ماذا يريد العرب من الرئيس الأمريكى المقبل؟
كشفت دراسة جديدة أجرتها صحيفة« Arab News»، وشركة «YouGov» الاستطلاعية عن المواقف المتنوعة للعرب من جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تجاه الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020.
واستضافت وحدة أبحاث ودراسات «آراب نيوز» ندوة لكبار الخبراء الدوليين من جامعة واين ستيت ونيوستوك فلوريدا ومركز مبادرات الإعلام والسلام، عن طريق الفيديوكونفرنس لمناقشة نتائج استطلاع «Arab News YouGov» الذي شارك فيه 3000 عربي من جميع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البالغ عددها 18 دولة، حول الانتخابات الأمريكية، وماذا يريدون من الرئيس الأمريكي المقبل، وقد ضم الحدث خبراء من جميع أنحاء الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وأدارها فيصل عباس رئيس تحرير «آراب نيوز».
النأي عن سياسات أوباما
أكد علي الخضيري، الرئيس التنفيذي لشركة Dragoman Ventures الأمريكية للإستشارات الدولية، والذي عمل كمساعد خاص لخمسة سفراء أمريكيين وقدم استشارات لثلاثة رؤساء أمريكيين، أن العرب ينظرون بأغلبية ساحقة إلى سياسات عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بشكل سلبي، وهو ليس بالأمر المفاجئ.
وأضاف خلال الندوة، إن العرب يدركون أن إرث السياسة الخارجية لأوباما في الشرق الأوسط كان بمثابة إخفاقات متكررة.
وقال:«إذا قمنا بجولة سريعة في المنطقة في عهد أوباما، فستتذكر أن أوباما تدخل في ليبيا عسكريًا، ثم تخلى عنها وتركها تنزلق إلى حرب أهلية وصراع دموي، كما تخلى عن الرئيس المصري محمد حسني مبارك لصالح الإخوان، وكان غير مدرك لحقيقة أن الفراغ المتبقي سوف يملأه جماعة الإخوان المسلمين على وجه التحديد».
وأشار «الخضيري» إلى إيران - التي ينظر إليها العرب على أنها واحدة من أكبر التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة على مستوى العالم - على أنها فشل رئيسي آخر لإدارة أوباما وبايدن، وهو فشل يدركه العرب بشكل خاص.
وقال «الخضيري»: «في عهد أوباما-بايدن زاد نفوذ الحرس الثوري الإيراني في المنطقة عبر عدة دول عربية منها سوريا والعراق ولبنان وأفغانستان واليمن».
وأضاف، أن هذه الإخفاقات لم تخفى على العرب من جميع أنحاء المنطقة، وهم لا يريدون أربع سنوات أخرى منها.
وتابع الخضيري: «بشكل عام لست مندهشًا من أن غالبية العرب يريدون من بايدن أن ينأى بنفسه عن إرث أوباما»، مضيفًا: «بالنظر إلى سجل أوباما، ربما يريد العرب إلى تبني بايدن مسار أفضل من أوباما، ويخرج عن سياسات تلك الحقبة»
نهج أكثر توازنًا تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
وبالنسبة لملف القضية الفلسطينية، وما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة في حلها، أيدت أغلبية طفيفة من الفلسطينيين الذين شملهم الاستطلاع في الأراضي المحتلة (5248 %) جهود الولايات المتحدة للعب دور أكبر في الوساطة الإسرائيلية الفلسطينية، وبنفس الهامش، عارض المشاركون من جميع البلدان الـ 18 مجتمعة دور واشنطن.
وقال روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في سوريا والمحلل السياسي في معهد الشرق الأوسط، إنه «بالنظر إلى مكانة واشنطن كقوة عظمى لا يمكن إنكارها، فإن هذا الاكتشاف يجب ألا يكون مفاجئًا، وبحسب نتائج الاستطلاع، فيما يتعلق بالفلسطينيين في الأراضي المحتلة فهم يريدون المساعدة، إنهم يريدون نفوذًا أمريكيا أكبر على إسرائيل من أجل تأمين ما يعتبره الفلسطينيون مطالبهم العادلة».
وتابع: «إذا كانت الرئاسة الديمقراطية سيكون هناك انشقاقًا داخل الحزب بين الشباب الأمريكي الذين يدعمون القضية الفلسطينية والجناح التقليدي الذي يعتبر بايدن جزءًا منه».
ووافقت دكتورة دانية قليلات الخطيب، المديرة التنفيذية لمركز الاستشاري الاستراتيجي، على آراء فورد بشأن الانقسام بين الفلسطينيين والعالم العربي، قائلة: «إن نتائج الاستطلاع تؤكد البراجماتية الضرورية التي يتبناها الفلسطينيون المنخرطون بشكل مباشر في الصراع، والتي تتناقض مع العرب من أماكن أخرى، الذين ليس لديهم مصلحة مباشرة في حل الصراع الذي يبدو مستعصيًا على الحل».
وأوضحت أن الولايات المتحدة قوة عظمى، والفلسطينيون يعرفون ذلك، وهم يعرفون أنهم بحاجة إليها من أجل التوصل إلى حل، لكنها أضافت أن هناك بعدًا آخر يلعب في القضية الفلسطينية، وهو الاستقرار الإقليمي والعالمي.
وقالت: «الإخوان المسلمون وإيران يدّعون الشرعية من خلال ربط أنفسهم بالقضية الفلسطينية، بغض النظر عما إذا كانوا مهتمين بها أم لا، نعلم أنهم لا يهتمون، لكنهم يدّعون ذلك».
وتابعت: «لذا، إذا حللنا القضية الإسرائيلية الفلسطينية، فسيزول المصدر الرئيسي للشرعية التي تعتمد عليها هذه الحركات المزعزعة للاستقرار»، مضيفة إن هذا يجعل حل الصراع قضية أساسية لاستقرار المنطقة، وبالتالي لاستقرار العالم.
واستشهدت الخطيب بأهمية استطلاع «Arab News-YouGov»، قائلة: «إن المناقشات القائمة على الحقائق، واستطلاعات الرأي ضرورية للولايات المتحدة لكي يكون لديها نهج أكثر توازنًا تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني».
مواصلة الموقف الأمريكي المتشدد تجاه إيران
وأكد خالد عبد الله جناحي، رئيس رئيس مجلس إدارة شركة «فيجن 3»، أن العرب يجب ألا يعتمدوا على الولايات المتحدة لحل النزاعات في الشرق الأوسط، ولكن بدلًا من ذلك لابد أن يؤكدوا حقوقهم كمواطنين في معالجتها.
وأشار إلى إنه في حين انقسم العرب حول بعض القضايا، كانت هناك قضية واحدة مصدر اتفاق ساحق، بغض النظر عمن سيصبح رئيسًا في 3 نوفمبر، وهي أنه يجب على الولايات المتحدة مواصلة موقف ترامب المتشدد تجاه إيران.
وأضاف أن احتواء إيران وحزب الله من بين القضايا الرئيسية الأربع التي أراد المستطلعون التركيز عليها من قبل الرئيس الأمريكي المقبل، وافق ثلث المستطلعين في جميع الدول الـ18 على أن الولايات المتحدة يجب أن تستمر في عقوباتها تجاه طهران.
ومن جهته، قال الخضيري، إن قضية إيران بالنسبة للعرب وكل شخص آخر في المنطقة هي من أكثر القضايا إثارة للانزعاج، وهي كذلك منذ ثورة 1979.
وأضاف أنه أكثر تفاؤلًا بشأن سياسة ترامب تجاه إيران عن بايدن؛ لأن ترامب يفهم إيران على حقيقتها، على حد قوله.
وتابع: «يعلم ترامب أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام مع ما هو في الأساس نظام فاشي يضطهد شعبه بينما يسعى لنشر الثورة الخمينية عبر شبه الجزيرة العربية».
وقال: «إن فهم ترامب بإيران على حقيقتها وممارسة أقصى قدر من الضغط هو أفضل بكثير مما فعله أوباما وبايدن والذين عاشا في حالة إنكار لما تقوم به إيران»، مضيفًا أنه: «إذا عاد بايدن إلى البيت الأبيض، فمن المرجح أن يدخل مرة أخرى في مفاوضات مع إيران، والقيام بذلك قد يمنح الإيرانيين عن غير قصد شريان حياة آخر لمحاولة السيطرة على المنطقة».
الشرق الأوسط لن يكون أولوية للرئيس الأمريكي المقبل
وعلى الرغم من اهتمام العرب بمن سيكون الرئيس الأمريكي المقبل ونتيجة الانتخابات في 3 نوفمبر، أشار روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في سوريا والمحلل السياسي في معهد الشرق الأوسط، إلى أنه بالنظر إلى المستقبل، لا أعتقد في الواقع أنه سيكون هناك فرق كبير بين سياسات دونالد ترامب وجو بايدن في الشرق الأوسط، ولا أعتقد أن الرئيس ترامب أو الرئيس بايدن سيجعلان الشرق الأوسط أولوية كبيرة، هذا يعني أن أمريكا بالتأكيد ستكون مؤثرة في المنطقة، لكنها لن تكون حاسمة فهي لا تريد حتى أن تكون حاسمة.
وأضاف: «الولايات المتحدة لن تغادر الشرق الأوسط، لكن يمكننا أن نتوقع المزيد من سياستها تجاه سوريا مثل قوات العمليات الخاصة والطائرات بدون طيار، فهذا هو نموذج المشاركة المستقبلية في الشرق الأوسط سواء كان الرئيس ترامب أوبايدن».