رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طفل أنقذ أسرته بالكامل من حادث قطار "البدرشين"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كان كل شيء يسير بهدوء، كل ما يشغل باله هو مرور السنة الدراسية كي يذهب لبلدته، مع والدته وشقيقته؛ لقضاء وقت ممتع مع أصدقائه تعويضًا له عن أيام الشقاء أو الدراسة، خرجوا صوب القطار الإسباني المتجه من القاهرة إلى قنا في موعده من رصيف رقم 8 داخل محطة مصر.

وجد الطفل صاحب الـ12 عامًا، جسده النحيل يتأرجح يمينًا ويسارًا، وإذا به يسمع صوت ارتطام قوي، مع صرخات والدته، فهرول تجاهها، والاهتزازات تزايدت، والأتربة ملأت المكان من حولهم، يقول محمد عطية: "أمي قعدت تصوّت، وتقول القطر بيتقلب، هنموت خلاص"، لم تجد الأربعينية شيئا تفعله سوى أن وجهت يدها نحو السماء بصوت متهدج لتستجدي الخالق ليحافظ على أسرتها، "فجأة لاقيت ماما عمّالة تعيّط وتدعي ربنا إن محدش فينا يحصله حاجة".

وفي سباق مع الموت، هرول الجميع نحو الشباك، يريدون الخروج والنجاة في اللحظات كانت أشبه بالزلزال، الحقائب تتطاير في الهواء، ليتحوّل الطفل الصغير لشاب كبير ينجو بأسرته.. "لاقيت الدنيا بايظة خالص قدامنا، وكل حاجة بتطير في الهوا، حتى الناس، جريت على الشباك ضربته بالرجل واتكسر ونطينا منه".

لم يجدوا مكانًا آمنًا سوى المسجد، فلا يوجد مستشفى أو أماكن قريبة من القطار للاستراحة والتقاط أنفاسهم، ذهب الناجون إلى ساحة المسجد، والمصابون نقلتهم الإسعاف إلى المستشفيات الثلاث، "لاقينا الأهالي اللي من المكان هنا بياخدونا وروحنا على الجامع عشان نرتاح فيه من الخضة، أنا شوفت الموت بعيني والله، وعمري ما هنسى اللي حصل لحد ما أكبر".

تلتقط شقيقته الحديث منه قائلة: "إحنا نطينا من الشبابيك، عمرنا ما كنا نتخيّل إننا نعمل كده في يوم من الأيام، بجد أنا عمري ما هركب قطر سكة حديد تاني، الواحد مبقاش عارف الغلط من عند مين".

في حالة يرثى لها، جلست سيدتان في ساحة المسجد، والدموع تملأ أعينهما، وتسيل على الوجنتين، رفضتا الحديث لسوء حالتهما النفسية، ولم ترددا سوى جملة واحدة: "ربنا أعلى وأعلم بكل حاجة حصلت، والحمد لله إنه نجانا، غيرنا اتصاب إصابات بالغة، ربنا يكون في عونهم".