المستشار محمد عبد المولى يكتب: «سيادة مصر خط أحمر»
رد فعل مصر الدولة أمام التقرير الصادر من الاتحاد الأوربي بشأن أوضاع حقوقالإنسان يعبر عن السيادةالمصرية التي تُعني كل مصري وتعلو فوق كافة الاعتبارات الأخرى، وهي أمر مهم وجوهري لدى جميع المصريين سواء العامليين بالسياسة أو غير المهتمين، وكذلك المهتمين بملف حقوق الإنسان أو غير المعنين بالأمر أصلاً.
المؤكد أن السيادة المصرية أمر
يأتي قبل أي خلاف أو اختلاف، وحتى لا نكون أمام مزايدات سياسية يحترفها البعض، أود
أن أطرح على المصريين سؤالاً؛ هل يمكن أن ينحاز مصري، أيا كان توجهه السياسي، على
قوة خارجية أو دولة تعادي مصر، الإجابة بالقطع، لا، ومن يفعل ذلك سيكون خائن لهذا
الوطن، ونحن المصريون جميعا لا يمكننا أن نفكر مجرد التفكير في أن نفرط في سيادة
هذا الوطن، ويجب أن يكون ذلك شعور الجميع والمعارض قبل المؤيد، لأن الحديث عن
سيادة هذا البلد أمر يعلو فوق جميع الاختلافات وأيضا الخلافات حول الرؤى
والسياسات.
ويبقى الشأن الداخلي
أمر يهم المصريين فقط، باعتبارهم أصحاب القول الفصل في حسم قضاياهم وهم المعنين بمناقشةأوضاعهم
وهم وحدهم من يملكون حق الحديث عن حرياتهم وحقوقهم.
والحقيقة أن تردي كل
هذه الظروف المحيطة بالشعب المصري تضع حقوق الإنسان في مأزق، فهل توفير الخبز لجائع
حق من حقوق الإنسان أم لا؟ وهل توفير سرير وخدمة طبية لائقة حق من حقوق الإنسان؟ وهل إتاحة حد أدنى من التعليم حق من حقوق الإنسان
وهل توفير مناخآمن، جاذب للاستثمار حق من حقوق الإنسان المصري؟
والإجابة لدى أن كل هذه
القطاعات تمثل حق من حقوق الإنسان التي لا يمكن التخلي عنها، والتي تسعى الدولة
المصرية إلى توفيرها بأعلى كفاءة، على مدر السنوات الماضية، وعلى ذلك فإن أردت أن تقرأ
تقريراً عن حقوق الإنسان فلابد أن يغطي هذا التقرير كافةأوضاعحقوق الانسان عند
المصريين.
لكن يبقي السؤال الأبدي
في هذه القضية هل يمكن أن يساء استخدام أولويات إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية والخدمية
المترديةعلى مدارستين عاما، مبررا لتردي أوضاع حقوق الإنسان المتمثلة في التعبير عن
الرأي والسعي للتداول السلطة؟
وهنا يظهر الأمر جليا، أن الإصلاح لابد أن يكون شاملاً متدرجاً لتغطية كافة مناحي المجتمع التي أصابها التردي وأن يصعد الأمر برقي الشعب المصري بخطوات ثابتة قد تكون بطيئة بعض الشيء لكن الأهم أن تكون شاملة لكل القطاعات التي تعبر عن حقوق الشعب المصري في حياة كريمة، ولا يستقيم أبداً أن يكون إصلاح الوضع الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والخدمي مبرراً لإهمال حقوق الشعب في حريه التعبير عن الرأي والتداول السياسي وتعدد القوىالسياسية، وبذات المنطق لا يمكن للقوى السياسية أن تُنكر كل إصلاح يتم لأوضاع الشعب المصري وإنكار كل الجهود المبذولة التي توصف بأنها خطوات رائعة في إصلاح أوضاع المجتمع المصري والتمسك فقط في تلابيب تردي أوضاع حريه التعبير عن الرأي.
الشعب الذي مارس
الاختيار السياسي للنظام الذي سيحكمه لابد أن يطمئن لوسطية القوى السياسية وتعاملها
مع همومه حزمة واحدة، وإشعاره أن إصلاح الأوضاع الاجتماعية والصحية والتعليمية والسكنية
تكتمل بإصلاح لحقوقه في حقوق التعبير.
ولابد أن يطمئن الشعب أن
قضاياه وهمومه داخلية غير قابلة للتداول الدولي أو الإقليمي وأن سيادته ليست محلاً
للجدل، ولابد أن يعلم أن الساعي للسلطة كما يرىأحوال التعبير عن حرية الرأي يرى أوجاع
الموازنة وأهمية توفير سبل العيش الرغد للشعب وأن القوات المسلحة المصرية التي حفظت
هذه البلاد من شر الانهيار والفتن، ليست لعبة لخدمة ايدلوجيا أوأجندة سياسية أو طائفية،
لكنها درع هذا الوطن، وحافظ سيادته، التي هي بالتأكيد لنا جميع "خط
أحمر".