الشعراوي لم يكفر الشعراء والأدباء
كان الشيخ محمد متولي الشعراوي، الراحل يوم 17 يونيو 1998، في بداياته يكتب الشعر، وقد كتبه متنوعا، ورغم علمه أن بعض الشعر والأدب فيه شيء من الإلحاد، إلا أنه لم يكفر الأدباء والشعراء بعدما أصبح من أكبر علماء الدين.
يقول الشعراوي، حسبما جاء في كتاب "الشعراوي الداعية المجدد": علينا ألا نأخذ الناس بما كانوا عليه في بدء حياتهم، وإنما يجب أن نؤاخذهم بما انتهت عليه حياتهم. وأذكر أننا ونحن في بدايات حياتنا التعليمية كنا ندرس أدب وشعر أبي العلاء المعري والمتنبي، فوجدنا بأشعارهما بعض الإلحاديات، فزهدنا في المعري والمتنبي، فمثلا يقول المعري "تحطمنا حتى كأننا زجاج، ولكن لا يعاد لنا سبك". فالمعري هنا ينكر يوم القيامة، وفي رأيه أن الزمن يفنينا ولا يعاد لنا بعث؟
وأضاف الشعراوي: فلما ابتعدنا عن أصحاب هذا الشعر الإلحادي، جاء لنا ذات يوم صديق هو الشيخ فهمي عبد اللطيف، وقال لي: "لقد رأيت المعري في المنام هذه الليلة، وهو غاضب منك لأنك جفوته"! فقلت لصديقي: لابد أن نعيد معرفتنا بالمعري، فوجدنا للرجل عذرا معنا وله حق أن يغضب منا، لأننا عندما رحنا نقرأ شعره الذي قاله بعد ذلك وجدناه قد راجع نفسه، وعاد يعترف بالبعث والقيامة، فيقول "زعم المنجم والطبيب كلاهما: لا تحشر الأجساد. قلت إليكما إن صح قولكما فلست بخاسر، وإن صح قولي فالخسار عليكما" فما قاله المعري في بدايات حياته من إلحاديات كان نتيجة لما يعيشه من حالة الشك التي أوصلته فيما بعد إلى اليقين والإيمان الراسخ العميق.
وتابع الشعراوي: وهكذا يتبين لنا أن آفة أصحاب الفكر أنهم يسجلون كل خاطر لهم، والناس لا ينظرون للمناسبات والأوقات التي قيلت فيها هذه الخواطر والأفكار، ويغفلون عما انتهت إليه الخواطر والأفكار في النهاية. لذلك فعميد الأدب العربي د. طه حسين وغيره كالدكتور مصطفى محمود، بدأوا حياتهم الفكرية متشككين ثم انتهوا إلى الهدى واليقين، ولهذا يجب ألا نحاسبهم أو نؤاخذهم على أوليات خواطرهم وما كتبوه في مرحلة الشك، لأنهم بعد ذلك ثبت إيمانهم وكتبوا في الإسلام وعنه كأفضل ما يكون، فقد انتهت حياتهم إلى التوبة والصلاح.