رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ترامب الآن.. المفاوض الرئيسى فى أزمة غزة!

الآن، يُعلِق أهالى الرهائن والمسئولون الإسرائيليون المهتمون بإتمام صفقة، آمالهم على نجاح الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، فيما فشل فيه الرئيس الحالى، جو بايدن، حتى الآن، وهو إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بإنهاء الحرب فى غزة مقابل تحرير الرهائن المحتجزين لدى حماس، إذ يبدو من غير المرجح، قبل أقل من شهرين من تنصيب ترامب، أن يتم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار فى أى وقت قريب، وبدلًا من ذلك، من المرجح جدًا أن يرث ترامب الأزمة والمسئولية عن الأمريكيين السبعة الذين تحتجزهم حماس، والذين يُعتقد أن أربعة منهم على ما زالوا على قيد الحياة.. قالت كارولين ليفات، السكرتيرة الصحفية الجديدة للبيت الأبيض، إن ترامب سيُعيد فرض عقوبات أكثر صرامة على إيران، وسيُحارب الإرهاب، وسيدعم إسرائيل، وأن «الرئيس ترامب سيعمل كمفاوض رئيسى للولايات المتحدة، وسيعمل على إعادة المدنيين الأبرياء المحتجزين كرهائن إلى ديارهم».
كان الرئيس الأمريكى الحالى، جو بايدن، قد طلب من الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، خلال لقائهما الأخير، الذى استمر ساعتين، العمل معًا من أجل الدفع نحو التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وصفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، إذ يريد بايدن استخدام الشهرين المُتبقيين له فى منصبه، لكسر الجمود المُطوَّل فى المفاوضات بشأن اتفاق غزة.. ومن المرجح أن يكون ترامب سعيدًا بالوصول إلى يوم التنصيب، بأزمة أقل على فريقه الرئاسى.. قال مستشار الأمن القومى الحالى، جيك سوليفان: «نحن مستعدون للعمل مع الفريق القادم فى قضية مشتركة على أساس الحزبين، للقيام بكل ما فى وسعنا الجماعى الأمريكى، لتأمين إطلاق سراح الرهائن، الأحياء والأموات»، إذ أرسل البيت الأبيض «إشارة» إلى فريق ترامب، بأنه مستعد للعمل معهم بشأن قضية الرهائن.. وقد التقى بايدن، فى المكتب البيضاوى، لمدة ساعة ونصف، مع عائلات الرهائن الأمريكيين المحتجزين فى غزة، وأكدت العائلات أن الوقت ينفد أمام الرهائن، وأعربت عن قلقها على حياتهم، إلا أن بايدن أبلغ العائلات، بأنه وترامب اتفقا على أن قضية الرهائن مُلحة، وأنهم يريدون محاولة حلها قبل العشرين من يناير، وأبلغهم بأن لديهم كل الحق فى الغضب عليه، لأنه لم يُحضِر أحباءهم إلى المنزل حتى الآن.. إلا أن عائلات الرهائن الأمريكيين طلبت عقد اجتماعات مع العديد من الأعضاء الجدد، المعينين فى فريق ترامب، لإقناعهم بالانخراط فى القضية على الفور.
وقال بايدن لعائلات الرهائن الأمريكيين فى الاجتماع: «لا يهمنى إن حصل ترامب على كل الفضل، طالما عادوا إلى الوطن».. وقد واجه رونالد ريجان، الرئيس الأسبق، الذى قال ترامب إنه معجب به، موقفًا مشابهًا، عندما كان يستعد لتولى منصبه عام 1981.. ووقَّع سلفه، جيمى كارتر، صفقة رهائن مع إيران فى 19 يناير 1981.. وفى اليوم التالى مباشرة بعد تنصيب ريجان، تم إطلاق سراح اثنين وخمسين أمريكيًا احتجزتهم إيران لمدة أربعمائة وأربعة وأربعين يومًا.. وكتب أورنا ورونين نيوترا، والدا المواطن الأمريكى، عمر نيوترا، الذى تحتجزه حماس فى غزة منذ أكثر من أربعمائة يوم، رسالة مفتوحة إلى ترامب فى صحيفة «واشنطن بوست»، وقالا إنهما يعتقدان أنه يمكن أن يحظى بلحظة ريجان خاصة به.. وأشارا إلى أن دول المنطقة التى لها تأثير على حماس، بما فى ذلك قطر وإيران، تبدو وكأنها تعيد حساباتها منذ فوز ترامب فى الانتخابات.. وكتبا: «لدينا رسالة للسيد ترامب: الوقت هو جوهر المسألة.. نحن نعتمد على قيادتك لإعادة عمر إلى الوطن».
ويقول المسئولون الإسرائيليون إن مائة وواحد رهينة لا يزالون محتجزين لدى «حماس» فى غزة، ويعتقدون أن خمسين منهم على الأقل، ما زالوا على قيد الحياة.. وفى الوقت نفسه، وصل الوضع الإنسانى فى غزة إلى أدنى مستوياته منذ بدء الحرب، وفقًا لمنظمات الإغاثة.. ووفقًا لوزارة الصحة فى غزة، فقد استُشهِد حتى الآن، أكثر من ثلاثة وأربعين ألف فلسطينى.. وتوقفت المفاوضات بشأن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، ووقف إطلاق النار فى غزة لمدة ثلاثة أشهر تقريبًا، دون إجراء محادثات مهمة بين إسرائيل وحماس، بعد أن رفضت حماس مؤخرًا مبادرتين، مصرية وأمريكية للتوصل إلى اتفاق جزئى، يتضمن إطلاق سراح عدد صغير من الرهائن، لأن هاتين المبادرتين من شأنهما أن تسمحا باستمرار الحرب بعد توقفها.. وفى أعقاب ذلك، طالبت الولايات المتحدة قطر بإغلاق مكتب حماس فى الدوحة وترحيل قيادات حماس.. وأعلنت قطر تعليق جهود الوساطة، ما دامت إسرائيل وحماس لا تتفاوضان بجدية.
●●●
عندما اتصل الرئيس الإسرائيلى، إسحاق هرتسوج، بترامب لتهنئته على فوزه فى الانتخابات، أخبر الرئيس المنتخب بأن تأمين إطلاق سراح الرهائن، «قضية مُلحة»، وقال هيرتسوج لترامب: «عليك إنقاذ الرهائن»، ليرد ترامب قائلًا إن أغلب الرهائن ماتوا على الأرجح.. إلا أن الرئيس الإسرائيلى قال لترامب، إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن نصفهم ما زالوا على قيد الحياة.. وهنا، فوجئ ترامب، وقال: «إنه لم يكن على علم بذلك»، كما أفاد باراك رافيد من AXIOS، بأن ترامب قال إنه «يعتقد أن معظم الرهائن ماتوا».. وعندما التقى هيرتسوج بايدن فى البيت الأبيض فى الحادى عشر من نوفمبر الحالى، طلب من بايدن العمل مع ترامب بشأن هذه القضية، بين الآن والعشرين من يناير المقبل، عندما يتولى ترامب منصبه.. وبعد يومين، عندما استضاف بايدن ترامب، فى اجتماع لمدة ساعتين فى المكتب البيضاوى، أثار بايدن قضية الرهائن، واقترح عليه العمل معًا، للدفع نحو التوصل إلى اتفاق.
وفى اجتماع عُقِد فى وقت سابق من هذا الأسبوع، قال رؤساء قوات الجيش الإسرائيلى والموساد والشين بيت لنتنياهو، إنهم يعتقدون أنه من غير المرجح أن تتخلى حماس عن شروطها للانسحاب الإسرائيلى من غزة وإنهاء الحرب.. وإنهم أبلغوه بأنه إذا كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بالتوصل إلى اتفاق، فيجب عليها تخفيف مواقفها الحالية.. لكن نتنياهو رفض إنهاء الحرب مقابل صفقة إطلاق سراح الرهائن، مُدعيًا أن ذلك سيسمح لحماس بالبقاء، وأن ذلك يشير إلى أن إسرائيل قد هُزِمت.. وقال مسئول إسرائيلى كبير لوكالة AXIOS، إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى لبنان، فإن ذلك سيزيد الضغوط على حماس، وسيُعيد تركيز الجهود على التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار فى غزة.. ويقول بعض المسئولين الإسرائيليين، إن ترامب، الذى قال إنه يريد أن تنتهى الحرب فى غزة بسرعة، سيكون له نفوذ وتأثير أكبر بكثير من بايدن على نتنياهو، بعد أن ضغط بايدن مرارًا وتكرارًا على نتنياهو لتليين موقفه، لكنه فشل.
وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذى لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والقريب من العديد من أعضاء فريق الرئيس المنتخب الجديد، إن ترامب يجب أن يتحرك الآن للحصول على صفقة: «يجب على الرئيس ترامب، أن يصدر على الفور مطلبًا واضحًا بالإفراج عن جميع الرهائن، وتكليف كبار مسئوليه بالبدء فى العمل على هذا الأمر، قبل العشرين من يناير، وتحذير جميع الأطراف من عواقب تحدى الرئيس الأمريكى القادم.. يجب أن يكون واضحًا، أن إطلاق سراح الرهائن، شرط مُسبَق غير قابل للتفاوض لوقف إطلاق النار».
●●●
لن تقف مسئوليات ترامب المُلحة، عند صفقة لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، ووقف إطلاق النار مع حماس، بل إن إيران تظل ملفًا صعبًا، يحتاج لجهود ترامب الخاصة.. لقد مر ما يقرب من الشهر، منذ أرسلت إسرائيل أكثر من مائة طائرة مُقاتلة، وطائرة بدون طيار، لضرب القواعد العسكرية الإيرانية، وما زال العالم ينتظر ليرى كيف سترد إيران؟.. إنه توقف مُحمَّل بالأحداث فى الصراع الخطير هذا العام، بين القوتين فى الشرق الأوسط.. جاء الهجوم المضاد الإسرائيلى، بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من إطلاق إيران أكثر من مائة وثمانين صاروخًا باليستيًا، تم إسقاط معظمها فى الأول من أكتوبر، للانتقام لمقتل اثنين من كبار قادة حزب الله وحماس.. جاءت أول موجة من الضربات فى أبريل الماضى، عندما قررت إيران الانتقام من هجوم على أحد مجمعاتها الدبلوماسية فى سوريا، بقصف إسرائيل مباشرة بما لا يقل عن ثلاثمائة صاروخ وطائرة بدون طيار.. وحتى ذلك الحين، انتظرت إسرائيل أيامًا، وليس ساعات، للرد.
قبل وقت ليس ببعيد، ربما توقع المحللون أن أى ضربة مباشرة من إيران على إسرائيل، أو من إسرائيل على إيران، من شأنها أن تؤدى إلى اندلاع حريق فورى.. ولكن لم يحدث ذلك على هذا النحو.. ويرجع هذا جزئيًا إلى الدبلوماسية المحمومة وراء الكواليس، من قِبل الحلفاء، بما فى ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة.. ولكن الضربات المحدودة المدروسة، تعكس أيضًا حقيقة مفادها، أن البديل- حرب «الصدمة والرعب» بين إسرائيل وإيران-يمكن أن تؤدى إلى عواقب وخيمة، ليس فقط على المنطقة، ولكن أيضًا على جزء كبير من العالم.. وقال جوليان بارنز ديسى، مدير الشرق الأوسط فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية: «يبدو أن طبيعة الهجمات تتحدث عن اعتراف مشترك بالخطر الحاد، المتمثل فى حرب إقليمية أعمق، لا يزال كلا الجانبين يرغبان فى تجنبها على الأرجح».. ولاحظ أن هذا لا يعنى عدم وجود مخاطر على النهج الحالى: «إنه مسار محفوف بالمخاطر وغير مُستدام على الأرجح، وقد يخرج عن السيطرة بسرعة.. وهناك أيضًا احتمال أن تعمل إسرائيل بشكل متعمد، على شق طريقها إلى أعلى سُلَم التصعيد، بنية القيام بشىء أوسع وأكثر حسمًا فى نهاية المطاف».
فى رسالة فيديو، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، وكأنه يحذر من أنه قد يُزيد من حِدة الصراع، إذا ما ضربت طهران مرة أخرى.. وقال: «كل يوم تزداد إسرائيل قوة.. ولم ير العالم سوى جزء ضئيل من قوتنا».. إن الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل لا تُشبه إلى حد كبير الحرب المعروفة باسم الصدمة والرعب- استخدام القوة النارية الساحقة والتكنولوجيا المتفوقة والسرعة، لتدمير قدرات العدو وإرادته للمقاومة- التى تم تقديمها لأول مرة كمفهوم عام 1996، من قِبل خبيرين عسكريين أمريكيين.. ولعل أبرز مظاهرها، كان وابل الغارات الجوية التى بدأت الغزو الذى قادته الولايات المتحدة للعراق، عام 2003، والتى أعقبتها قوات برية دفعت صدام حسين إلى الاختباء.. ولكن تكتيكاتها الأساسية استُخدمت فى وقت سابق، فى حرب الخليج عام 1991، وكذلك فى الغزو الأمريكى لأفغانستان عام 2001.
سيكون من الصعب تنفيذ حرب الصدمة والرعب فى هذا الصراع الحالى فى الشرق الأوسط، حيث من المرجح أن يتطلب إطلاق القوات البرية، المزيد من الأصول البرية والجوية والبحرية، أكثر مما قد ترغب إسرائيل أو إيران فى نشره، عبر مئات الأميال التى تفصل بينهما.. هناك أيضًا نقاش مستمر فى الدوائر العسكرية، حول ما إذا كان هجوم الصدمة والرعب لا يزال قابلًا للتطبيق.. إذ أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة المتقاعد، الجنرال مارك ميلى، وإريك شميت، الرئيس التنفيذى السابق لشركة جوجل، فى تحليل فى أغسطس الماضى، لمجلة Foreign Affairs، بأن الأسلحة المستقلة والذكاء الاصطناعى يُحوِّلان الحرب، «لقد انتهى عصر حملات الصدمة والرعب.. حيث يمكن لواشنطن أن تدمر خصومها بقوة نيران ساحقة».
فى الشهر الماضى، ردَّ محللان فى مركز الدراسات الاستراتيجية للبحرية الملكية البريطانية، بأن حرب الصدمة والرعب تتطور، ولم تنته، وأشارا إلى الهجمات التى شنتها إسرائيل، باستخدام أجهزة النداء واللا سلكى، ضد حزب الله فى لبنان. فقد قُتل العشرات وجُرح الآلاف، لكن الخوف الذى أحدثته الهجمات كان بمثابة ضربة نفسية للجماعة المسلحة.. وبعد أسبوعين، قتلت الغارات الجوية الإسرائيلية حسن نصرالله، زعيم حزب الله منذ فترة طويلة.. و«بعيدًا عن كونها شيئًا من الماضى، يجب أن تكون الصدمة والرعب جزءًا لا يتجزأ من نهجنا للحرب متعددة المجالات»، كما قالا: هذه الضربات تتعلق بالسياسة الداخلية، بقدر ما تتعلق بالردع.
●●●
لعقود من الزمان، كانت إيران وإسرائيل مُنخرطتين فى حرب خفية، حيث نفَّذت إسرائيل هجمات سرية، واعتمدت إيران على الميليشيات بالوكالة، فى العراق ولبنان وسوريا واليمن كقوات خط المواجهة.. تغيَّر كل ذلك فى الأول من أبريل.. فى حين تم اعتراض جميع الصواريخ والطائرات بدون طيار، التى وجهتها إيران إلى إسرائيل تقريبًا، كانت الضربات الجوية هى المرة الأولى التى هاجمت فيها طهران إسرائيل مباشرة من الأراضى الإيرانية.. وضع هذا المسئولين فى جميع أنحاء العالم، فى حالة تأهب لحرب إقليمية أوسع.. بعد ساعات من الضربات، قال الجنرال حسين سلامى، القائد العام لحرس الثورة الإيرانى، إن إيران قررت إنشاء «معادلة جديدة»، فى صراعها المستمر منذ سنوات مع إسرائيل.. ولكن حتى الآن، تم تنفيذ الصراع فقط بضربات صاروخية دقيقة للغاية، استهدفت بشكل أساسى القواعد العسكرية فى بلد الطرف الآخر.. وقال فرزان ثابت، المحلل السياسى المتخصص فى شئون إيران والشرق الأوسط فى معهد جنيف للدراسات العليا بسويسرا، إن وابل الهجمات الصاروخية المحدود بدا وكأنه يشير إلى نوع جديد من الحرب، «إن الضربات الدقيقة ليست جديدة، ولكن استخدامها على هذا النطاق كقطعة مركزية فى الصراع، أمرٌ جديد».
ومع ذلك، قال: «ربما لم نر أسوأ ما فى الأمر»، مشيرًا إلى أن طهران أشارت مؤخرًا إلى استعدادها لضرب مصادر الطاقة الرئيسية فى إسرائيل ـ بما فى ذلك حقول الغاز ومحطات الطاقة ومحطات استيراد النفط- إذا تم ضرب البنية التحتية المدنية الإيرانية: «سيكون هذا عنصرًا جديدًا».. بينما قال هو ومحللون آخرون إن الضربات الجوية حتى الآن، جنبًا إلى جنب مع التحذيرات العامة التى سبقتها، كانت جزءًا من حملة ردع من قِبل الدولتين، لمحاولة منع الصراع من الخروج عن السيطرة، «إنها عبارة عن أنا أصفع، وبالتالى تحصل على صفعة، حتى تفهم، وبالتالى يمكنك الآن أن تقرر، ما إذا كنت تريد التنحى أو تريد أن تتقدم»، كما قال أساف أوريون، العميد الإسرائيلى المتقاعد، واستراتيجى الدفاع فى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذى أضاف: «الحقيقة، هى أن كلا الطرفين يأخذان وقتهما فى الحساب والتعاون وتشكيل عملياتهما الخاصة».. المخاطر عالية، والوضع قد ينفجر.
فى حين لم تستخدم إسرائيل الصدمة والرعب التقليديين ضد إيران، إلا أنها كانت أقل تحفظًا فى هجماتها على وكلاء إيران، حزب الله وحماس، كما أظهرت هجمات أجهزة النداء.. وكان هجوم حماس على إسرائيل فى السابع من أكتوبر 2023، الذى حرَّض على الحروب الجارية، غير مُقيد.. ومنذ ذلك الحين، قصفت إسرائيل غزة بغارات جوية أسفرت عن مقتل أكثر من ثلاثة وأربعين ألف شخص، كثير منهم من النساء والأطفال.. وفى لبنان، تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من ثلاثة آلاف ومئتى شخص قُتلوا فى هجمات إسرائيلية منذ الثامن من أكتوبر 2023، عندما انضم حزب الله إلى القتال لإظهار التضامن مع الفلسطينيين.. لكن إيران نجت من حجم الموت والكوارث الإنسانية، التى فرضتها إسرائيل على وكلائها.. حتى أنها سعت إلى تصوير هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل على أنها نجاح باهر.
بدت طهران مُهتمة أكثر بإظهار عدد الضربات «المُذهلة» التى شنتها ضد إسرائيل لجمهورها، بقدر ما تهتم بعدد الضربات التى أصابت أهدافها، كما قال ثابت: «تحاول إيران أن تكون لها الكلمة الأخيرة، بمعنى ما.. إنها تريد إظهار الرد، وإظهارها لجمهورها المحلى والإقليمى أنها فعلت شيئًا، لكنها لا تريد تصعيد الصراع».. لكنه أضاف: «لست متأكدًا من أن هذا سينجح».. إن الهجمات الإسرائيلية المُنهِكة على حزب الله وحماس، والتى اعتمدت عليهما إيران منذ فترة طويلة، لما تسميه الدفاع الأمامى، تشكل ضربة لطهران.. ولكن إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب، الحليف القوى لنتنياهو، تُغير المعادلة مرة أخرى.. فقد التقى أحد مستشارى ترامب المقربين، وهو الملياردير إيلون ماسك، بسفير إيران لدى الأمم المتحدة، فى ما وُصِف بأنه محاولة افتتاحية لنزع فتيل التوترات بين طهران والرئيس الأمريكى القادم.. ولكن من المتوقع على نطاق واسع، أن يجعل ترامب السياسة الخارجية الأمريكية أكثر ملاءمة لإسرائيل، ويحشد حكومته بصقور إيران.. وقد يؤدى هذا إلى نقل الحرب بين إيران وإسرائيل إلى أرض جديدة.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.