«ملتقى التصوف» يناقش الأبعاد التربوية لتدبير للأزمات
بلغت أشغال النسخة الخامسة عشر من الملتقى العالمي للتصوف الذي تنظمه مؤسسة الملتقى والطريقة القادرية ومشيختها، بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الاسلام اليوم، يومها الخامس وجلستها الثامنة، والتي اختير لها عنوان "التصوف وتدبير الازمات: أصول نظرية وأبعاد تربوية"، أشرف على تسيير أعمال هذه الجلسة الدكتور عبد السلام الغرميني أستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
المداخلة العلمية الأولى جاءت بعنوان "التصوف المغربي وتدبير الأزمات مفاهيم وتجليات"، قدمها الدكتور خالد التوزاني أستاذ باحث في التصوف وفي الآداب العربية ورئيس المركز المغربي للاستثمار الثقافي "مسار".
حيث طرح مجموعة من المفاهيم المرتبطة بالتصوف السني الصحيح، محاولا تصحيح جملة من التمثلات الخاطئة والشائعة، كما أبرز دور التصوف في فترات الأزمات منذ القرن العاشر الهجري، وشدد على أن التصوف ليس جزء من الأزمة بل هو حل ومقاومة وتدبير لهذه الأزمات، حيث عملت الزوايا على مقاومتها من خلال إطعام الفقراء وإيواء المحتاجين، فكانت بذلك صمام أمان في هذه الفترة كما عملت على مقاومة الجهل والانحطاط الفكري والعقدي، وذكر كذلك بأن التصوف المغربي هو تصوف السلوك وتصوف التزكية، وهو أحد أبرز الثوابت الوطنية وعرفه على أنه الصدق مع الحق وحسن الخلق مع الخلق.
"التصوف وأزمة التعايش وآداب الحوار" كان عنوان مداخلة الدكتور محمد عبد الله، وهو داعية صوفي عراقي، قدم من خلالها عدة تعاريف للتصوّف معتمدا بالأساس على بعض أقوال ابن تيمية في التصوف والصوفية، لأنه هو الذي يستند إليه السلفية الذين خلقوا أزمة التعايش مع الصوفية.
المداخلة الثالثة قدمها الدكتور محمد الهاطي أستاذ باحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة (المغرب)، وجاءت بعنوان "الرشد الأخلاقي وأسسه المعيارية في التخفيف من آثار الأزمات"، خصصها لإبراز فضائل مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومظاهر تكريمه من خلال سورة الضحى، وأكد على ضرورة إدراك الكمالات المحمدية ولزوم القدوة الحي، والوارث المحمدي لهذه الكمالات.
وقدم الدكتور مصطفى بوزغيبة المداخلة الرابعة، وهو باحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة بمدينة وجدة (المغرب)، جاءت تحت عنوان "جهود شيوخ التصوف في التخفيف من آثار الجوائح والكوارث"، قدم من خلالها تشخيصا للمنظومة الأخلاقية التي تعاني من خلل كبير ظهر بجلاء في فترة الجائحة الحالية من استغلال وانتهاك لمصالح الفقراء عن طريق الغش والاحتكار والتلاعب وانتشار الاجرام، ودعا للاستثمار في الرأسمال البشري وهو الشغل الشاغل لرجال التصوف عن طريق التربية الأخلاقية التي تعد المدخل لأي إصلاح للخروج من رحاب المادة إلى رحاب الروح، روح المحبة والسلام وكذلك عن طريق العلم من أجل التصدي للجهال والمحتالين والمتطرفين.
المداخلة الخامسة قدمها الدكتور ميمون عراص من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، جاءت بعنوان "تدبير رجال الصوفية للكوارث والأزمات بين الحكمة والحكامة الولي أبو يعزي يلنور نموذجا "، بعد التذكير بدور شيوخ التصوف في التخفيف من حدة الأزمات كالجفاف والأوبئة وغيرها، قدم المتدخل نبذة عن الشيخ ابي يعزى يلنور المشهور بمولاي بوعزة وعدد خصاله ومكرماته وبالخصوص كرامة الاطعام التي عرف بها، من خلال إكرام الأعداد الكبيرة من الوافدين على زاويته رغم قلة مؤونته.
المداخلة العلمية السادسة جاءت بعنوان "التصوف وتخطي أزمة السلوك نحو إعداد الفرد لعالم متغير"، ألقاها الدكتور عبد الناصر اشلواو باحث في التصوف وتحليل الخطاب، من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أبرز من خلالها تجليات أزمة الأخلاق والسلوك التي تعيشها مجتمعاتنا، والتي تعكس الأمراض باطنية التي من أجلها بعث الله النبي الكريم مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وبين أن القيم الصوفية تروم إحداث تغيير في بنيات الفرد والمجتمع لأن رجال التصوف يركزون على القلب الذي إن صلح صلح سائر الجسد.
"التصوف وأزمة التعايش والحوار مع الآخر"، كان عنوان المداخلة الاخيرة من هذه الجلسة، ألقاها الدكتور اسماعيل سرحان، وهو داعية صوفي من لبنان، أكد من خلالها على أن التصوف الحق هو علم وعمل، وأن الصوفية هم أكثر الناس استقامة على التوحيد والتواضع واظهار الافتقار الى الله، مضيفا أن التصوف دعوة إلى الحق بالحكمة والكلمة الطيبة وصفاء القلب، وذلك اقتداء بالرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالصوفي مشاء بين الناس، حمال للود والعلم متجنبا للجهل والكسل.