شبانة: صراع إثيوبيا له جذور تاريخية وباقي القوميات قد تنتفض
قال الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية، مدير مركز البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة، إن الصراع الدائر الآن في إثيوبيا جراء حرب الحكومة الفيدرالية في إقليم تيجراي سيكون له تداعيات إقليمة ودولية وليس فقط محلية.
وأوضح شبانة في تصريحات لـ«الدستور» أن إثيوبيا تشهد في الوقت الراهن صراعا بين الحكومة المركزية وميلشيات إقليم تيجراي شمالي البلاد، وقد جاء الصراع نتيجة الصدام والخلاف على بعض المسائل المتعلقة بإدارة الحياة السياسية.
وأشار الخبير في الشأن الإفريقي إلى أن رئيس الوزراء آبي أحمد يقول إنه يتبع سياسة الإصلاح ومحاربة الفساد ويحاول استبدال الحرس القديم بقيادات جديدة وإنشاء حزب جديد وهو حزب الرخاء الذي يقوم على أنقاض الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا الحاكم منذ عام 1990 مع استبعاد جبهة تحرير تجراي، وكان هذا هو الصدام الأول بينهم فقد كانت الجبهة تتولى السلطة منذ 1991.
وأضاف شبانة أن السبب الثاني للصدام هو تأجيل الانتخابات فقد كان مقررا عقدها في أغسطس 2020 لكن تأجلت بسبب فيروس كورونا، والأمر الآخر للخلاف أن حكام تجراي اتجهوا لإجراء انتخابات في الإقليم لم تعترف بها الحكومة، وحدث الصدام السياسي ثم الاشتباكات المسلحة بين الحكومة والجبهة.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن آبي أحمد يتمنى أن يكون الصراع الحالي حربا قصيرة سريعة تؤتي ثمارها ويشترط لوقفها نزع سلاح تجراي واستسلامهم والقبض على قيادات تيجراي ومحاكمتهم واستعادة الشرعية، فيما يصر حاكم تيجراي على إقامة انتخابات تأتي بسلطة انتقالية تدير الانتخابات في عموم البلاد وهو ما يرفضه ابي أحمد.
واعتبر شبانة أن الاتحاد الافريقي لا يملك أكثر من الوساطة الناعمة في هذا الصراع، وحتى الوساطة الدولية اقتصرت على دعوات ضبط النفس، فقد حاول رئيس وزراء السودان عبد اله حمدوك التوسط لكن إقليم تجراي رفض الأمر، أما أوغندا تتوسط الآن بين الطرفين بشكل غير مباشر للوصول إلى اتفاق سلمي ينهي الصراع.
وأكد الخبير في الشأن الإفريقي أن هذا النزاع سيتسع أكثر لأنه طال إقليم أمهرة، وأسمرة عاصمة إريتريا فقد طالت صواريخ تيجرا الجانبين، وربما يتسع الصراع إذا تحركت ميلشيات أخرى تابعة لجبهة تحرير أوجادين أو إقليم الصومال الإثيوبي وكذلك في إقليم أمهرة وهذه التحركات موازية للتجراي ما يعني انتفاض القوميات في إثيوبيا.
وأضاف: "هذا الصراع سيؤثر على السودان لأنه يستقبل موجات لاجئين تقدر بالآلاف وستزيد الأيام المقبلة مع اشتداد الصراع، والسودان أخلاقيا لا يمكنه منع هذه الموجات، كذلك الصومال ستتاثر أمنيا لأن إثيوبيا سحبت ثلاثة آلاف جندي ضمن بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (اميصوم)، كذلك ستتأثر استثمارات دول الخليج العربي في إثيوبيا".
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أنه لا يوجد شواهد على وجود تدخل إماراتي في الصراع بدعم تيجراي، وأن الدعاية قطر تقف وراء هذا الأمر للوقيعة بين الإمارات وإثيوبيا وأعتقد أن أبو ظبي ليس لديها دوافع أو مصالح في هذا الأمر.
وأضاف: "أتوقع استمرار الصراع لفترة لأن كل طرف يصر على تحقيق مكاسب للاستفادة منها على مائدة التفاوض لذلك ليس هناك نهاية وشيكة لهذه الصراع، وإذا تم الاتفاق على وقف إطلاق النار سيكون هشا لأنه لن يعالج جذور الصراع الحقيقية وإنما يواجه أعراضه فقط.
وحذر شبانة ما أننا قد نشهد تحول تيجراي لدارفور جديدة ما سيقوض الاستقرار في إثيوبيا ومنطقة القرن الإفريقي وحتى حوض النيل، كما سيؤثر على مفاوضات سد النهضة لان أثيوبيا تتذرع بالأوضاع الداخلية من أجل تأجيل المفاوضات والمشكلة ليست في التأجيل لأن الانشاءات مستمرة مقابل توقف المفاوضات ما يصب في صالح إثيوبيا وهذا يمثل خصما من سقف المطالب المصرية وتهديد الأمن المائي المصري.