هل تنهي المليشيات تعنتها؟ اليوم بداية الحوار الليبي في تونس برعاية أممية
من المقرر أن تبدأ، اليوم الإثنين، اجتماعات الحوار السياسي الليبي الذي ترعاه الأمم المتحدة، في العاصمة التونسية، لتبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية تحقق السلام.
وهناك شكوك كبيرة حول ما إذا كان يمكن تطبيق هذه الخارطة بنجاح وضمان انتقال آمن داخل ليبيا، حيث يرفض الآلاف من المسلحين التخلي عن أسلحتهم حتى يحصلوا على حصة في السلطة القادمة، وتهدد قوى أجنبية متدخلة بنسف جهود السلام إذا ما هددت نفوذها ومصالحها.
وعشية بدء الحوار السياسي الذي دعت إليه الأمم المتحدة 75 شخصية ليبية، ارتفعت أصوات ميليشيات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق معلنة رفضها طريقة إدارة الحوار السياسي، وكثفت من خطاباتها التصعيدية في مسعى للتأثير في المسار السياسي لصالحها، وهو ما زاد من حالة عدم اليقين المحيطة بمصير نتائج هذا الحوار.
ومساء أمس الأحد، دعت قوة حماية طرابلس التابعة لحكومة الوفاق والتي تضم أقوى المليشيات المسلّحة في العاصمة طرابلس، الأمنيين والعسكريين والمواطنين الليبيين إلى عقد اجتماعات طارئة والخروج في مظاهرات رافضة للحوار السياسي، وانتقدت ما اعتبرته تعنت البعثة الأممية وتمسكها بقائمة حوارها.
وزعمت القوة أن ليبيا لن تنجو بمرحلة انتقالية جديدة يضعها مجموعة من مندوبي عملاء الدول أصحاب المصالح، ولن تستطيع الوصول إلى بر الأمان إلا من خلال حوار ليبي ليبي يشترك فيه كل أفراد الشعب دون انتقاء أو محاباة أو استثناء، على حد تعبيرها.
فيما استبق زعيم ميليشيا الصمود، صلاح بادي، مخرجات الحوار وأعلن رفضه لها وعدم التزامه بها، وكذلك رفض الاعتراف بالمشاركين في الحوار، وبالبعثة الأممية إلى ليبيا.
وأكد الزعيم المدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي منذ نوفمبر 2018 بتهمة زعزعة الأمن في ليبيا، تمسكه بالحرب وبالسلاح كخيار لحل الأزمة.
وكانت أكبر علامة للعراقيل التي تعترض تنفيذ الاتفاق العسكري الذي تم توقيعه بين الطرفين والذي مهد للمفاوضات السياسية، هو قيام ميليشيا مسلحة تابعة لحكومة الوفاق نهاية الأسبوع المنقضي بخطف ركاب طائرة مدنيين قادمين من شرق البلاد، وأعلنت قوات تابعة للوفاق رفضها فتح الطرقات البرية بين غرب ليبيا وشرقها وجنوبها.
من جانبه، يرى المحلل السياسي عبد المنعم الجهيمي، أن الميليشيات المسلحة لن تذعن لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه ممثلو حكومة الوفاق والجيش الليبي، وقد تتسبب في عرقلته أو خرقه أو جعله غير ذي قيمة، مضيفا أن حكومة الوفاق لا تستطيع فرض الاتفاق على هذه المجموعات التابعة لها أو المتحالفة معها، وفقا لقناة العربية.
وأوضح الجهيمي، أن غموض موقف حكومة الوفاق الرسمي من المقاتلين الأجانب، لا يجعلها قادرة على التعامل مع هذا الملف الذي يعتبر من أهم نقاط الاتفاق، مشيرا إلى أن الوفاق لا تزال مرتهنة بحسابات ومصالح الدول الداعمة لها مثل تركيا، وهو ما قد يجعلها غير قادرة على إدارة تنفيذها للاتفاق ومتابعته بشكل يساهم في نجاحه.
ولم تلتزم تركيا حتى الآن ببنود الاتفاق العسكري الذي وقعته اللجنة العسكرية (5+5) في مدينة جنيف السويسرية قبل أسابيع، وشكك الرئيس رجب طيب أردوغان في أهميته وجدواه، حيث تستمر قواتها في ليبيا في تدريب قوات تابعة لحكومة الوفاق رغم تأكيد الاتفاق على تعليق اتفاقيات التدريب العسكري داخل ليبيا، وهو ما من شأنه أن يعرّض المفاوضات السياسية إلى الخطر.
فيما قلل المحلل السياسي أبو يعرب البركي من إمكانية اصطدام مخرجات حوار تونس والاتفاقيات الموقعة بين طرفي النزاع، برفض أو تمرد الميليشيات المسلحة التي تتحكم في الأرض غرب ليبيا.
وأوضح البركى أن الخطابات التصعيدية لقادة الميليشيات بقدر ما تكشف حالة الخلافات العميقة بين أجنحة الوفاق وتضارب مصالحها فإنها تعبر عن طموحات هذه المجموعات المسلحة، حيث يحاول كل طرف الحصول على مكان له في الاتفاقيات القادمة وفي السلطة المقبلة.
وتابع البركي، "في حال تمكنت البعثة الأممية من إعلان سلطة تنفيذية جديدة، فإن كل المشهد سيتغير وستختفي كل هذه الصراعات، وإذا وجدت الإرادة الدولية فإن كل الاتفاقيات ستستمر وتنفذ بقوة المجتمع الدولي ولن يوجد أي طرف قادر على الرفض أو التمرد على الحل السياسي المرسوم دوليا"، بحسب قوله.