هيئة الاستعلامات: قطر لم تعرف أى دستور للبلاد على مدى 30 عامًا
قالت الهيئة العامة للاستعلامات، إنه من خلال الأبواق الإعلامية التى استأجرت العاملين فيها من كل حدب وصوب، تتقمص الثلة الحاكمة فى "قطر"، دور المدافع عن الديمقراطية وحقوق الشعوب، وتوجه النصائح والانتقادات لغيرها من شعوب الأرض، باستثناء الشعب القطرى، المغلوب على أمره، والمحكوم بأحد أسوأ النظم السياسية على الإطلاق، نظام تم تصميمه أصلًا ليخدم "دولة المزرعة" أو "العزبة" التى يتحكم فيها وثرواتها ويستعبد شعبها "الأمير" وزبانيته وأعوانه من المنافقين والمستأجرين وشذاذ الأفاق ممن لديهم استعداد لبيع أنفسهم لهذا النظام الذى أنكر حقوق شعبه، بل أنكر وجود شعب من الأصل فى قطر، وتفرغ للإساءة للشعوب الأخرى وإلقاء دروس فى حقوق الشعوب ومتطلبات الديمقراطية والحريات المحروم منها شعب قطر، باستثناء الطغمة المتحكمة فيه وفى ثرواته.
وأضافت هيئة الاستعلامات فى دراسة متخصصة لها، أن النظام فى قطر لم يعرف أى دستور للبلاد على مدى نحو 30 عامًا منذ الاستقلال عام 1970 إلى أن صدرت وثيقة عام 2004 أطلق عليها "الدستور الدائم لدولة قطر" وهى وثيقة لم تفعل سوى تقنين نفس أسلوب السيطرة والاستعباد الذى مارسه حمد بن خليفة آل ثان ونجله تميم ضد شعبه قبل وبعد صدور هذه الوثيقة.
ووفقا لهذه القراءة المتخصصة التى أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات، فقد جاءت هذه الوثيقة المسماة "الدستور الدائم لقطر" خالية من الحد الأدنى للضمانات المتعلقة بحقوق وحريات أفراد الشعب، وحافلة فى الوقت نفسه، بكل ما يكرس السلطات المطلقة "للأمير"، وبما يكبل ويقيد ويهدر الحقوق الأساسية للمواطنين، وكل ما ما ورد به عن "مؤسسات" هى كيانات شكلية سرعان ما نزع الدستور نفسه صلاحياتها ومنحها للأمير سواء من خلال "تعيين" أعضائها أو التحكم فى قراراتها،فكيف لفاقد الشئ أن يعطى دروسًا فيه؟ هذا هو حال نظام "عزبة" حمد آل ثانى وابنه.
وأوضحت الدراسة أن قراءة فى نصوص دستور قطر الذى جاء فى (150) مادة توضح الأسلوب الذى يُحكم به شعب قطر، أسلوب لا مثيل له فى أى من النظم لا فى القرن الحالى أو الذى سبقه، موضحة أن دستور قطر (2004) حمل اسم "الدستور الدائم لدولة قطر"، وهو اسم يحمل من البداية دلالات الخديعة والاحساس بعقدة "المزرعة"، وأن الأمير فى إصداره للدستور وصفه بالدستور "الدائم" رغم أنه لا يوجد على وجه الأرض دستور دائم، فكل دستور قابل للتغيير والتعديل، بل أن الدستور القطرى نفسه أباح تعديله بعد مرور عشر سنوات على إصداره (مادة 148)، ولا شك أن الهدف من استخدام هذا المصطلح هو بث اليأس فى نفوس الشعب القطرى من مجرد التفكير فى المساس بالصلاحيات المطلقة للأمير رغم أن الدستور نفسه أحاط هذه الصلاحيات الاستبدادية بأكثر من سياج يضمن استمرارها وعدم تعديلها.
وتابعت: "الملاحظة الثانية على اسم الدستور هو أنه لم يتحدث عن "دستور قطر" أو دستور "إمارة قطر"، وإنما تحدث "دولة قطر"، ولو كان قادة قطر على ثقة بأنها "دولة" وليست مجرد مزرعة لحمد بن ثانى وأبنائه، لما احتاجوا إلى استخدام هذا المصطلح الذى ينم عن الإحساس بأن ما يرسخونه ليس دولة بالمعنى الذى تعرفه النظم السياسية الحديثة، الملاحظة الثالثة هو ديباجة الدستور التى جاءت فى نص "إصدار الدستور" من جانب حمد بن خليفة آل ثان حيث جاءت صياغة المقدمة لتقدم الدستور كمنحة من الحاكم، حيث يقول نحن حمد بن خليفة آل ثان... تحقيقًا لأهدافنا... أصدرنا هذا الدستور، وينشر فى الجريدة الرسمية بعد سنة من تاريخ صدوره فى الوقت نفسه، قال حمد بن خليفة فى هذا الإصدار أن "هدفه استكمال أسباب الحكم الديمقراطي"... وإقرار دستور دائم يرسى الدعائم الأساسية للمجتمع، ويجسد المشاركة الشعبية فى اتخاذ القرار ويضمن الحقوق والريادة لأبناء هذا الوطن المعطاءوفى مقابل هذه الوعود "بالديمقراطية" و"الحقوق" و"الحريات"، جاءت نصوص الدستور حافة بكل ما هو عكس ذلك".
حقوق منقوصة
وأشارت إلى أن المشرع خصص الباب الثالث من هذه الوثيقة المسماة "الدستور الدائم لدولة قطر" للحقوق والواجبات العامة، ولكن فى حقيقة الأمر فشلت هذه الوثيقة أن تشمل حتى حقوق الإنسان الأساسية، فتغاضت عن كثير من الحقوق، وحتى الحقوق التى تضمنتها الوثيقة، فى ظاهرها نصت على الحفاظ على حق المواطن فى الحرية الشخصية وعلى حمايته من الحبس التعسفى وعلى احترام حريته فى التنقل، إلا أنها فى واقع الأمر تُجهض هذه الحقوق عبر إضافة عبارة "إلا وفقٌا لأحكام القانون" فى نهاية عدد من المواد المهمة مما فتح الباب على مصراعيه للسلطة الحاكمة لإهدار هذه الحقوق، وتقييدها لدرجة تصل إلى تعطيلها بشكل تام، كحق تكوين الجمعيات والتجمعات وحرية الصحافة والرأى والتعبير.
واستطردت: "هذه بعض الحقوق التى تم النص عليها صراحة، ولكن الدستور انتقص من مضمونها بشكل يؤدى إلى تقييدها وتجميدها، وبعض الحقوق الأخرى التى أغفل "الدستور" النص عليها صراحة، الحقوق التى لم ينص عليها الدستور نهائيًا، لم ينص الدستور القطرى على حق الإضراب السلمى، لم ينص الدستور القطرى على حرية التنقل والإقامة والهجرة، ولم يحظر التهجير القسرى التعسفى للمواطنين، لم ينص الدستور القطرى على حق إنشاء النقابات المهنية أو العمالية، لم ينص الدستور القطرى على حق تكوين الأحزاب السياسية.
لم يحظر الدستور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان، لم يجرم الدستور الاعتداء على الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور والقانون".
ونوهت إلى أن الدستور القطرى حظر فى المادة (35) التمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين، وأغفلت المادة النص على عدم التمييز على اساس العرق أو اللون أو اللغة أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعى أو الانتماء السياسى أو الجغرافى أو لأى سبب آخر، متابعة: "منع الدستور فى المادة (36) القاء القبض على أى شخص إلا وفق أحكام القانون. وكان من باب أولى أن ينص الدستور على عدم جواز احتجاز أى انسان إلا بأمر قضائى مسبب" بدلا من عبارة " إلا وفق احكام القانون". لان هذا النص يفتح الباب أمام شرعنة الاعتقال الإدارى دون العرض على جهات التحقيق. كما أن المادة لم تحدد مدة محددة تلزم الجهة التى تقبض أو تحتجز الاشخاص بضرورة عرضه أمام جهات التحقيق خلال مدة محددة، وهذا ما حدث بالفعل، حيث نصت المادة (7) من القانون رقم (5) لسنة 2003 الخاص بإنشاء جهاز أمن الدولة على أن " استثناء من أحكام قانون الإجراءات الجنائية، تكون مدة احتجاز من يسند إليه ارتكاب فعل من الأفعال المتعلقة بالجرائم التى تدخل فى اختصاصات الجهاز (30) يومًا على الأكثر قبل عرضه على النيابة العامة، ولرئيس الجهاز إذا اقتضت الضرورة ذلك، أن يأمر بمنعه من مغادرة البلاد مدة لا تزيد على (30) يومًا، يجوز تمديدها بناءً على أمر من النائب العام لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة"، أى نص القانون على امكانية أحتجاز شخص قبل عرضه على النيابة لمدة (30) يوما كاملة".
وأضافت: "نصت المادة (41) من الدستور على أن الجنسية القطرية وأحكامها يحددها القانون، دون أن تنص المادة على من له الحق فى اكتساب الجنسية. ولم يمنح القانون الجنسية لمن يولد من أم قطرية إلا بذات الشروط التى يمكن أن تمنح الجنسية لكل مقيم على أرض قطر من غير القطريين دون أى ميزة لولادته من أم قطرية وفى ذلك إخلال كبير بمبدأ المساوة بين الجنسين،نصت المادة (44) من الدستور على أن حق المواطنين فى التجمع مكفول وفقا لأحكام القانون. بدل أن يتم النص على أن هذا الحق يتم بالإخطار، دون إحالة الأمر برمته إلى القانون، الذى صدر بعد ذلك بأحكام تعسفية تمنع من التجمع، نصت المادة (45) من الدستور على أن حرية تكوين الجمعيات مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التى يبينها القانون، الذى صدر بعد ذلك بأحكام تعسفية تمنع من تكوين الجمعيات، نصت المادة (48) من الدستور على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للقانون ولا يختلف الوضع كثيرًا فى هذه المادة عن المادتين السابقتين، حيث أن الدستور جاء بعبارة واحدة لحرية الصحافة، ولكن تاريخيًا، أصدرت السلطات القطرية قانون فى عام 1979 يقيد هذا الحق، ويبيح هذا القانون حبس الصحفيين، وإغلاق المؤسسات،المادة (57) من الدستور فرضت على المواطن والزائر احترام الآداب العامة، ومراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة، دون تقديم أى تعريف واضح لهذه المصطلحات الفضفاضة، التى قد تحمل أكثر من ألف معنى، وبالتالى تسمح هذه المادة المعيبة للمشرع أن يسن قوانين وعقوبات وفقًا لأهوائه فى الإطار الذى توفره هذه المادة، المادة (58) من الدستور القطرى الخاصة باللجوء، لا تعطى أى ضمانات لطالبى اللجوء ولا توفر إليهم الحماية فى مخالفة صريحة لاتفاقية 1951 الخاصة بحقوق اللاجئين وللأعراف الدولية المتفق عليها فى هذا الصدد. وعدم توقيع قطر على اتفاقية 1951 لا يبرر عدم التزامها بالعرف الدولى الذى يشكل فى حد ذاته أحد المصادر الأساسية للقانون الدولي. وبالتالى النص الدستورى الخاص باللجوء فى الدستور القطرى لا يلزم السلطة الحاكمة بتوفير الضمانات اللازمة لحماية طالبى اللجوء".
وأشارت إلى أن الباب الرابع من الدستور القطرى لا يتعدى كونه مجموعة من النصوص التى تسمح للأمير والأسرة الحاكمة بالحكم المطلق، وهذه بعض ملامحه.
عدم الفصل بين السلطات وأنه فى الدول الحديثة الديمقراطية، يوجد فصل بين السلطات الثلاث "التنفيذية والتشريعية والقضائية"، وهذا ما نصت عليه المادة (60) من الدستور، إلا أنه فى الواقع كل السلطات تخضع للأمير، ولم تعرف المادة (60) الفصل بين السلطات، فالأمير وهو رأس الدولة وعلى رأس كل السلطات، التنفيذية والقضائية والتشريعية، فهو الذى يعين مجلس الوزراء، ويعين جميع أعضاء المجلس التشريعى حتى الآن بالمخالفة للدستور القطرى، الذى اشترط انتخاب الثلثين إلا أن الدولة لم تشهد أى انتخابات حتى الآن. أما بالنسبة للقضاء فى قطر فالأمير هو من يتحكم فيه أيضًا، حيث أنه يملك سلطة تعيين رئيس محكمة التمييز، الذى يتولى أيضًا رئيس مجلس القضاء الأعلى، دون النص على ضوابط محددة لتعيينه، ودون توصية من مجلس القضاء.
ونوهت إلى أنه بعد العرض السابق لطريقة تعيين أعضاء الحكومة ومجلس الشورى والقضاء، يتضح أن الأمير يتمتع بسيطرة مطلقة على السلطات الثلاث، بما يخل بمبدأ الفصل بين السلطات المتعارف عليه فى جميع أنحاء العالم.
سلطات مطلقة للأمير
إبرام الاتفاقيات
أعطت المادة (68) للأمير الحق فى إبرام الاتفاقيات الدولية، ولم يلزمه إلا أن يُبلغها لمجلس الشورى مشفوعة بما يناسب من البيان، ويُعد ذلك اعتداءً صريحًا على حق السلطة التشريعية الأصيل فى التصديق على معاهدات، ولم يستثن من هذا إلا معاهدات الصلح والمعاهدات المتعلقة بحقوق السيادة وإقليم الدولة، حيث اشترط الدستور لنفاذها أن تصدر بقانون، أى يُتبع فى إصدارها ذات الإجراءات التى تصدر بها القوانين، وفى واقع الأمر مثل هذه الاتفاقيات المصيرية فى الكثير من الدول الأخرى، يجب أن يتم عرضها للاستفتاء الشعبى بنص الدساتير فى بعض الأحيان.
تجاوز الدستور فى هذه المادة أيضًا جميع الأعراف الدولية، حيث سمحت هذه المادة فى فقرتها الأخيرة أن تتضمن المعاهدة أو الاتفاقية شروطا سرية.
فرض الأحكام العرفية
تضمنت المادة (69) الخاصة بإعلان الأحكام العرفية عوارًا كبيرًا، حيث منحت الأمير سلطة إعلان الأحكام العرفية فقط بالإرادة المنفردة له. ولم تفرض على الأمير الحصول على موافقة مجلس الشورى إلا لتمديد فترة سريان الأحكام العرفية فقط، كما لم تتضمن المادة أى إطار زمنى محدد لإعلان الأحكام العرفية، أطلقت سلطة الأمير فى إعلان الأحكام العرفية دون الرجوع للبرلمان وتحديد مُدتها كما يشاء.
إعلان حالة الحرب
تنص المادة (71) من الدستور على أن " يصدر بإعلان الحرب الدفاعية أمر أميري".
أى تعطى هذه المادة الأمير الحق فى إعلان الحرب دون الحصول على موافقة مجلس الشورى، أو حتى إخطاره وبذلك قد يُلقى الحاكم ببلاده إلى أتون الحرب وأهوالها، دون الحصول على إذن أو حتى رأى السلطة الوحيدة المفترض أنها المُنتخبة فى البلاد.
سلطة مطلقة فى تعيين الوزراء
اعطت المواد (72) و(73) الأمير الحق المطلق فى تعيين الوزراء ورئيس الوزراء دون الحاجة للحصول على ثقة مجلس الشورى.
تعيين ثلث مجلس الشورى
نصت المادة (77) من الدستور القطرى على أن " يتألف مجلس الشورى من خمسة وأربعين عضوًا. يتم انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السرى المباشر، ويعين الأمير الأعضاء الخمسة عشر الآخرين من الوزراء أو غيرهم. وتنتهى عضوية المعينين فى مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم".
ومن الجدير بالذكر أن دولة قطر لم تشهد أى انتخابات حتى الآن، فى انتهاك واضح للدستور القطرى الذى اشترط أن ينتخب ثلثا أعضاء مجلس الشورى، وبالتالى فإن مجلس الشورى الحالى مكون كليًا من أعضاء معينين من قبل الأمير.
حل مجلس الشورى.
تمنح المادة (104) من الدستور الأمير حقًا مطلقًا فى حل مجلس الشورى، دون عرض هذا الحل للاستفتاء الشعبى، وفى ذلك انتهاك خطير لاستقلالية السلطة التشريعية. حيث أن الحاكم التنفيذى غير منتخب ولا يخضع لأى رقابة ويملك حل السلطة التشريعية والرقابية التى تمثل الشعب دون المرور بالضوابط الدستورية المتعارف عليها فى الكثير من دول العالم فى مثل هذه الحالات.
ج. مجلس الشورى (مجلس بلا صلاحيات).
نص الدستور على أن مجلس الشورى هو السلطة التشريعية لدولة قطر، وحصر صلاحيات مجلس الشورى فى ثلاثة أمور فقط: التشريع، إقرار الموازنة، والرقابة على السلطة التنفيذية، حيث نصت المادة (76) من الدستور على أن " يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع، ويقر الموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية، وذلك على الوجه المبين فى هذا الدستور".
ومن الجدير بالذكر أن مجلس الشورى هو الغرفة النيابية الوحيدة المنتخبة فى دولة قطر.
وعلى الرغم من حصر هذه الصلاحيات فى ثلاثة أمور فقط إلا أن الدستور عاد وسلب هذه الصلاحيات، فعلى سبيل المثل أعطى الدستور للأمير الحق فى تعطيل القانون حتى بعد موافقة ثلثى أعضاء مجلس الشورى ودون إبداء أسباب، حيث نصت الفقرة الثالثة من المادة (106) من الدستور على أن " إذا رد مشروع أى قانون خلال المدة المبينة فى البند السابق وأقره مجلس الشورى مرة ثانية بموافقة ثلثى الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس صدق عليه الأمير وأصدره. ويجوز للأمير عند الضرورة القصوى أن يأمر بإيقاف العمل بهذا القانون للمدة التى يقدر أنها تحقق المصالح العليا للبلاد، فإذا لم يحصل المشروع على موافقة الثلثين فلا يجوز إعادة النظر فيه خلال ذات الدورة." ويتضح أن هذه المادة أعطت الأمير سلطة إيقاف العمل بهذا القانون الصادر للمدة التى يقدر أنها تحقق المصالح العليا للبلاد، أى أنها تعطى الأمير سلطة التحايل على مجلس الشورى وإيقاف العمل بالقوانين التى لا تروق له.
أما فيما يتعلق بالموازنة العامة، فقد انتقصت المادة (107) من حق مجلس الشورى فى مناقشة وإصدار الموازنة العامة، حيث أن المجلس لا يجوز له تعديلها إلا بموافقة الحكومة وفى حالة عدم اقراره للموازنة قبل العام المالى الجديد يتم إقرار الموازنة العامة الخاصة بالعام السابق لها تلقائيًا.
ووفقا للمادة (111) من الدستور لا يسمح لمجلس الشورى حق سحب الثقة من الحكومة أو رئيسها، وحصر حق سحب الثقة من الوزراء فقط، واشترط موافقة ثلثى أعضاء المجلس لسحب الثقة من أى وزير.
وفى هذه المواد إهدار تام لسلطة المجلس الفعلية فى التشريع ومناقشة وإقرار الموازنة العامة، وحصر الرقابة على السلطة التنفيذية فى استجوب الوزراء دون الحكومة ورئيسها.
وفى النهاية فإن المادة (92) من الدستور بها نص يُلزم عضو مجلس الشورى أن يقسم بالإخلاص للأمير وهو ما يحد من استقلالية العضو كأحد أعضاء السلطة التى تمارس الدور الرقابى على السلطة التنفيذية التى يترأسها الأمير، عدم إجراء انتخابات مجلس الشورى حتى الآن.
على الرغم من أن المواد (77) و(78) و(79) و(80) و(81) تنص على انتخاب أعضاء مجلس الشورى وتنظم الجانب الإطارى الدستورى لهذه العملية إلا أن النظام القطرى منذ صدور هذا الدستور فى 2004 لم تعقد انتخابات تشريعية واحدة طوال الستة عشر عامًا الماضية، وبالتالى فإن المجلس منذ 2004 حتى اليوم يتكون من أعضاء معينين من قبل الأمير بالكامل، ويتم تمديده بقرار أميرى، وأخر قرار صدر بتمديد المجلس حتى منتصف 2021 وفى ذلك اهدار لمواد هذا الدستور وانتهاك واضح لحق المشاركة السياسية الذى يكفله العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.
د. السلطة القضائية
المادة 134 من الدستور تُحرم عزل القضاة من مناصبهم إلا فى حالات يُنظمها القانونى، ولم تحدد المادة الإستثناء الذى يسمح بعزل القضاة بشكل تفصيلى، ولم يربط الدستور العزل بالمساءلة التأديبية، مما يجعل هذه المادة فضفاضة وتحتمل التأويل وبالتالى تفتح الباب لسيطرة الأمير ونظامه على القضاة والمنظومة القضائية برمتها من خلال ثغرات كالتى وردت فى هذه المادة المعيبة.
المادة 137 الخاصة بالمجلس الأعلى للقضاء لم تُحدد عضويته أو كيفية تشكيله وتركت ذلك للقانون مما يفقد هذا المجلس ضمانات استقلاله بشكل كامل.
المادة 140 تركت للقانون أن يحدد الجهة القضائية التى تفصل فى المنازعات الدستورية وهذا فى ضوء ما سبق من مواد لا يُوفر المناخ المناسب لإنشاء منظومة قضائية فعالة تحمى الدستور وتتأكد من تطبيقه فى التشريعات التى تصدرها السلطة فى قطر.
هـ. مواد الحكم أبدية لا يجوز تعديلها.
لم يقف الاستبداد عند إعطاء الأمير صلاحيات مطلقة وتحكمه فى كل أمور البلاد، بل امتد الاستبداد إلى تحصين المواد الخاصة بالحكم فى الدستور من التعديل، مع السماح لباقى المواد بتعديلها، حيث تنص المادة 145 من الدستور على أن " الأحكام الخاصة بحكم الدولة ووراثته لا يجوز طلب تعديلها".