أنور مغيث: الترجمة حق المواطن وليست أداة للتنمية
أكد الدكتور أنور مغيث أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة بجامعة حلوان ومدير المركز القومي للترجمة سابقًا، أن الترجمة ليست أداة للتنمية فقط بل حق للمواطن العربي وتشبع فضوله في التعرف على آداب الأمم الأخرى، مشيرًا إلى أنه لا توجد إحصائية بعدد الكتب المترجمة "من وإلى" العربية على مستوى الوطن العربي.
وقال مغيث، في تصريحات له اليوم الأربعاء، إن حركة الترجمة في الوطن العربي من اللغة العربية وإليها اكتسبت أهمية كبيرة في السنوات الأخيرة، وزادت كمية الكتب المترجمة بالفعل بعد إهمال للترجمة إهمالًا لم يكن صريحًا ولا متعمدًا.
وأثرى مغيث، الذي عمل سابقًا مديرًا للمركز القومي للترجمة، المكتبة العربية بترجمات عدد من الكتب والأبحاث المهمة لكبار مفكري فرنسا ومنهم روجيه جارودي وجاك دريدا وبيير بورديو وغيرهم.
وقال مغيث: "تحدثنا كثيرًا عن أهمية الترجمة لكن في مرحلة ما كانت توجد ثقافة سائدة ترى أن ماضينا وتاريخنا يحوي كل الإجابات عن كل المشاكل، وبالتالي لا نحتاج أن نعرف الثقافات الأخرى، وعلينا الاكتفاء بهذا وهذا ما أثر فينا في الجانب اللاشعوري ما جعلنا غير متحمسين للترجمة".
وتابع: "لكن عندما بدأت الأمم المتحدة تعتبر الترجمة معيارًا للتنمية وتقدم الشعوب وقدمت إحصائيات توضح مدى تخلف الترجمة في العالم العربي بدأت كثير من المبادرات، وكان في مقدمتها على سبيل المثال المركز القومي للترجمة، وتوالت المبادرات العربية بعد ذلك مثل المنظمة العربية للترجمة في بيروت وطبعًا كانت توجد قبل ذلك سلسلة عالم المعرفة ودار كلمة وبيت الحكمة في تونس"، واصفًا كل هذه المبادرات العربية بـ"المهمة" التي جعلت الترجمة تستعيد جزءًا كبيرًا من مكانتها على الساحة العربية.
وحول أبرز التحديات التي تواجه حركة الترجمة من وإلى العربية، ذكر مغيث أن: "أبرز التحديات التي تواجه حقل الترجمة هو أن تراثنا كبير في الترجمة عن الإنجليزية والفرنسية لكن عندما نريد الخروج عن هذا الإطار الضيق إلى الثقافة العالمية بكل رحابتها، ونترجم من الروسي والصيني والياباني وغيرها من اللغات يوجد ندرة في المترجمين".
وأضاف: المحصلة النهائية ضعيفة فمثلًا لك أن تتخيل لغة مثل الصينية وحضارة مثل حضارة الصين لا يترجم منها إلا خمسة كتب طوال العام... هذا العدد لا يليق بثقافة وحضارة مهمة كالحضارة والثقافة الصينية أن نصدر خمسة كتب فقط في حين أننا في اللغة الإنجليزية نصدر 400 كتاب".
وأوضح أن التحديات التي تواجه عملية الترجمة تختلف من بلد عربي لآخر.. فأبرز التحديات التي قد تواجه دولة ما هي مثلًا أن عدد القراء قليل بالرغم من تشجيع الدولة والدعاية للكتب المترجمة لكن القراء وهم المستهلكون في هذه الحالة محدودون.
وأشار إلى أن الكتاب المترجم لا يروج في الجامعات ولا مراكز البحث، فالمفروض أن تتزود مكتبات الجامعات بشكل دائم سواء بكتب مترجمة من داخل مصر أو خارجها، مشيرًا إلى أن وزارتي "التربية والتعليم" و"التعليم العالي" لا تطلبان أي كتب من المترجمات لإمداد مكتبات المدارس والجامعات بها.
ورأى أن الترجمة لها وضع خاص فالمفروض أن الشعب هو من ينتج ثقافته وليس الدولة، وهو الوضع العادي والطبيعي لأي دولة في العالم فالشعب هو من ينتج ثقافته أو أفلامه أو أغانيه، ولكن رغم ذلك وحتى في البلاد التي تطلق يد شعوبها تفعل ما تشاء فإن الدولة تتدخل في الترجمة.
وحول أهم المجالات التي يترجم منها إلى العربية، قال مغيث: "توجد مجالات كثيرة أهمها على الإطلاق هو الأدب وهو أمر طبيعي، فالناس تحب أن تقرأ القصص التي تخص الشعوب الأخرى... فمثلًا عندما نرى الكتب المترجمة وهي في كل مجالات المعرفة لكن الأدب وحده يستحوذ على 40 في المائة من المترجم، وهنا فإن المختصين في التسويق يرون أنه لا ضير في ذلك طالما أن هناك اهتمامًا بالأدب من قبل الناس".
وأشار إلى أن خبراء التنمية يقولون "لماذا الأدب نحن نحتاج إلى الترجمة في تجارب التنمية المختلفة وفي العلوم وما ينقصنا من هذه المجالات".. مضيفًا: "نحن نحاول أن نسد الفراغ في كل المجالات".
وذكر أن الترجمة قبل أن تكون أداة للتنمية فإنها حق للفرد، فمن حقي كمواطن أن أقرأ الأدب الصيني وأرى المسرح الإفريقي... وأشبع فضول القراء إلى التعرف على آداب الأمم الأخرى.
وحول أهم اللغات التي يترجم منها، قال مغيث: يجب أن ننوه إلى أن كلمة "أهم" هنا لم تصنعها قوة اللغة بقدر ما يصنعه التراث والخبرة التاريخية، فنصدر باللغة الإنجليزية حوالي 60 في المائة والفرنسية حوالي 15 في المائة ونسبة الـ25 في المائة المتبقية للإسبانية والألمانية والصينية والروسية.
واعتبر، في هذا السياق، أن عدم التوازن كبير لهذا الحد لكن اللغتين الفرنسية ثم الإسبانية تاليان بعد الإنجليزية بسبب أن تراث المستعمرات القديمة جعل هذه اللغات منتشرة.