محمد نبيل: أحُيي ذكرى البطل المنسي لـ«الولاد والأرض».. وشهادات موثقة عن رجال «أزمنة الجمر» قريبًا (حوار)
أعلنت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، السبت، انطلاق فعاليات مشروع "أبطال من بلدنا" الذي يهدف إلى تحويل قصص بطولات وتضحيات أبناء القوات المسلحة والتي ضمها كتاب حكايات الولِاد والأرض للكاتب الصحفى محمد نبيل الصادر منتصف مايو الماضي عن الهيئة المصرية العامة للكتاب إلى أعمال مسرحية.
يعرض المشروع في مختلف ربوع مصر، على أن تكون البداية من المدينة الباسلة (بورسعيد) بحكاية الشهيد جندى مقاتل مصطفى خضر من إخراج محمد عشري، وجنوبًا من أسيوط مع قصة الشهيد جندي مقاتل أبانوب ناجح مرزوق من إخراج خالد أبو ضيف، كما تشهد محافظة الجيزة حكاية شهيد الواجب المجند محمود حامد أبو العلا من إخراج أحمد طه، أما محافظة الدقهلية تستقبل حكاية الشهيد على على السيد من إخراج سعيد منسي، ليتعرّف أبناء محافظة الغربية على حكاية الشهيد رقيب محمد السيد إسماعيل إخراج السيد فجل، وتعرض في أسوان حكاية الشهيد جندي عمر حسين عبد الله سنوسي من إخراج شاذلي فرح.
الجزء الأول من "حكايات الوُلاد والأرض"، الذي يوثّق شهادات حية لأمهات وزوجات وبنات شهداء الجيش والشرطة المصريين في مواجهة جماعات الإرهاب المسلح، وهو ما دفعنا لإجراء حوار صحفي مع مؤلف الكتاب، وإلى نص الحوار:
◘ بداية.. ما تقييمك لمشروع "أبطال بلدنا" بتحويل قصص "حكايات الوِلاد والأرض" لعروض مسرحية في 6 محافظات؟
دعني أتوجه بالشكر لكل من رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، لـ إشادته بكتاب "حكايات الولاد والأرض" فى بيانه الصادر يوم 23 يونيو بأن هذا الكتاب يعد حافظة للذاكرة الوطنية ونموذج يقدم لبقية صناع الثقافة والفكر لشحن الوجدان العام وتكريم الأبطال من الشهداء، أما ثانيًا أشكر وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم على تلقفها الكتاب بشكل رحب، ولكل ما قدمته من دعم لفكرة هذا الكتاب.
أما عن فكرة الكتاب، دعنى أوضح أنها بدأت معي لكوني ارتبط بعلاقة ما بين الزمالة والأخوة والصداقة مع بعض من هؤلاء الشهداء ممَن وردت بطولاتهم وقصصهم في الكتاب وعلى علم بما يقدمونه من بطولات، كما أننى متواصل مع أسرهم بشكل إنساني وهو ما يتفق مع رأيي بأن المعركة الجارية ليست "بارود فقط"، لكنها معركة "بارود وكلمة"، ومن هنا كان لا بدّ أن نقدم النماذج التى ضحّت بحياتها فداءً للوطن للأجيال القادمة بنفس اللغة التى يقرأها الأجيال الحالية؛ بمعنى أننى لم أتدخل فى صياغات الحكي سواء عند الأم أو الزوجة المصرية عن بطلها وشهيدها، لكنني وضعت حكيهم أثناء سردها في الكتاب ما بين قوسين.
كما ركز الكتاب على 5 عناصر، الأول تخليد ذكرى الشهداء وتمجيدهم، العنصر الثاني تقديم هذه النماذج للشباب ليس فقط، لكون المطلوب منهم تقديم أرواحهم فقط، بل لكي يخلصوا فى العمل ويصلحوا من حال البلد ويُشاركوا في صناعة مستقبل مصر وواقعها، العنصر الثالث هو أننا فقدنا قيمة الحكي في الأسرة المصرية منذ نهايات التسعينيات من القرن الماضى ولم تعد الأسرة المصرية تتفرغ لحكي النّماذج والقدوة التى تربى عليها جيل أكتوبر والأجيال التالية له على الرغم من أن مصر تزخر بالبطولات والحكي والحقائق، وأن الحكي الشّعبي يعمل على تناقل القيم والمبادىء التى يتسم بها المصريون عموما وليس عناصر الجيش المصرى والشرطة المدنية فقط، وهو ما اكتشفت أنه يندثر فى الواقع المصرى أحببت أن تكون حكايات المصريين فى الفترة الراهنة عن أبطال مصر الذين ضحوا بأرواحهم من أبناء القوات المسلحة والشرطة.
أما العنصر الرابع هو أن أقدم للأسرة المصرية بطل لم يذكر اسمه بعد إلاّ وهي الأم والزوجة؛ فكلنا نمجد الشهيد الذى يضحّي بحياته فى سبيل الوطن ويعانى للحظات، لكن مَن يعانى طوال العمر ولعشرات السنوات هي الأم والزوجة هذه البطلة أنا أقدمها للمجتمع من خلال هذا الكتاب.
هذا الكتاب لا يتناول السير العسكرية للأبطال، لا يتناول المواقع العسكرية أو آليات عسكرية أو أسماء قائد أو أسماء مواقع أو تكتيكات عسكرية، لكنه يتناول الجوانب الإنسانية فى البطل وأسرته وكيفية معاملات هذا البطل ومَن صنع هذا البطل ومن أكمل المشوار خلفه سواء كانت الأم أم الزوجة؛ هذا العنصر هو البطل المنسي.
العنصر الخامس يتمثل فى بعد جمهور القراء فى مصر عن الكتابة والقراءة والإطلاع المكتوب والاكتفاء بالقراءة الرقمية وسرعة تناول المعلومات شفاهة وسمعًا هو ما حثّني على أن أكتب كتابًا في قطع صغير بلغة أثيرة بعيدًا عن صعوبة اللغة الفصحى، لكن لغة وسيطة بين هذا وذاك، تم تقديمها عبر 150 صفحة.
◘ هل تصدر أجزاء أخرى من كتابك توثق خلالها بطولات أبطالنا من القوات المسلحة؟
بالفعل سيتم صدور 10 أجزاء من الكتاب هذا هو المخطط الأوّل، ربما في المخطط الثاني سنتجاوز هذه الأجزاء كما أنه تمت كتابة 3 أجزاء وجاري طباعة الجزئين الرابع والخامس، وأقوم الآن بتحرير الأجزاء من السادس إلى العاشر الصادرة عن هيئة الكتاب، كل هذا فى إطار إنساني للأسرة المصرية بسعر زهيد يحمل قيمًا ومبادئ تصلح لكافة الأعمار، ينادى بالقيم والتضحية ويحافظ على الوجود المصري والأسرة المصرية عبر أسلوب يتناسب الجميع.
◘ برأيك.. هل تحظى سير أبطالنا بالقوات المسلحة باهتمام الناشرين المصريين؟
قياس تقدم أي شعوب يكون بتحضر القائمين على العمل الثقافي، بمعنى أنه عندما تهتم الحكومة وقطاعها العام الممول من أموال المصريين أن تقدم للمصريين ما يريدون أن يقرأوه وما يجب أن يُطالعوه، تلك المعادلة الصعبة في النشر التي يشهدها الواقع، أما إذا ذهبنا إلى دُور النشر الخاصة شأنها شأن القنوات والإذاعات الخاصة أرى أن الإعلام الخاص يحتاج إلى إعادة بث قيم الولاء والانتماء لهذا الوطن، يحتاج الى الدخول فى خندق المواجهة فى صف مؤسسات الدولة، يجب أن تكون القطاعات المدنية جنبًا الى جنب مع المؤسسات الحكومية كنا نسمع من قبل فى ثورة 1919 أن الأعيان يدعمون الحركات الوطنية والتحررية وأن رأس المال الوطنى يدعم استقرار البلاد وهذا ما وجدناه نوعًا ما فى مراحل ثورة 30 يونيو، لكن ننتظر المزيد من رجال المال، خاصة القائمين على صناعة الإعلام والثقافة والفكر.
◘ الذاكرة الوطنية تزخر ببطولات أبناء القوات المسلحة برأيك هل يجب أن تقدم لطلاب المدارس وماهي آليات تحقيق ذلك؟
أنت تتحدث، الآن، عن آليات التنفيذ التكتيكي فى مؤسسات الدولة سواء حكومية أو مدنية والتي يجب أن تخرج من عباءة التوجيه الاستراتيجي الذي صرح به رئيس الجمهورية في 30 يونيو من العام 2018 في مجلس النواب عندما أعلن أن الفترة المقبلة ستكون معنية بالاهتمام بالدرجة الأولى بالإنسان (صحيًا، تعليميا، وثقافيًا).
◘ مثقفون كُثر خرجوا من المؤسسة العسكرية.. برأيك هل يشهد الخطاب الثقافي الرسمي وغير الرسمي ترجمة لما تقوم به مصر، الآن، داخليًا وخارجيًا؟
هناك بالفعل الكثير من المثقفين المنتمين للمؤسسة العسكرية أو الشّرطيّة أو القضائية أو الدبلوماسية يقدمون عندما يمتلكون موهبة الكتابة أو الكلمة أو الفن مثلًا فيتّسمون بنقطة أعتقد أنه يفتقر البعض إليها وهى الانضباط والنوايا والاهتمام والاعتقاد الراسخ بقيم الوطن والمواطن.
◘ بصراحة.. هل ترى أن المؤسسة الثقافية في مصر تترجم رؤية مصر الاستشرافية 20202030؟
إذا كنت تقول إن الخطاب الرسمي للدولة أتي ثماره أقول لك إن النتائج التى نعيشها، الآن، تؤكد أن مصر أصبحت تستوعب الدرس جيدًا منذ 2011، فبالنظر إلى تصريحات الجانب الآخر عندما سعوا لشرق أوسط جديد وفوضى خلاّقة استوعب المصريون هذا الأمر، واستدرك العقل الجمعي لهم هذه الحقيقة على يد الخطاب الرسمي للدولة في إطار الشفافية التي أعلنها ويعلنها دومًا السيسي الآن.
لا يوجد فرق هناك في المكاشفة بين أى وزير وأقل درجات حكومية يمكن أن نتصورها رأينا جميعًا وزيرًا ومحافظًا ومستشارًا يحالون إلى المحاكم وتجرى عليهم ما يجرى على البسطاء من الناس، في إطار هذه المكاشفة ألم تجد الشخصية المصرية دافعًا للاصطفاف وراء الحكومة والاستيعاب لما يدور حولنا من مكائد سواء فى الاتجاه الاستراتيجي الشمالي بعد اكتشاف حقل ظهر، أو في الاستراتيجي الشمالى الغربى فى اتجاه ليبيا، أو الاتجاه الشرقي أو حديثًا في الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي.
مصر الآن، محاطة بأعدائها من الجهات إن لم يستوعب ويدرك المواطن المصرى هذا جيدًا فمن يصطف خلف قواته المسلحة، ومن يصطف خلف مع الجبهة الداخلية، من المؤكد أن الخطاب التوعوي بشكل عام داخل الدولة يسير إلى هذا النوع.
◘ أخيرًا.. ماذا عن مشروعاتك الإبداعية بخلاف حكايات الولاد والأرض؟
دعنى أصرح للمرة الأولى، أنني بالتوازي مع مشروع "حكايات الولاد والأرض" أُعدّ الآن سلسلة تحت عنوان "شهادات الرجال عن أزمنة الجمر والبشارة " وهى عن شهادات رجال 1967 حرب الاستنزاف وأكتوبر، فمن المهم أن نوثّق خبراتهم الإنسانية، خاصة وأن خبراتنا العسكرية مدونة ومسجلة فى وثائقنا العسكرية السرية وبين دفاتر عدد من الأكاديميات.