عمر الورداني: الهدف من التشريع في الذكاء الاصطناعي ليس ربط التقنية
استضافت قاعة الصالون الثقافي "بلازا 2" بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 ندوة بعنوان "التشريع في عالم الذكاء الاصطناعي"، بحضور سلطان الخالدي، الباحث في فلسفة القانون من المملكة العربية السعودية، والدكتور عمر الورداني، وشارك في الندوة الدكتور وليد عبد المنعم.
قال الدكتور وليد عبد المنعم: "الذكاء الاصطناعي، تعريفه البسيط هو مجموعة من البرمجيات التي يتم تطويرها بشكل منفصل، وتقوم بالتكيف مع المحيط بها". وأشار إلى أنه، بحكم تعاملنا اليومي ودخول الذكاء الاصطناعي في حياتنا، هناك بعض المخاطر التي يجب الإشارة إليها عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
من جهته، قال الباحث في فلسفة القانون سلطان الخالدي: "يلجأ المشروع إلى تقديم القيود التي تحد من الذكاء الاصطناعي، وفي أيام الإنترنت المبكرة، بُشِّر بما يسمى الإنترنت الصدامي".
وأضاف الخالدي أن الذكاء الاصطناعي بدأ يصطدم بمصالح الإنسان الحياتية، وأصبح يشكل خطرًا بالغًا على حقوق الإنسان، مما دفع الأمم المتحدة إلى المطالبة بوقف مؤقت لوجود وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي، حتى يتم تقديم ضمانات وحقوق تضمن حرية وحقوق الإنسان.
وأشار الخالدي إلى أن هناك اتجاهين في مجال التشريعات: اتجاه ثابت وآخر مرن. الأول يرى أنه لا داعي لوجود تشريعات جديدة، بينما الثاني في المجتمعات الغربية قد قدم تشريعات تواكب تطور الذكاء الاصطناعي.
تحديات ومخاوف الذكاء الاصطناعي
وأشار الباحث سلطان الخالدي إلى أن هناك تحديات يجب الوقوف عليها، من بينها: خلق التوازن، والذي يفترض تعزيز الابتكار والتقدم، على أن تكون هذه الممارسات مستوفية للشروط الأخلاقية. وأضاف الخالدي أن الصين وأمريكا هما الأكثر تقدمًا في مجال الذكاء الاصطناعي، ويعملون بأقل قيود تشريعية، ما يساهم في الاقتصاد والطاقة.
وأوضح الخالدي أن عمل الذكاء الاصطناعي القائم على قاعدة بيانات قد يخلق مشكلات سياسية واقتصادية هائلة، وعليه يجب أن توجد عدة مراكز على مستوى العالم، كما يجب أن تكون هناك قوانين ورقابة صارمة على الشركات التي تقدم البيانات، لضمان امتثالها للقانون.
عمر الورداني: لدينا مسؤولية كبرى في مواجهة تطورات الذكاء الاصطناعي
من جهته، قال الدكتور عمر الورداني: "هناك بعض الحقائق يجب علينا أن ندركها عن الذكاء الاصطناعي، أولها أننا نتعامل مع تقنية حديثة تتطور يومًا بعد يوم. ويمكن القول إنه بعد خمس سنوات ستتغير الحياة بشكل ضخم إذا لم تكن لدينا رؤية مستقبلية لهذه الحقيقة التي نعيشها، فهناك أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية، فهو حتى الآن نعرفه بمثابة تقنية".
وتابع الدكتور الورداني: "سؤالي هو: من الذي منح هذه التقنية هذه الأهمية؟ يأتي ذلك من شغف الإنسان في اختزال الزمن، وهذا العالم ليس عالماً موازياً، بل هو مرتبط بحياتنا. بطبيعة الحال، سيغير تعاملنا مع الذكاء الاصطناعي مفهومنا للمعرفة". وأضاف أن المعرفة التي تقدمها أدوات مثل الشات جي بي تي غالبًا ما تكون رهينة لإنتاج المعرفة التي ضُخَّت إليها، وهناك تحيز واضح في بعض الأحيان.
وأشار الورداني إلى أن هناك بعض الباحثين في فيلادلفيا يرون أن هناك ما يسمى بـ"الرحم الإلكتروني"، حيث تُجرى بعض الأبحاث السريرية في هذا المجال، وهو ما يشير إلى تغير مفهوم المعرفة.
أكد الورداني على أننا نتعامل مع شيء لم يسبق لنا التعامل معه من قبل، ويجب أن ندرك أن ما يحدث هو تغير معرفي. وأضاف: "لو كان هذا الموضوع موجودًا في عهد الإمام عمر، لكان جمع أهل المدينة للحديث فيه، فبالتأكيد الذكاء الاصطناعي يعد من النوازل الكبرى".
الذكاء الاصطناعي يشاركنا الحديث والتفكير
الذكاء الاصطناعي يشاركنا الحديث والتفكير بدءًا من التعليم وصولًا إلى الفضاء. وقد يكون ظهوره في غفلة من علماء الاجتماع والنفس. كما أضافت وسائل التواصل الاجتماعي أنها جعلتنا نعيش في غرفة واحدة، مما خلق سيولة في تدهور أخلاقياتنا، بدءًا من الخيانات الإلكترونية وصولًا إلى البذاءات.
وأشار الورداني إلى أن هناك مراحل على الفقيه أن يمر بها حتى يتم إصدار حكم، وهي: التصوير، والتكيف، والحكم، وإصدار الفتوى.
وقال: "كان الإمام الغزالي يقول إن الفقيه يظل لقوة تصوره، ونحن الآن أمام نازلة ما زالت تقع الآن، وأمس، وغدًا". وأكد أن ما حدث من سقوط للويب كان نتيجة الاستعمال الضخم والهائل للإنترنت والتعامل مع الذكاء الاصطناعي.
الهدف من تناولنا الحديث في الذكاء الاصطناعي
أشار الورداني إلى أن الهدف من الحديث عن الذكاء الاصطناعي هو حفظ الكرامة الإنسانية وكيفية عمل الذكاء الاصطناعي على إهدار الكرامة الإنسانية. وأوضح أن ما يحدث نتيجة للذكاء الاصطناعي هو تسييل الجريمة عبر هذه التقنية. هناك خوارزميات عميقة تقوم بالتقاط كل جملة وحرف لنا وتستخدمها ضدنا في الواقع.
أما عن العدالة والمساواة، فأوضح الورداني أنه نتيجة للضخ المعلوماتي للذكاء الاصطناعي بطريقة غير محايدة، سيؤدي ذلك إلى توسيع الفجوات، وسيعمل على سيولة المفاهيم، بالإضافة إلى تفكيك كل ما يمكن أن نشير به كركيزة للحياة.
وأكد الورداني أن الذكاء الاصطناعي سيوفر فرصًا هائلة لتوفير الأموال، ولكن هذا يتبعه مشكلة أخرى، وهي تعزيز الصراع بين شركات الأعمال. وأضاف أن التشريع في قيمنا يشجع على الابتكار، ولكن عبر شروط، منها الحرص على الكرامة الإنسانية.
مقاصد الشريعة الإسلامية والذكاء الاصطناعي
وتابع الورداني قائلاً: "هناك خمس مقاصد شرعية يجب أن نعرف كيف يمكن التعامل معها في الذكاء الاصطناعي":
حفظ النفس: أشار إلى أن هناك 5000 شخص في اليابان يعيشون في بيوتهم ولا يخرجون نهائيًا، وهذا يمثل خطرًا على النفس الإنسانية. لذا يجب أن يتدخل علم النفس للتعامل مع الذكاء الاصطناعي.
حفظ العقل: أكد على ضرورة مراجعة أبحاث الهوية. عندما يتحول الذكاء الاصطناعي إلى منطق، يجب أن نعلم أولادنا كيفية حفظ هويتهم لمواجهة منطق الذكاء الاصطناعي.
حفظ الحياة: يجب أن تكون هناك برامج تدريبية لمقاومة الشعور بالوحدة. وأشار إلى أن بعض البلدان لديها وزراء لمكافحة الوحدة لأنها مكلفة.
حفظ العرض والكرامة: من المستحيل أن نجد أي كيان رقابي يقوم بمراقبة هذه الأمور، والحل هو أن يكون هناك بعض الأدوات التي تستخدم القيم الوفيرة التي تحافظ على الأعراض والخصوصية.
حفظ المال: يجب أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي في الموارد التي يحددها القانون.
الهدف من التشريع
الهدف من التشريع في الذكاء الاصطناعي ليس ربط التقنية، ولكن البحث عن ضمانات لعدم انحراف التقنية عن مسارها السليم.