منظمة حقوقية ترصد رحلة الترشح للانتخابات البرلمانية
أصدر مرصد الانتخابات البرلمانية التابع للبعثة الدولية المحلية المشتركة لمتابعة الإنتخابات البرلمانية "مصر 2015" ومنسقه في مصر مؤسسة "ماعت" للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، تقرير حول رصد وتقييم مجريات العملية الإنتخابية، وفي إطار متكامل مع ما يتم نشره يوميا من إفادات على الصفحة الرسمية للمرصد. ويشمل التقرير تحليلا عاما لمرحلة الترشح يتضمن تقييما للإطار القانوني، وتحليلا للنتائج التى أسفرت عنها مرحلة الترشح، فضلا عن الملامح العامة لأهم الظواهر التى تم رصدها ميدانيا خلال هذه المرحلة.
وجاء في التقرير تقييم الإطار القانوني المنظم لمرحلة الترشح، حيث أصدر الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور القانون رقم 46 لسنة 2014 المنظم لمجلس النواب في يوليو 2014 ، والذي نص علي تشكيل البرلمان الجديد من 540 عضوا بواقع 420 مقعدًا بالنظام الفردي و120 مقعدا بنظام القوائم المغلقة المطلقة، ونص القانون على شروط الترشح لمجلس النواب والمتمثلة في أن يكون المرشح مصريًّا متمتعًا بالجنسية المصرية منفردة وبحقوقه المدنية والسياسية و أن يكون مُدرجًا بقاعدة بيانات الناخبين بأي من محافظات الجمهورية وألا يكون قد طرأ عليه سبب يستوجب حذف أو رفع قيده طبقًا للقانون المُنظم لذلك وأَلاَّ يقل سنّه يوم فتح باب الترشح عن خمس وعشرين سنة ميلادية ، كما اشترط أن يكون حاصلاً على شهادة إتمام مرحلة التعليم الأساسي على الأقل، وأن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية، أو أُعفى من أدائها قانونًا.
وبناءا على هذا القانون فقد أصدرت اللجنة العليا لانتخابات مجلس النواب العديد من القرارات المنظمة لمرحلة الترشح لعضوية المجلس ، واهم هذه القرارات، القرار رقم "18" لسنة 2014 بتشكيل لجان فحص طلبات النواب والبت في صفة المترشح وفقا للمواد 15 وما بعدها من قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 ، والذي ينظم تشكيل وعمل لجان فحص طلبات المتقدمين للترشح لعضوية مجلس النواب والبت في صفة المترشح وفقا لما نصت عليه القوانين الانتخابية، و القرار رقم 4 لسنة 2015 الخاصة بقواعد وإجراءات توقيع الكشف الطبي على طالبي الترشح من ذوى الإعاقة لعضوية مجلس النواب 2015م، والقرار رقم 20 لسنة 2015 الخاص بفتح باب الترشح وبإجراءات الترشح لعضوية مجلس النواب 2015 ، وقد جاء القرار تنظيميا لمواعيد فتح باب الترشح والإجراءات الواجب استيفائها للتقدم للترشح وتحديد اللجان المختصة بفحص الطلبات المقدمة من المرشحين بالإضافة إلى الطعون التي يحق للمرشحين تقديمها والمواعيد المحددة لها، والقرار رقم 24 لسنة 2015م، والمتعلق بتوقيع الكشف الطبي على طالبي الترشح لعضوية مجلس النواب ، والذي صدر تنفيذا للحكم القضائي الصادر عن محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 20868 لسنة 69 قضائية والذي يلزم اللجنة بإصدار قرار يلزم طالبي الترشح بتوقيع الكشف الطبي للتحقق من لياقتهم الذهنية والبدنية لممارسة مهام العضوية وعدم تعاطيهم للمخدرات، وكذلك القرار رقم 36 لسنة 2015 ، والذي صدر تنفيذا لحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 25226 لسنة 61 قضائية .
وبناءا على تحليل هذا الإطار القانوني بصكوكه المختلفة ، يمكن الخروج بمجموعة من الملاحظات الهامة التي تعد من قبيل المشكلات ونبرز أهمها ، أولا : الشرط المتعلق بعدم التجنس بجنسية دولة أخرى في الشروط التي يجب أن تتوفر في طالب الترشح ، حيث يواجه هذا الشرط طعنا دستوريا منظورا أمام المحكمة الدستورية العليا حاليا ، فضلا عن أن هذا الشرط لا يستقيم مع ما أعطاه المشرع الدستوري من حق للمصريين المقيمين بالخارج في التمثيل داخل البرلمان .
ثانيا : تسببت أحكام القضاء الإداري المتعلقة بالكشف الطبي على طالبي الترشح في ارتباك شديد في قرارات اللجنة المنظمة لمرحلة تلقي الطلبات، خاصة أن هذه القرارات أثرت في حجم التكاليف التى تكلفها طالبي الترشح للحصول على الشهادات الطبية المطلوبة .
ثالثا: رغم أن القانون راعى النص الدستورى في الهبوط بسن الترشح لعضوية المجلس إلى 25 سنة ميلادية، إلا أن هناك طعنا مقدم أمام المحكمة الدستورية العليا في المادة 2 من قانون مجلس النواب التى تحدد الشاب بـ"المواطن الذى تتراوح سنه بين 25 و35 يوما فتح باب الترشيح ، حيث يطالب الطاعنون باعتبار هذه الفئة التى تترواح أعمارها بين 18-40 سنة" .
أما بالنسبة للنقطة الثانية كما جاء في التقرير والخاص بإحصائيات المتقدمين بطلبات الترشح وتقييم إجراءات التقدم، فقد شهدت هذه المرحلة كثافة متوسطة فيما يتعلق بالإقبال على الترشح ، حيث تعد أعداد المتقدمين للترشح قليلة مقارنة بالانتخابات البرلمانية السابقة "2011/2012" ، وكذلك مقارنة بانتخابات البرلمان في عام 2010 قبل ثورة يناير 2011 ، ويمكن رصد أهم الإحصائيات المتعلقة بالترشح في بعض النقاط أولا: عدد المرشحين الذين تقدموا للجنة الانتخابات 7416 مرشح مقارنة ب 8113 في انتخابات 2011م.
ثانيا: تقدم للترشح على مقاعد الفردي "5871" ، بينما تقدم للترشح على القوائم " 1545"، وكان عدد المرشحات من النساء 949 مرشحة بنسبة 12.8% من إجمالي المرشحين، كما أن غالبية المتقدمين للترشح مستقلين، حيث يمثل المستقبلين حوالي 4836 مرشح " 65.2%" والباقي مرشحين عن أحزاب " 34.8%" ، وأوضح التقرير أن 35 % ممن تقدموا للترشح يقعون في الفئة العمرية ما بين "41 – 50 " عاما .ً
وفيما يتعلق بالقوائم الانتخابية، أشار التقرير إلي أن اللجنة أنتهت إلى قبول طلبات 7 قوائم تتنافس على الدوائر الانتخابية المخصصة ، كما استبعدت اللجنة العليا للانتخابات ثلاث قوائم انتخابية تقدمت للترشح على قائمة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد وهى قائمة "ثوار الصحوة لمستقبل مصر"، وقائمة تحالف "العدالة الاجتماعية"، وقائمة "التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية" كما رفضت لجنة الانتخابات لفحص القوائم بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية أوراق ترشح قائمة تحالف العدالة الاجتماعية .
وبناءا على تحليل الإحصائيات السابقة، قالت المنظمة الحقوقية أن الإجراءات المنظمة للكشف الطبي على المرشحين كان لها تأثيرا سلبيا على أعدادهم ، خاصة ان القرار الأولى للجنة والقيمة المالية التي حددتها وزارة الصحة لإجراء الفحوص الطبية كانت تصل إلى ستة آلاف جنيه ، لتنخفض بعدها إلى 4200 ثم إلى 2800 قبل أيام من علق باب الترشح ، وقد كان التأثير الأكبر على الشباب الذين لم تسمح لهم قدراتهم المالية بدفع هذه الاموال ، بخلاف قيمة التأمين المطلوب من مرشحي المقاعد الفردية والمقدر بـ3000 جنيه .
ثانيا: صعوبة الوصول إلى التركيبة الفئوية المطلوبة لكل قائمة حزبية ، خاصة مع اشتراط تمثيل الفئات المحددة في الدستور "6 فئات"، فضلا عن التوزيع الجغرافي لمرشحي القائمة ، بالإضافة إلى اشتراط المشرع ضرورة وجود قائمة احتياطية تتضمن نفس التركيب ، وهو ما ادي في النهاية إلى فشل معظم التحالفات في تشكيل قوائم تتنافس في كافة الدوائر .
ثالثا: شهدت عديد من مقار اللجان العامة تزاحما وغياب للتنظيم خلال إجراءات التقدم للترشيح ، خاصة في الأيام الثلاثة الأولى ، وهو ما وصل في بعض الأحيان إلى اشتباكات بين المرشحين وانصارهم
رابعا: اضطرار اللجنة لتمديد فترة تلقي طلبات الترشح ليومين إضافيين ،دون أن تحدد تأثير ذلك على المدة المقررة للدعاية الانتخابية .
ومن أهم ملامح الوقائع الميدانية التى تزامنت مع المرحلة خلال مرحلة الترشح التى استمرت 12 يوما شهدت الدوائر الانتخابية المختلفة مجموعة من الظواهر المتشابهة في معظم الأحيان ، والتى تم رصد ونشر معظمها من خلال صفحة الانتخابات البرلمانية على موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" ، وقد تمثلت أهم هذه الظواهر فيما يلى : استمرار أنشطة الدعاية المبكرة لغالبية المرشحين ، والتى تمثلت في عقد المؤتمرات الانتخابية وتوزيع المواد الدعائية، انتشار الرشاوى الانتخابية المقنعة ، والتى أخذ معظمها الطبيعة الجماعية ، كعمل حملات للكشف المبكر عن سرطان الثدى ، افتنتاح مستوصفات ، إقامة دورات لكرة القدم وتوزيع جوائز على الفرق المشاركة ، رصف طرق ، القيام بحملات نظافة وتجميل ، التبرع لدور أيتام وجمعيات خيرية، استمرار بعض المرشحين في تقديم منح عينية للناخبين كتوزيع البطاطين ، الإعلان عن فرص توظيف ، توزيع السلع الغذائية ، فضلا عن مساعدات مادية أحيانا، أستغل كثير من المرشحين الحادث الإرهابي الذي راح ضحيته عدد من الأقباط المصريين في ليبيا وقاموا بزيارات للكنائس في معظم الدوائر واستخدام هذه الزيارات في الدعاية الانتخابية ، استغلال علاقة بعض المرشحين ببعض المسئولين الحكوميين والظهور معهم في لقاءات عامة أو زيارات مكتبية ، مع استخدام هذه اللقاءات في الدعاية الانتخابية، توزيع الأدوات المدرسية التى تحمل صورة المرشحين ودعايتهم الانتخابية ، الظهور في البرامج التلفزيونية وإجراء حوارات مع بعض الصحف القومية والمحلية، استخدام بعض النقابات والجمعيات الأهلية في عمل دعاية للمرشحين .