لا تعطينى حصة دين.. لكن علمنى كيف أمارسه
فى إطار جهود الدولة لتعزيز القيم الأخلاقية والهوية الثقافية، أعلن وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، الدكتور محمد عبداللطيف، عن إضافة مادة التربية الدينية إلى المجموع الكلى للطلاب فى جميع المراحل الدراسية، اعتبارًا من العام الدراسى المقبل. هذا القرار، الذى جاء بالتنسيق مع الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، يهدف إلى إحياء أهمية هذه المادة فى تشكيل وعى الطلاب، إلا أنه أثار نقاشًا وجدلًا واسعًا بين مختلف فئات المجتمع.
ورغم تنوع الآراء بين مؤيد ومعارض للقرار، فإن التساؤل الحقيقى يتجاوز القبول أو الرفض، لينصبّ على كيفية تقديم التعليم الدينى بشكل يعزز القيم الأخلاقية والروحية فى نفوس الطلاب. فالمسألة ليست مجرد قرار إدارى، بل تتعلق بسبل ترسيخ الدين كجزء من بناء الهوية، بعيدًا عن الإلزام الذى قد يؤدى إلى نتائج عكسية. فالدين، كونه أساس هويتنا، يجب أن يُقدم للطلاب بروح تربوية تُشجع على الفهم العميق والممارسة الصادقة بدلًا من جعله عبئًا دراسيًا إضافيًا.
هذا القرار يطرح تساؤلات عديدة، أولها كيف يمكن أن يتحول الدين إلى مادة قابلة للتقييم بالمقارنة مع الرياضيات أو العلوم أو غيرها من المواد؟.
وثانيهما اختزال المادة فى الحفظ والاختبار، التركيز على الامتحانات قد يُفقد المادة قيمتها التربوية والروحية والإلزام بالتحصيل الدراسى لمجرد الحصول على الدرجات، بدلًا من فهم مضمونها العميق، وقد يدفع الضغط الدراسى بعض الطلاب إلى الغش، وهو ما يُفقد تعلم الدين قيمته الأخلاقية والروحية. وأكررها مره أخرى قد يصبح الدين عبئًا ثقيلًا بدلًا من أن يكون وسيلة لإثراء حياتهم الروحية. ومع فرض التربية الدينية كواجب، وقد يوصلنا إلى فقدان الشغف بالمادة، على غرار المقولة الشهيرة «لا تعطنى سمكة ولكن علمنى كيف أصطاد»، يصبح من الأفضل إعاده النظر فى طريقة تدريس الأديان داخل المدارس وتوجد أساليب كثيرة ومبتكرة يمكن اعتمادها وتناسب العصر الحديث بدلًا من إضافته للمجموع.
ويأتى هنا دور التكنولوجيا، حيث يمكن استخدام التطبيقات التعليمية والفيديوهات التوضيحية لجعل المادة أكثر جذبًا وتفاعلًا مع الجيل الجديد، الذى يعتمد بشكل كبير على الوسائل الرقمية.
مع العمل على القصص المستمدة من القرآن الكريم والإنجيل لتوضيح القيم الإنسانية المشتركة مثل الصدق، الأمانة، والتسامح. فالقصص وسيلة محببة للأطفال وتنقل القيم بطريقة غير مباشرة والحوار بين الأديان مع إدخال أنشطة تُظهر نقاط الالتقاء بين الأديان السماوية يعزز قيم التعايش والتسامح بين الطلاب منذ الصغر، ويؤكد على أن الدين وسيلة للارتقاء الأخلاقى والاجتماعى، مع عمل زيارات ميدانية لدور العبادات.
ويمكن إدخال ورش عمل وأنشطة فنية ومسرحية تدور حول مواضيع دينية، مما يجعل الطلاب يتفاعلون مع المادة بشكل إبداعى ويُنمّى لديهم التفكير النقدى. ويمكن ربط التعليم الدينى بالحياة اليومية، بحيث تساعدهم على فهم كيفية تطبيق القيم الدينية فى سلوكهم اليومى.
الهدف من تدريس الأديان لا يعتمد فقط على كونه مادة إجبارية، بل على الطريقة التى يُقدم بها والرسالة التى يحملها ليس فقط بناء معارف عقلية، بل بناء أرواح طلابنا بالحب والإقناع. إن نجاح تدريس الدين فى المدارس ليكون الدين مصدر إلهام وتغيير إيجابى، لا عبئًا يُثقل كاهل أبنائنا.
الدين هو رسالة حبّ، وقيم، ورُقىّ. ولكى نغرس هذه الرسالة فى قلوب الأجيال الجديدة، يجب أن يكون أكثر من مجرد مادة دراسية تُضاف إلى الجداول والامتحانات، يجب أن نُعلمها بأساليب ملهمة تُشجع الطلاب على حب المادة وفهمها بعمق لا بد أن تتوقف أساليب التلقين التقليدية التى تعتمد على الحفظ والترهيب، وأن تُستبدل بأساليب تُبرز الجمال الداخلى للدين كمنهج حياة وأهميته فى حياة الإنسان.