رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سفير مصر بواشنطن: لن نكون جزءًا من مخطط تهجير الفلسطينيين خارج غزة

السفير معتز زهران
السفير معتز زهران

أعاد حساب السفارة المصرية لدى أمريكا على منصة "إكس"، تويتر سابقًا، نشر مقال السفير معتز زهران سفير مصر لدى واشنطن، والذي جرى نشره في مجلة "ذا هيل" الأمريكية، منذ حوالي 3 أشهر، حول موقف مصر الرافض لأي مخطط يقوم على تهجير الفلسطينيين خار أرضهم.

جاء مقال السفير المصري، الذي نشر في 20 أكتوبر 2024، تحت عنوان "لا يمكن لمصر أن تكون جزءًا من أي حل يتضمن نقل الفلسطينيين إلى سيناء".

ويأتي إعادة نشر المقال من قبل السفارة المصرية؛ للتأكيد على موقف مصر الراسخ والمستمر لأي محاولة من شانها الترويج لتهجير أو نقل الفلسطينيين خارج غزة، سواء قسريا أو طواعيةً.

قال السفير معتز زهران: "في هذه الأوقات العصيبة، ومع تطور الأحداث المضطربة في غزة وإسرائيل، يرى المجتمع الدولي تذكيرًا مؤلمًا بأن الرخاء الدائم لا يمكن تحقيقه على حساب الآخرين.. ففي مصر، كنا شهودًا على دورة العنف التي حددت الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين لأجيال".

وتابع: "رغم تجاهل تحذيراتنا السابقة بشأن عدم الاستقرار الناجم عن الافتقار إلى حل سياسي مستدام للإسرائيليين والفلسطينيين، فإن السؤال يظل قائمًا: كيف يمكننا إذن أن ننظر إلى ما هو أبعد من اللحظة الحالية، وأن نبني سلامًا عادلًا ودائمًا للجميع؟".

وأضاف: "إن المجتمع الدولي من خلال الاستعانة بالحس السليم، لا بد وأن يتفق على دعوة منطقية لخفض التصعيد نحو وقف إطلاق النار الذي يضع حدًا لحالة الحرب ويسمح بسرعة بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، الذين حرموا من أي وصول إلى المياه والكهرباء، كما تستعد إسرائيل لشن عملية برية، مع إمكانية وقوع خسائر بشرية إضافية هائلة على الجانبين.. إن دورة العنف تغذيها مشاعر عميقة بالانتقام، ولكن يتعين على القادة المسئولين أن يتذكروا أن التزامات الدول بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي لابد وأن تُحترم في جميع الأوقات، وذلك لحماية المدنيين الأبرياء من أهوال الحرب".

وجاء في نص المقال:

"وعلى هذا فإن دعوة إسرائيل لإجلاء أكثر من مليون غزي من داخل غزة ليست غير عملية فحسب، بل إنها تتعارض أيضًا مع هذه الالتزامات القانونية التي تقع على عاتق القوة المحتلة، ومن شأنها أن تؤدي إلى كارثة إنسانية.

كما أن دعوة الإجلاء هذه تتحدى فكرة حل الدولتين القائم على الإنصاف والعدالة.

إن تجريد المواطنين من وطنهم وتحويلهم إلى لاجئين دائمين لا يقربنا من الحل السياسي الدائم، بل إنه يصد ويؤجج مشاعر الألم المعذبة، وبالتالي ردود الفعل في شكل عنف بدافع الانتقام.

وحتى يتسنى لنا تنفيذ وقف إطلاق النار في وقت مبكر، فإن سلامة المدنيين يجب أن تكون على رأس أولوياتنا.

ويجب تمكين الأمم المتحدة من تحديد ملاجئ إنسانية داخل غزة، وتوفير المأوى والرعاية اللازمة لأولئك الذين وقعوا في مرمى النيران، وحماية المدنيين الأبرياء.

في ظل السرد المتطور باستمرار حول الصراع في غزة، ظهرت مزاعم كاذبة تربط بين مصر وفرض الحصار على غزة.

وفي الوقت نفسه، ظهرت أصوات تدعو مصر إلى فتح حدودها، والسماح للاجئين الفلسطينيين بالبحث عن ملاذ آمن في سيناء.

ولنتأمل هنا الوضع من منظور أكثر عمقًا، فلابد أن ننظر إلى الدور المصري في ضوء معبر رفح، الذي يشكل واحدًا فقط من بين سبع نقاط دخول إلى غزة، في حين ترتبط بقية النقاط بإسرائيل.

والحقيقة أن مصر لم تغلق معبر رفح؛ فقد ظل يعمل حتى تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية على الجانب الغزّي في تعطيله.

ومرة ​​أخرى، نواصل العمل بشكل كامل مع العديد من المحاورين لضمان مرور آمن للمساعدات التي تشتد الحاجة إليها في غزة، وللمواطنين من بلدان ثالثة إلى مصر.

إن موقف مصر واضح: فهي لا يمكن أن تكون جزءًا من أي حل يتضمن نقل الفلسطينيين إلى سيناء.

فمثل هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى نكبة ثانية، وهي مأساة لا يمكن تصورها لشعب صامد تربطه علاقة لا تنفصم بأرض أجداده.

ولنكن واضحين، مصر ليست من المهتمين بمناقشة أي مقترح من شأنه أن يضعف القضية الفلسطينية.

إن القلق المباشر يدور حول تصعيد العنف إلى مستويات خطيرة، ما يزيد من الإضرار بأمن إسرائيل، وآفاق معيشة الفلسطينيين وإقامة دولتهم.

ولا يمكن إنهاء هذا المستنقع التاريخي إلا من خلال الدبلوماسية النشطة التي تخلق أفقًا سياسيًا من خلال عملية سلمية، مستوحاة من مؤتمر مدريد عام 1991، والتي تؤدي إلى حل سياسي عادل.

تعمل مصر بنشاط مع كافة الأطراف المعنية لضمان حماية المواطنين الفلسطينيين، وضمان سلامة وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين المدنيين الإسرائيليين والأمريكيين والدوليين، فضلًا عن المعتقلين الفلسطينيين الذين أصبحوا ضحايا لدائرة لا نهاية لها من العنف.

وسنواصل حوارنا الوثيق مع الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الرئيسية بشأن جهود الإغاثة الإنسانية، وسنواصل مشاوراتنا مع الأمم المتحدة لإنشاء ملاذات آمنة داخل غزة.

ولكي نتمكن من إنهاء دائرة العنف، يتعين علينا أن ندرك عقودًا من السياسات التي أدت إلى تقليص الآمال في إقامة دولة فلسطينية عادلة ومنصفة.

وفي الوقت نفسه، يتعين علينا أن نعترف بالسياسات الفاشلة التي سمحت للمتطرفين على الجانبين، بإملاء مسار خطير من المجازفة التي أشعلت النيران التي تجتاح فلسطين وإسرائيل.

لقد دافعت مصر دائمًا عن قضية كسر هذه الدائرة، والتصدي للتطرف، وتعزيز المثل العليا التي تم إطلاقها في الريادة والدفاع عن السلام منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، من أجل خلق الظروف والبيئة اللازمتين لتحقيق سلام شامل وعادل ودائم. 

إننا نقف اليوم على حافة الهاوية في مواجهة عنف ودمار لا يمكن تصورهما، وعلينا أن نغتنم هذه اللحظة ونسعى إلى تحقيق سلام دائم في ظل الله، يقوم على الرحمة والعدل".