باحثة في الفولكلور: الموال منظومة ثقافية وقلب الأغنية الشعبية
أجرت زينب محمد عبد الرحيم، الباحثة في الفولكلور والثقافة الشعبية، ورقة بحثية بعنوان" الموال ووهج الثورة الشعبية" قالت فيه أن الموال الشعبي هو لسان حال الجماعة الشعبية وترجمة فنية صادقة للوضع الاجتماعي والاقتصادي والنفسي وأيضًا السياسي، مشيرة إلى أن للموال عدة أنواع وأيضًا ألوان وهو يعتبر من أبرز الفنون القولية يعتمد على اللغة الشعبية واللهجات الدارجة مُعبرًا عن منظومة ثقافية كاملة.
وأضافت الباحثة في تصريحات لـ"الدستور" أن الموال هو قلب وقالب الأغنية الشعبية وافتتاحية قبل الدخول البدء في الأغنية، والجدير بالملاحظة أن لكل موال رسالة يبثها الراوي أو المؤدي تستهدف وظيفة تُلائم طبيعة الحدث وأيضًا الأداء فالنص الشعبي في سياقه الطبيعي لا يخلو من النزعة الوظيفية التي دعمها الفنان الشعبي من خلال هذه الفنون والصيغ الشفاهية، ولا يخلو فن الموال من الخيال وأيضًا الصنعة الفنية.
- تاريخ الموال
وأشارت الباحثة في الفولكلور والثقافة الشعبية، إلي أن الموال هو أحد أنواع الشعر الشعبي، أرتبط من حيث الكتابة والنظم على الزجل الأندلسي واحتضنته مصر والعراق وكانت طائفة كبيرة من العامة والصفوة يُمارسون هذا الفن منذ القرن الثامن 18، وفي عصر الدولة الأموية قدمت مصر للساحة عدد كبير من الزجالين لما لهم من براعة فائقة في معرفة تامة بأوزان الشعر مثل ابن عروس، وصفي الدين الحلي، وحفني ناصف وغيرهم من الأسماء التي قدمتهم مصر للساحة الزجلية على مر السنين، وبعد انهيار الدولة الأموية وهي الدولة التي تمسكت بكل ما هو عربي من الحفاظ على اللغة والعادات العربية.
وتابعت زينب عبد الرحيم، من ثم قيام الدولة العباسية على أكتاف الفُرس حيث أسبغت ظلها عليهم واحتضنتهم فراحت اللغة الفصحى وأخذت العامية تزداد توسعًا وانتشارًا، ولم يقتصر نفوذ اللغة الفارسية على العراق" فابتكر أهل واسط بالعراق فن (المواليا) حيث اقتطعوا من بحر البسيط بيتين وهذا يشبه الزجل في كونه ملحونًا وأنه أقفال، كل أربعة منها بيت القفل هو الشطر، ودللت على ذلك بقول رشدي صالح تعقيبًا حول هذا الرأي حيث يقول إنه لمن السذاجة أن ننسب تاريخ فن شعبي إلى حادثة واحدة كم إنه غير سائغ أن ننسب إلى زنوج واسط وحدهم دون بقية أصحاب أغاني العمل هذا الفن.
واستشهدت أيضا بقول صفي الدين الحلى أن المواليا أو المُوَال أو المَوّال كما اشتهر عند العامة وبالذات في مصر نستطيع أن نقول إنه ضرب من الموشحات لا يتم فيه الالتزام كثيرًا بالاعراب (لذا يُقال إن الموال من حيث اللغة هو البرزخ بين الفنون القولية الثلاثة المُعربة ).
ـ الموال الأحمر والمواجع
وقالت يعبر المبدع الشعبي من خلال فن الموال الشعبي عن مخزونه الثقافي وتظهر فواجع ومواجع شعوبنا غائرة الجروح والعلل إلى أقصى مدى يمكن تصوره في الموال الأحمر، ومجاله الجوهري هنا هو البنية الاجتماعية الطبقية في مجتمعات قائمة على كل أنواع القهر وتصانيفه، فيُعبر الموال الأحمر عن وهج الثورة المتأججة على الدوام.
منوهة إلي أنه يعرض الموال تصور عن الحياة بأنها مثل خيال يسحب فرسته فالإنسان مابيده حيله ومقيد ومكبل بالأغلال ويمثل هذا الموال تسرية وهو أقرب ما يكون للبسطاء الذين يرغبون في التعبير عن قهرهم اليومي ومجمل آلامهم، وعادة يكون لراوي هذا الموال الأحمر وجمهوره خصم يظهر ذلك في عملية الرد على بعض النصوص وهو أقرب إلى أن يكون خصمًا طبقيًا.