علاقات استراتيجية متميزة مع إفريقيا
لم تشهد العلاقات المصرية- الإفريقية تطورًا ملحوظًا بهذا الشكل الظاهر والواضح إلا بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣. والحقيقة أن الفضل يعود فى هذا الأمر إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى لعب دورًا مهمًا فى ضرورة وجود علاقات متميزة مع الدول الإفريقية قاطبة، خاصة بعد فترة طويلة من القطيعة، لأسباب غير معلومة حتى الآن، لكن فى خلال العشر سنوات الماضية نجحت الدولة المصرية بسياستها المتوازنة والمعتدلة فى توطيد العلاقات مع كل الدول الإفريقية بلا استثناء بشكل يؤكد مكانة مصر إقليميًا وإفريقيا ودوليًا، وهذا ما نراه يوميًا من لقاءات القيادة السياسية مع قادة وزعماء القارة الإفريقية.
إن الدور المصرى فى إفريقيا خلال العقد الماضى شهد تحولًا ملحوظًا تجاه القارة الإفريقية، حيث تبنت مصر استراتيجية جديدة تركز على تعزيز التعاون والتنمية فى مختلف المجالات، وقد تجلى هذا التوجه فى عدة مبادرات ومشروعات، أسهمت فى تقوية العلاقات بين مصر ودول القارة، وتعزيز دورها كفاعلٍ مؤثر فى الشأن الإفريقى.
وقد عززت مصر حضورها الدبلوماسى فى إفريقيا، من خلال المشاركة الفعالة فى قمم ومؤتمرات الاتحاد الإفريقى، والاضطلاع بدور محورى فى حل النزاعات الإقليمية. كما دعمت مصر جهود الوساطة فى عدد من الأزمات الإفريقية، وسعت إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، بهدف تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة.
كما شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر وإفريقيا نموًا واضحًا، حيث زاد حجم التبادل التجارى بين الجانبين، وارتفع عدد الشركات المصرية العاملة فى إفريقيا، كما أطلقت مصر العديد من المبادرات لدعم التنمية الاقتصادية فى القارة، مثل مبادرة «مصر تصنع فى إفريقيا»، التى تهدف إلى تشجيع الاستثمارات المصرية فى إفريقيا، ونقل الخبرات والتكنولوجيا المصرية إلى الدول الإفريقية.
وقدمت مصر مساعدات تنموية وإنسانية للعديد من الدول الإفريقية، فى مجالات مختلفة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، كما استضافت مصر العديد من الدورات التدريبية للشباب الإفريقى، بهدف تنمية قدراته ومهاراته، وإعداده للمساهمة فى بناء مستقبل بلاده.
وتواجه مصر ودول إفريقيا تحديات أمنية مشتركة، مثل الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة، وقد عززت مصر تعاونها مع الدول الإفريقية فى هذا المجال، من خلال تبادل المعلومات الأمنية، وتنظيم تدريبات مشتركة، والمشاركة فى عمليات مكافحة الإرهاب فى مناطق مختلفة من القارة.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التى تبذلها مصر لتعزيز دورها فى إفريقيا، فإنها لا تزال تواجه بعض التحديات، مثل محدودية الموارد، وتنافس القوى الإقليمية والدولية فى إفريقيا، واستمرار بعض النزاعات والصراعات فى القارة.
والمعروف أن مصر تتمتع بعلاقات تاريخية متشعبة مع قارة إفريقيا، تمتد جذورها إلى عصور الفراعنة، وكانت مصر جزءًا لا يتجزأ من إفريقيا، وتفاعلت مع دول القارة فى مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية، وتعتبر مصر من الدول المؤسسة لمنظمة الوحدة الإفريقية الاتحاد الإفريقى حاليًا، وقد لعبت دورًا مهمًا فى دعم حركات التحرر الإفريقية، ومناهضة الاستعمار والتمييز العنصرى. كما أسهمت فى حل النزاعات الإفريقية، وتعزيز السلام والاستقرار فى القارة.
وتتعاون مصر مع الدول الإفريقية فى مختلف المجالات الاقتصادية، مثل التجارة والاستثمار والتنمية، وتسهم الشركات المصرية فى تنفيذ مشروعات تنموية فى إفريقيا، وتسعى مصر إلى تعزيز التكامل الاقتصادى بين دول القارة، كما تتبادل مع الدول الإفريقية الخبرات الثقافية، من خلال إقامة المعارض الفنية، والمهرجانات الثقافية، والبرامج التعليمية، وتستقبل الجامعات المصرية طلابًا من مختلف الدول الإفريقية، وتسعى إلى نشر اللغة العربية والثقافة المصرية فى القارة.
وتتطلع مصر إلى تعزيز علاقاتها مع الدول الإفريقية، من خلال تكثيف التعاون فى مختلف المجالات، ودعم جهود التنمية فى القارة، وتعتبر مصر إفريقيا عمقها الاستراتيجى، وأن تعزيز العلاقات مع دول القارة يخدم مصالح مصر وإفريقيا على حد سواء.
ويمكن القول إن الدور المصرى فى إفريقيا خلال العقد الماضى شهد تطورًا نوعيًا، حيث أصبحت مصر فاعلًا رئيسيًا فى الشأن الإفريقى، ومساهمة فعالة فى تحقيق التنمية والاستقرار فى القارة. ومع استمرار هذه الجهود، من المتوقع أن يتعزز دور مصر فى إفريقيا بشكل أكبر فى المستقبل، وتصبح شريكًا استراتيجيًا مهمًا للدول الإفريقية فى مواجهة التحديات، وتحقيق التنمية المستدامة.