قابوس بن سعيد.. مسيرة سُلطان النصف قرن
توفي السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت، عن عمر يناهز 79 عاماً.
وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن ديوان البلاط السلطاني أعلن الحداد وتعطيل العمل الرسمي بالقطاعين العام والخاص لمدة 3 أيام وتنكيس الأعلام 40 يوماً.
قابوس بن سعيد.. سُلطان النصف قرن
السلطان قابوس بن سعيد هو رأس الدولة منذ نصف قرن (1970)، هو آخر سلاطين العرب، وسليل النبي نوح. يُعرّف موقعه الرسمي أنه آتٍ من أقدم الأسر العربية الحاكمة التي انقضت 260 عامًا على توليها الحكم، عاش حياته من غير زوجة ولا أولاد. في يده، تركّزت كل مقاليد الحكم، فكان رئيس الوزراء ورئيس المجلس الأعلى للتخطيط والقائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير المال ورئيس البنك المركزي.
قابوس والحكم
تقلد قابوس بن سعيد تقاليد الحكم بعد والده، ومن هنا كانت عمان على موعد مع الانفتاح والحضارة بسبب "قابوس بن سعيد" الذي نجح في إعادة الوحدة إلى بلاده واحتوى الثورات فيها وحطم أبواب السجون وتمكن أخيرًا من فك عزلة العمانيين عن باقي الشعوب العربية، واستطاع تسوية النزاعات الحدودية مع جيرانه بحكمة وأخوة.. كما اتخذ السلطان قابوس سياسة خارجية تقوم على عدم التدخل في شئون الغير وعدم التطلع لزعامة عربية على حساب الإصلاحات الداخلية.
كيف دافع قابوس عن سلطنته؟
يقول تقرير صادر عن معهد "ستراتفور" الأمريكي إنّ قوى خارجية مثل إيران والمملكة المتحدة والولايات المتحدة حاولت في منتصف القرن العشرين أن تمارس نفوذًا أكبر على عمان وإضعاف السلطنة، لكن السلطان قابوس كان قادرًا على الاحتفاظ بسلطته بدعم بريطاني وفارسي، وهو ما عزّزه الارتفاع في إنتاج النفط والغاز العماني عقب صعوده إلى العرش في 23 يوليو 1970، اليوم الذي يسميه العمانيون بـ"يوم النهضة المبارك"
يضيف التقرير أنّ ما يُحسب لقابوس أيضًا قدرته على دمج المناطق الصحراوية المحافظة مع المجتمعات القبلية شرق صلالة والمناطق الساحلية المحيطة بمسقط. لقد جعل السلطنة تتأثر بروح الحداثة مع الحفاظ على التقاليد في العمل واللباس والهوية، واستفاد من النفط والغاز، وأطلق التجارة مع الشركاء في جنوب آسيا وغيرها من دون أن يضرّ ذلك الصناعات التقليدية، كما أتقن اللعبة الإقليمية والدولية التي جعلته صديق الجميع مهما بلغت العداوة بينهم.
بعد بدء موجة ما يُعرف بـ"الربيع العربي" تحرّك قابوس وكلف المجلسين الاستشاريين بضرورة تأمين وظائف للشبان وزيادة الرواتب في البلاد، وقد أثّر تراجع أسعار النفط على تراجع الدخل ووقف الدعم الحكومي عن بعض المواد، لكن ما يميّز شعب عمان هو تلك الشخصية التي طبعها قابوس في نفوس العمانيين، فهو مقدام وسخيّ وقد رفع البلاد إلى مستوى يتباهون به.
ماذا بعد رحيل قابوس؟
منذ مدة، بدأ الحديث عن تدهور حالة السلطان قابوس الصحية ومرضه بسرطان القولون، لكن عدم وجود خطة واضحة تحدّد مسار الخلافة في ظلّ غيابه، يحفّز السؤال حول أي مستقبل ينتظر عمان والعمانيين بعد رحيله؟ كيف لا تكون هناك مخاوف، وقابوس كان في كل مكان.
تذكر إحدى مقالات مجلة "الإيكونوميست" ما يختصر هذا الواقع: "لو كنت أحد سكان عاصمة عُمان الساحلية مسقط، فإنك في الغالب ستقود سيارتك في شارع السلطان قابوس، وتمرّ بمسجد السلطان قابوس الكبير، كما بميناء السلطان قابوس، وقد تكون خرّيج جامعة السلطان قابوس، وتشاهد مباراة كرة قدم في مجمع السلطان قابوس الرياضي، ذلك قبل أن تعود لبيتك في مدينة السلطان قابوس، أحد أحياء العاصمة".
لا أحد يعرف الكثير عن المرشحين المحتملين، لكن الإشاعات بدأت بالانتشار بشأن المرشحين للخلافة، وكلهم من العائلة المالكة، أبرزهم أبناء عمه أسعد وشهاب وهيثم بن طارق آل سعيد. وقد يكون الأكثر حظًا، بحسب المحللين هو أسعد الذي تولى سلاح المدرعات ودرس في أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية في بريطانيا مثل قابوس، وتحدث في حوارات صحفية عن تأثره بشخصية قابوس وحفظ كل نصائحه.