصحراء الشرقية، وتسلم على الفور في اول أغسطس بعد استيفاء أوراق التقديم.
ليس وحده من استفاد في عام العزل من فرص العمل التي وفرتها الدولة، حيث حققت وزارة القوى العاملة، عددًا من الإنجازات على مدار عام 2020، شملت تشغيل 221 ألفًا و808 راغبين في العمل بسوق العمل الداخلي، من بينهم 2318 من ذوي القدرات الخاصة، وتوفير 102 ألف و390 فرصة عمل بمنشآت القطاع الخاص بعد أن تم عقد ملتقيين لتوظيف شباب محافظتي القاهرة بورسعيد، ومن خلالها تم توفير 5 آلاف و789 فرصة عمل، وتم اعتماد 17 ألفًا و844 تأشيرة وعقد عمل بالخارج، وتسوية 1586 شكوى، فضلًا عن مساهمة مكتب التمثيل العمالي التابعة للوزارة بالخارج في تحصيل ما قيمته 208 ملايين و543 ألفًا و721 جنيهًا مستحقات العاملين المصريين بالخارج بعد تضررهم.
الفتيات أيضًا قد حصلوا على فرص عمل ملائمة تتوافر بيئة عمل آمنة تراعي التباعد الاجتماعي والإجراءات الواقية من العدوى، من بينهن آلاء الصاوي، ابنة محافظة السويس، خريجة كلية الآداب قسم جغرافيًا دفعة ٢٠١٨، وكانت تنتظر انتهاء عام الخدمة المدنية للحصول على فرصة عمل مناسبة، لكن الوباء عطل رحلة بحثها، خوفًا من التقاط العدوى التحقت بمكان بعيد عن بلدها تحتاج لاستقلال مواصلات عامة تحتك فيها بحاملي الفيروس.
وتذكر صاحبة الـ٢٥ علم أنها اشتركت في ملتقى توظيف بورسعيد كمحاولة اتسمت بالبؤس، نظرًا لأنها لا تملك اَي خبرات، لكن سرعان ما تواصلوا معها لتقديم أوراقها في أحد المكاتب الاستشارية للمساحة، وتخضع لتدريب ثلاثة شهور في أحد المشروعات القومية المجاورة لقناة السويس، وبالفعل بعد انتهاء المدة وقعت على عقد توظيف سنوي مع تأمين اجتماعي.
٢٠٢٠ يعد عامّا كارثية على عدة أصعدة، لكن استطاعت مصر تجاوزها نسبيًا بعدة برامج قدمتها وزارة القوى العاملة لتحقيق الرعاية الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة، بالمساهمة بمبلغ مليار و300 مليون و108 آلاف جنيه ضمن المبادرة الرئاسية للعمال غير المنتظمة من خلال حسابات الرعاية الاجتماعية والصحية للعمالة غير المنتظمة بالوزارة، وصرف 62 مليونًا و875 ألف جنيه على الرعاية الاجتماعية والصحية، وإصدار شهادات «أمان» بإجمالى مليونين و72 ألف جنيه لهذه الفئة من العمالة.
وفي سياق متصل، تم إبرام 58 اتفاقية عمل جماعية، استفاد منها 25 ألفًا و785 عاملًا وفض 37 احتجاجًا، فضلًا عن إنشاء غرفة عمليات لمتابعة تنفيذ الإجراءات الاحترازية لتداعيات فيروس كورونا فى 38 ألفًا و459 منشأة.