من أجل بيئة نظيفة.. كيف تدمج الدولة «التعافي الأخضر» ضمن خطتها الاستثمارية؟
أعلنت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، تعاون وزارة البيئة مع العديد من الوزارات خلال الفترة الماضية كوزارات التخطيط والتنمية الاقتصادية والمالية، من أجل تنفيذ عملية التعافي الأخضر لدمج الاستدامة البيئية في الخطة الاستثمارية للدولة، ووضع المعايير البيئية في ظل السعي لتنفيذ مشروعات ذات استهلاك منخفض للطاقة أو للمياه، لوجود تكلفة كبيرة للتدهور البيئي تفوق العائد المحقق.
وأشارت إلى أن وزارة البيئة تعمل جاهدة للحد من المخلفات البلاستيكية وتبنت الوزارة العديد من المبادرات بالتعاون مع عدد من الجمعيات الأهلية منذ قرار السيد رئيس مجلس الوزراء بتشكيل اللجنة الوطنية للحد من استخدام الأكياس أحادية الاستخدام.
• باحث بيئي: يمكن الاستغناء عن البلاستيك واستبداله بالورق المقوى والقماش
أوضح عبد المولى إسماعيل، الباحث البيئي، أن هناك عدة بلدان أقامت المبادرات للتخلص من المخلفات الخاصة بالبلاستيك تحديدًا، لما له من آثار ضارة على البيئة، فلا يتحلل بسهولة ويمكنه أن يظل موجود لمئات السنوات في البيئة بشكل أو بآخر.
وذكر المغرب على سبيل المثال التي طبقت هذه المبادرة منذ ثلاث سنوات تقريبًا، وحلت الورق المقوى بديلًا عن البلاستيك في الاستخدام والأقمشة، وفي الدنمارك أيضًا إذا أراد الشخص استخدام البلاستيك يجب أن يدفع ثمنها ما يقرب من الدولار أو أكثر لذلك يلجأ السكان إلى استخدام الأقمشة وبدائل البلاستيك.
وتابع إسماعيل، أن في مصر القديمة لم يكن هناك استخداما للبلاستيك، فشراء الخضروات والفاكهة واللحوم، أي منتجات كان من خلال الورق المقوي أو الحقائب القماشية "على شكل شبك"، لذلك فمنع البلاستيك أمر سهل التطبيق.
واستكمل أن المشكلة الأصعب هي في عملية التحويل فسوف تسبب الضرر على المصانع والأشخاص العاملين في صناعة البلاستيك، وبالتالي لابد من وجود فترة انتقالية وترتبط بالتوعية باستخدام البدائل الأخرى للبلاستيك، وتستطيع هذه المصانع استبدال الأنشطة الاقتصادية الخاصة بها بالصناعات الورقية والبديلة.
وأوضح الباحث البيئي، أنه لابد من الدراسة الجيدة لإيجاد البدائل وليس الاعتماد على الورق فقط، لأن صناعته مرتفعة التكلفة، والنباتات المستخدمة في هذه الصناعة يتم استيرادها من الخارج، وهو ما يزيد من الاستيراد بشكل كبير ويكون أثره سلبي على ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة، لذلك لابد من إيجاد بدائل وفقًا للموارد المحلية المتاحة.
وطرح مثالًا عن صناعة القصب فهناك اتجاه من الدولة بتخفيض المساحة المنزرعة بالقصب، لأنه يمكن عمل صناعات تكميلية مع القصب من مخلفاته في صناعة الورق، كما يمكن إعادة تدوير الورق المحلي والاستفادة منها، وكذلك للقماش أهمية كبرى في هذه البدائل، خاصة أنه يمكن استخدامه أكثر من مرة.
ولكن لتطبيق التعافي الأخضر ومنع البلاستيك لابد أن يكون من خلال فترة انتقالية من عامين إلى 3 أعوام وليس تطبيقه بشكل فوري، لأن التجارب في البلدان الأخرى عندما تم مباشرة تنفيذ هذا القرار كان له أثر سلبي على العمالة والصناعات المستخدمة للبلاستيك، وتم استيراد الورق وكان له أثر سلبي على العملة المحلية، وكان جدواها الاقتصادي سيء.
• تجربة تحويل مخلفات شجر الموز إلى منتجات
يعيش الشاب الثلاثيني محمد يسري بمحافظة سوهاج، الأمر الذي فرض عليه رؤية مزارعو محافظته يتخلصون من سيقان شجر الموز برميها في المصارف أو حرقها في الطرق، ولكن كان له رأي مختلف حيث قاده تفكيره لاستثمار هذه المخلفات بشكل آخر.
وبالفعل تمكن من استخدام هذه المخلفات من سيقان الموز في إنتاج السماد العضوي وتوفير ربع تكاليفه للفلاحين، أما ألياف السيقان فيمكن استخدامها في عدة صناعات مختلفة.
يُدير يسري جمعية أهلية لتدريب الشباب على الحرف المختلفة من اللحام والخياطة وتحويل المخلفات إلى سماد عضوي، ووجد في مخلفات شجر الموز الكثير من المياه والألياف داخل الساق يمكن استخدامها فى تصنيع بعض المنتجات.
وبعد إجراء العديد من الاختبارات على مخلفات الموز، للوصول إلى كيفية الاستفادة منها، خاصة أن سوهاج معروفة بوفرة شجر الموز، وإنتاج مخلفات تقدر بنحو ٦٠ ألف طن سنويًا، يرميها المزارعون في المصارف أو على الطرق، أو يتخلصون منها عن طريق الحرق.
استطاع يسري بالتعاون مع مركز التطوير بوزارة الصناعة، التوصل إلى صيغة للاستفادة من ألياف شجر الموز، عبر ماكينة بدائية، مكنته من تحويل الألياف إلى شعيرات، تستخدم في صناعة المنتجات اليدوية، مثل الحقائب والسجاد.
وأطلق مشروع "Banana art" ونجح في غزل الألياف مع الأقمشة، وكانت البداية بسجادة صلاة، بعدها استطاع زيادة شكل المنتجات وزيادة دائرة الصناعات والمشغولات اليدوية.
يقول محمد: "عدد المساهمين بالمشروع هو 5 أشخاص، بجانب ٣ فتيات مسئولات عن تصميم المشغولات من مفروشات وحقائب يدوية وغيرها، و١٣ فتاة ينفذن التصميمات، و٢٢ شابًا مسئولين عن جلب المخلفات من الأرض الزراعية".