رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

متخصصون بمعرض الكتاب: الترجمة الآلية لن تأخذ الدور البشرى خاصة فى الأعمال الأدبية

معرض الكتاب
معرض الكتاب

أكد مترجمون ومتخصصون اليوم السبت، ضرورة تعميم استراتيجية رفاعة الطهطاوي في الترجمة باستخدام مفردات الشاعر بالعامية الراقية، مشددين على أن استخدام الذكاء الاصطناعي لن يلغي دور المترجم البشري خاصة في الترجمة الأدبية وترجمة العلوم الإنسانية، ولكنه يمثل ميزة لصناعة الترجمة. 

ودعا المشاركون في مؤتمر ترجمة العلوم الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ56، إلى تفعيل مقترح إنشاء بيت الترجمة ودعم جهود المثقفين سواء الرسمية أو الشعبية والذاتية. 

جاء ذلك خلال التوصيات التي أصدرها المحور الأول من المؤتمر والذي جاء بعنوان "صناعة الترجمة".

وقالت المترجمة إيمان عبدالحميد، ممثلة معهد جوته الألماني بالقاهرة، إن برنامج جوته في الترجمة عمره 50 سنة في العالم و30 سنة في مصر فقط، مضيفة أن معهد جوته يقدم الدعم لدور النشر وفق شروط محددة، وليس المترجمين لأنهم الجهة المعنية بمخاطبة الجهات الأجنبية وكذلك استصدار التراخيص. 

وأشارت إلى أن معهد جوته أطلق منصة ترجمتنا التي تقدم توصيات للترجمة، ودعم الأدب الألماني في العالم العربي، وتم اختيار هذه التوصيات وفق خبراء لغة ألمانية ومختصين في صناعة النشر، كما توفر بالمنصة دراسات ومقالات حول شكل المشهد الأدبي في ألمانيا. 

ولفتت إلى أنه "منذ عامين دشنا مسابقة في كتاب الطفل، لذا قررنا تطوير المسابقة بجائزة حضور ورشة عمل للترجمة في ألمانيا، مشيرًا إلى أن ما بعد فترة كورونا دعم جوته في 4 سنوات ترجمة ما يزيد عن 60 كتابًا". 

 مبادرة الإنسان في مواجهة الآلة

وأعلنت عن أن المعهد سيطلق هذا العام مبادرة الإنسان في مواجهة الآلة من واقع الاستجابة لتحديات الذكاء الاصطناعي. 

بدوره، قال خالد السيد ممثل جائزة كتارا القطرية إنه جرى الإعلان عنها في 2010 واستطاعت أن تظهر بصمتها في المشهد الثقافي العربي، لاعتمادها على الهندسة الثقافية، وهي أن تكون الثقافة والترجمة لها مردود اقتصادي. 

وأضافت أن "عملنا على الترجمة من خلال الجائزة وترجمنا الروايات الفائزة إلى الإنجليزية والفرنسية وستتم إضافة اللغة الصينية والأرمينية خلال العام الحالي والمقبل، مشيرًا إلى أن الجائزة تمتلك دار نشر خاصة بها وأصدرت أكثر من 50 رواية، إضافة إلى ترجمة كتب أخرى إلى اللغتين الإيطالية والإسبانية، كما تمتلك كتارا مكتبة خاصة بالرواية العربية وهي الوحيدة من نوعها في الوطن العربي. 

ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي دخل عالم الترجمة عبر الأدوات التي توفرها الشركات العالمية والبرامج المتخصصة في الترجمة الآلية، مشيرًا إلى أنه ما زال العامل البشري لازمًا خاصة في اللغة العربية بعكس اللغات الأخرى.

وحول مستقبل الترجمة الأدبية في عصر الذكاء الاصطناعي، قال المترجم الدكتور طه زيادة وممثل المركز الثقافي الإسباني إن تقنيات الذكاء الاصطناعي في الترجمة يمكن أن يكون لها تأثير على الجودة والتنوع وسرعة ودقة الترجمة ما يجعل النصوص متاحة في وقت أقصر للجمهور. 

وأضاف أن الترجمة الآلية أصبحت أكثر قدرة على فهم النصوص لكن ليس الأمر نفسه في الترجمة الأدبية لما تحتاجه من فهم عميق للغة الأصلية للنص واللغة المستهدفة. 

وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يجد صعوبة في التقاط الإيقاع والنغمة الأدبية للنص ليعكس خصوصية العمل الأدبي ونقل روح النص وليس المعنى فقط. 

ولفت إلى أن الترجمة الآلية قد توفر الترجمة الأولية ما يوفر الوقت ويساعد في للترجمة الأدبية، لكنه لن يستبدل العنصر البشري. 

واقترح إنشاء بيت للمترجمين في إحدى العواصم العربية يجمع المترجمين للغة العربية من كل أنحاء العالم. 

من جانبها، قالت الدكتورة كرمة سامي رئيس المجلس القومي للترجمة إنه لا بديل عن "تحالف المعارف"، لأننا منطقة عربية نتكلم لغة واحدة، فإشكاليات الترجمة تهمنا جميعًا. 

وأضافت أنه منذ جيل الرواد بداية من رفاعة الطهطاوي مرورًا بطه حسين وثروت عكاشة ويحيى حقي ونحن نهتم في مصر بالترجمة، على المستوى الرسمي أو الذاتي حتى الراحل محمد عناني الذي خسرنا برحيله قامة كبيرة. 

وأكدت أن صناعة الترجمة تسير بشكل مباشر مع صناعة المترجم وصناعة القارئ الواعي، وكما قال يحيى حقي "فن ترجمة الفكر"، لأننا لا نترجم ألفاظًا ولكن نترجم أفكارًا ومعاني. 

وقالت: "الأمة التي تترجم هي أمة واثقة في ثقافتها ومنفتحة على العالم". 

فيما قالت المتحدثة مريم كمال من المركز الثقافي الإيطالي، إنها تستخدم الذكاء الاصطناعي في الترجمة والكتابة وترى أننا لن نستغني عن المترجم البشري مطلقًا. 

وأضافت أن المعهد الإيطالي ترجم المئات من الكتب من الإيطالية إلى العربية عبر العديد من المنح من وزارة الخارجية أو الثقافة الإيطالية. 

بدوره، قال الدكتور محمد عباس عبدالعزيز ممثل عن المؤسسة الثقافية اليونانية إن أول محاولات الترجمة من اليونانية بدأت منذ العصر العباسي، ثم توقفت حتى جاء طه حسين ليعيد إحياء هذا التواصل المعرفي.

معظم الترجمات مع اليونانية كانت من المجلس القومي للترجمة حتى إنشاء فرع المؤسسة الثقافية اليونانية في الإسكندرية، موضحًا طرق الحصول على دعم للترجمة من وإلى اللغة اليونانية. 

في السياق نفسه، أشار ممثل المعهد الفرنسي الدكتور هاني حنا، إلى أن صناعة الترجمة هو موضوع غاية في الثراء، حيث إن العملية الحرفية في النص المترجم لها عدة مكونات، أولها الموهبة. فمثلًا ناشر يجيد اللغة العربية واللغة المراد نقل النص منها أو إليها، وهي عناصر ليست كافية لترجمة النص، ولكن يجب أن يكون المترجم كاتبًا، وله نظرة شاملة وخياله قادر على الربط بين العناصر مع عدم إغفال السياق العام. 

وتابع أن ثاني العناصر هي تقمص دور القارئ العربي في توصيل المعنى، لأن الموهبة وحدها لا تكفي.، كذلك أن يسير العمل في عدة محاور كالبحث العلمي فتمتد مفاهيم البحث المنهجي إلى مجال الأدب وليس العلوم فقط. 

وأكد أنه ينبغي أن يبحث المترجم في القاموس عن معنى موائم لموضوع النص، وهناك كلمات ليس لها مقابل في العربية، وهنا يبرز عامل الاستحداث، وثالثًا الانغماس في ثقافة البلد التي يكتب عنها المترجم وأن يفهم لغتها الدارجة، الذكاء الاصطناعي لا يراعي مقتضى الحال ولا يملك البلاغة، رغم تطوره الكبير في الآونة الأخيرة. 

ولفت إلى أن الطرف المهمل في منظومة صناعة الترجمة هو المترجم نفسه، وعند محاولة الناشرين تقليل التكلفة يستغنى عن تكلفة ما يتقاضاه المترجم نفسه.