محمد الباز يكتب: الوهم الكبير الإخوان و25 يناير.. شهادات عن انتهازية الجماعة الإرهابية
دخلت جماعة الإخوان إلى أحداث ٢٥ يناير وهى تقف على الحافة تمامًا.
لم تكن تملك شيئًا لتتفاوض به، كل ما كان معها أوراق دعم من مخابرات أجنبية، بعد لقاءات تنسيق عديدة، ونصيحة واضحة للجميع، ألا تنزل إلى الشوارع إلا بعد أن يسيطر الشباب على الموقف.
كانت نصيحة المخابرات الغربية تعزف على وتر الواقع المصرى.
فنظام مبارك لا يرى أمامه خصمًا له إلّا جماعة الإخوان، وكان على ثقة أن أى تحرك فى الشارع ستكون الجماعة حتما وراءه، ولذلك كان ضروريًا ألا تظهر الجماعة فى الصورة، لأن حراك الشباب لو فشل لأى سبب فإن الجماعة هى من ستدفع الثمن وحدها فى مواجهة نظام سيدافع عن بقائه وكرامته حتى اللحظة الأخيرة وبكل شراسة ممكنة، وبكل ما يملكه من أدوات.
صباح ٢٤ يناير ٢٠١١ عُقد اجتماع الرسالة الأسبوعية الإعلامية للإخوان، وهو الاجتماع الذى كانت تخرج عنه كلمة المرشد الأسبوعية، تتم مناقشة طويلة حول أهم عناصرها، وتتم صياغتها بإحكام، قبل أن تخرج موقعة باسم المرشد.
حضر هذا الاجتماع مرشد الجماعة محمد بديع، ومحمود عزت، نائب المرشد الأول، ومحمد مرسى، عضو مكتب الإرشاد والمسئول عن القسم السياسى بالجماعة، وعصام العريان، عضو مكتب الإرشاد، وعبدالجليل الشرنوبى بصفته رئيسًا لتحرير موقع «إخوان أونلاين».
اتفق المجتمعون على أن الجماعة لا علاقة لها بالمظاهرات التى تمت الدعوة إليها فى ٢٥ يناير، ولن تدعمها بأى صورة من صور الدعم.
اكتفى المجتمعون بأن قرروا أن رسالة المرشد، التى كان مقررًا نشرها يوم ٢٧ يناير ٢٠١١، ستكون رسالة قوية ضد الأنظمة المستبدة، ورغم أن مظاهرات ٢٥ يناير كانت تبشر بأن هناك تغيرًا واضحًا على الأرض، فإن رسالة المرشد لم تتغير، وصدرت كما هى دون أدنى تغيير، فقد شعر المتابعون للجماعة أن الإخوان لا يعرفون ماذا يحدث حولهم.
مساء ٢٥ يناير، وعندما وصلت مظاهرة ناهيا الحاشدة إلى ميدان التحرير، كان إدراك الإخوان متأخرًا لحقيقة ما حدث، كما يقول عزمى بشارة فى كتابه «ثورة مصر.. من جمهورية يوليو.. إلى ثورة يناير».
تواصل هانى محمود، أحد شباب الإخوان، من الميدان بعصام العريان، وتحدث معه عن ضرورة مراجعة الجماعة موقفها من الحراك، لأن ما حدث فى مصر- طبقًا لتعبيره- غير مسبوق.
سأله العريان: إيه اللى حصل.. أنا كنت فى وقفة دار القضاء وعدت منذ قليل؟
أجابه هانى: يا دكتور، وجه مصر مختلف تمامًا، ولا علاقة له بما كان عند دار القضاء، أنا لم أشهد تظاهرة كالتى جئنا بها من ناهيا للتحرير من ناحية العدد وطول المسافة وفى روح المتظاهرين وأعدادهم.
رد العريان بسرعة قبل أن يغلق الهاتف: سأتابع الأمر مع الإخوة فى المكتب.
تأخر رد عصام العريان على هانى محمود، فطلب من صديقه أحمد نزيلى أن يتواصل مع والده الذى هو فى نفس الوقت أحد القيادات التاريخية بالجماعة، ومسئول مكتب إدارى الجيزة.
استمع الوالد من ابنه لما يحدث، لكنه خذله، قال له: خليكم فى اللى إنتم فيه، واحنا فى اللى احنا فيه.
أغلق نزيلى الهاتف دون أن ينتظر سماع أكثر من ذلك من والده، الذى بدا أنه لا يريد أن يواصل الكلام فى التليفون، خوفًا من المراقبة فيما يبدو.
بعد أقل من ساعة على هذه الاتصالات، توجه ثلاثة من شباب الجماعة وهم إسلام لطفى وهانى محمود وأحمد نزيلى إلى مكتب الإرشاد بمنيل الروضة، وهناك قابلوا محمود عزت ومحمد مرسى ومحمد البلتاجى.
طلب الشباب من قيادات الجماعة أن يساندوا الشباب فى ثورتهم، لكنهم لم يجدوا لديهم شيئًا إيجابيًا يقنعهم.
يقول إسلام لطفى أن محمد مرسى سأله: يعنى إنتم كتير؟ عددكم كام يعنى؟
كانت وزارة الداخلية قد أصدرت بيانها فى حدود الساعة السابعة، وحمّلت فيه جماعة الإخوان وحركة ٦ أبريل مسئولية استغلال تظاهرات ٢٥ يناير، ودفعت بأكثر من عشرة آلاف عنصر من عناصرها فى ميدان التحرير لاحتلاله.
قال هانى محمود لقيادات الإخوان: وزارة الداخلية حملتكم المسئولية وانتهى الأمر، وهو ما يعنى أن الجماعة ستتحمل فى كل الأحوال كُلفة هذه التظاهرات، وعليكم أن تستعدوا لتظاهرات ٢٨ يناير، وتعيين قيادة ميدانية تكون لها سلطة إصدار القرارات دون العودة إلى مكتب الإرشاد فى كل مرة.
كان رأى محمود عزت أن الاعتصام بدأ شعبيًا ويفضل أن يستمر كذلك، فليس من السهل الحديث عن مشاركة الإخوان الآن، ولكن يمكن التنسيق مع القوى السياسية المشاركة فى تظاهرة الجمعة.
محمود غزلان، الذى انضم للاجتماع، قال للشباب الثلاثة: جسد الجماعة ضخم ولا يمكن تحريكه خلال فترة وجيزة، ويمكننا أن نؤجل نزول الإخوان إلى ما بعد ٥ فبراير.
أصر الشباب الثلاثة على ضرورة وجود الإخوان، فاقترحوا أن يقوم إخوان قطاع وسط القاهرة بتوفير مساعدات لوجستية للمعتصمين، وأن ينزل معهم أحد رموز الإخوان، إذ تتواجد رموز سياسية أخرى فى الميدان.
وافقت القيادات على أن ينزل محمد البلتاجى، الذى قال للشباب وهو فى طريقه معهم إلى ميدان التحرير: أنا من ساعة ما وصلت من دار القضاء وأنا أحاول إقناعهم أن أنزل للميدان وهم يرفضون.
ورغم أن الوضع تغير بالنسبة للجماعة مساء ٢٧ يناير- أى بعد نشر رسالة المرشد الأسبوعية بساعات قليلة، وذلك بعد القبض على عدد من قيادات الإخوان وعلى رأسهم محمد مرسى، وكانت التهمة الموجهة إليه وإليهم أنهم قاموا بالتواصل مع جهات أجنبية، والاتفاق على مباشرة أعمال من شأنها نشر الفوضى فى البلاد- فإن الجماعة تمسكت بموقفها.
كل ما جرى أن الأوامر التى صدرت عن الجماعة لأعضائها فى القاهرة والمحافظات المختلفة، فى وقت متأخر من ليلة ٢٧ يناير ٢٠١١، ألا تتم المشاركة فى مظاهرات الجمعة، التى وصفت بـ«جمعة الغضب»، إلا بعد مشاركة القوى السياسية المختلفة وبشكل ملحوظ.
ورغم أن أعداد المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع فى ٢٨ يناير كان كبيرًا جدًا، فإن الجماعة طلبت من أعضائها الانسحاب من الشوارع والميادين والعودة إلى بيوتهم مرة أخرى، وهو الأمر الذى يجعلنا نتشكك فى مسار الجماعة الخفى، فليس بعيدًا أن يكون هناك تنسيق جرى بين الجماعة والأجهزة الأمنية، وهو التنسيق الذى قررت الجماعة أن تسحب أعضاءها بمقتضاه من المشاركة فى الأحداث.
أول ملامح مرحلة الوهم التى دخلتها الجماعة مع بداية أحداث ٢٥ يناير، تظهر لى فى هذا اليوم.. ٢٨ يناير.
فعندما أصدرت الجماعة أوامرها لأعضائها بالانسحاب من الميادين سقطت أسطورتها فى السمع والطاعة، حيث رفض عدد كبير من الشباب فى المحافظات وفى ميدان التحرير أمر الجماعة وخرجوا عليها، وعندما وجدت الجماعة نفسها فى حرج بالغ، أصدرت قرارات بفصل الشباب الذين تمردوا عليها ولم يستجيبوا لأوامرها.
صباح ٢٩ يناير، وبعد ما جرى فى جمعة الغضب، كانت الجماعة لا تزال عند موقفها.
أصدرت بيانًا طالبت فيه بحكومة ائتلافية لا يشارك فيها الحزب الوطنى، وإلغاء قانون الطوارئ وحل مجلسى الشعب والشورى، دون الإشارة إلى المطالبة برحيل النظام أو الرئيس مبارك.
ويعتبر عزمى بشارة فى كتابه الوثائقى، الذى صدر فى العام ٢٠١٦، أن هذا البيان كان يعنى أن أوساطًا فى قيادة الإخوان اعتبرت ما يجرى مناسبة لتحقيق مكاسب من النظام.
تحرك الشباب المتمرد على الجماعة بغضب تجاه البيان، فقد اعتبروا أن الإخوان خانت المعتصمين فى الميدان، ويمكن أن تقود هذه الخيانة إلى الانشقاق فيما بينهم، فعملوا على عدم توزيع البيان أو انتشاره.
قرر هانى محمود وأحمد نزيلى الذهاب إلى مكتب الإرشاد، وهناك التقيا محمود عزت الذى عاتباه بشدة على صدور هذا البيان، واعتباره خطيئة ارتكبتها الجماعة فى حق الحراك الذى يتم على الأرض، وعلى تبنى الجماعة مطالب لا علاقة لها بسقف مطالب الميدان، وقالا له بصراحة: هذا البيان أثار مخاوف كثيرين من أن تغازل الجماعة النظام لتعقد معه صفقة ما، فتنسحب من الاحتجاجات إذا ما أعلن النظام حزمة إصلاحات ترضيها وتحفظ لها دورًا ما فى المرحلة المقبلة.
كان محمود عزت ينصت لهانى ونزيلى دون أن يبدى رد فعل، فقد بدا مقتنعًا بموقف جماعته، ولم يتحرك إلا عندما قال له هانى محمود أن كثيرًا من المعتصمين بدأوا يشتمون ويسبون الجماعة وقياداتها بسبب البيان.
تنازل محمود عزت عن صمته، وتحت تأثير غضب الشباب اقترح عليهم أن تصدر الجماعة بيانًا جديدًا توضح فيه موقفها ويتم توزيعه فى الميدان، إلا أن الشباب رفضوا الاقتراح وطالبوا بوضوح أن تصدر الجماعة بيانًا إعلاميًا تؤكد فيه التزامها بمطالب الثورة ودعمها الكامل للميدان وسقف مطالبه.
بالمصادفة كان عصام العريان وسعد الكتاتنى موجودين فى مكتب الإرشاد، فاقترح أحمد نزيلى أن ينزلا معه الميدان لتأكيد دعم الجماعة للثورة والثوار، وتبنيها مطالب الميدان كاملة، وبالفعل ذهب العريان والكتاتنى إلى الميدان، ووقف الكتاتنى على المنصة ليعلن قرار الجماعة بالاستمرار فى الاعتصام بميدان التحرير.
لم تشارك الجماعة إذن فى الثورة إلا تحت ضغط، ويمكن أن نقول تحت تأثير ابتزاز أعضائها من الشباب المتمردين، الذين غادروها بعد ذلك، بما يعنى أن مشاركتها فى الثورة لم تكن سوى وهم كبير، فهى لم تتواجد فى صورة أحداث يناير الكبيرة إلا مدفوعة لذلك ومضطرة إليه، فقد وجدت الشباب يسحبون البساط من تحت قدميها وهو ما جعلها ببراجماتية شديدة تقرر المشاركة.
لقد توفرت لى أكثر من شهادة على قرار الإخوان بعدم المشاركة فى أحداث يناير، كان من بينها شهادة مهمة استمعت إليها من المهندس أحمد بهاء الدين شعبان.
يحكى شعبان: مساء ٢٣ يناير ٢٠١١ كنا موجودين فى منزل الأستاذ عادل المعلم، شقيق المهندس إبراهيم المعلم صاحب دار الشروق، دعانى لجلسة فيها بعض الأصدقاء، ولم أكن أعرف من سيكون موجودًا بالتحديد، وكنا فى الجمعية الوطنية للتغيير أصدرنا عدة بيانات ضد الإخوان، وفوجئت فى الجلسة بالدكتور محمد مرسى والدكتور سعد الكتاتنى، ودخلنا فى حوار حول الأحداث تحوّل إلى خناقة بسبب الدكتور مرسى، فلم تكن لديه قدرة على الحوار، كان محدودًا جدًا، ولا يمكن أن تدخل معه فى حوار إلّا وينتهى بصدام.
يضيف شعبان: على باب الأسانسير قلت له يا دكتور مرسى هناك شباب دعا إلى النزول فى ٢٥ يناير.. ما هو موقفكم؟ فقال لى: نحن أكبر كيان سياسى فى البلد، ولن نسير خلف شوية عيال، هؤلاء مجرد مجموعات من الصبية ويمكن أن يجرونا إلى شىء لا نريده، ومن يريد أن يفعل شيئًا لا بد أن يستأذن منّا أولًا، فقلت له: يعنى لن تنزلوا فى ٢٥ يناير؟ فرد بحسم: لا.. لن ننزل.
ويحكى لى المخرج خالد يوسف موقفًا كان شاهدًا عليه فى ٢٤ يناير ٢٠١١ عندما كان عضوًا فى البرلمان الشعبى، الذى ظهر احتجاجًا على ما جرى فى انتخابات ٢٠١٠.
يقول خالد: عقدنا اجتماعًا يوم ٢٤ يناير وكان معنا الدكتور محمد البلتاجى، وتحدثنا عن دعوة الشباب للنزول فى ٢٥ يناير، وسمعنا من البلتاجى أن قرار مكتب الإرشاد هو عدم المشاركة، وخرجنا من الاجتماع ببيان كتبه الدكتور عبدالحليم قنديل، وهاجم فيه الرئيس مبارك بقوة.
يضيف خالد: وجدت محمد البلتاجى بعد أن اطلع على البيان يصرخ فينا ويقول: لم نتفق على هذا، ولن أوقع على البيان، لقد اتفقنا على أننا لا علاقة لنا بحسنى مبارك، نحن نتكلم عن ممارسات الشرطة والشباب الداعين للتظاهرات، وأننا نثمن دعوتهم، ونقول إن قرارنا هو عدم المشاركة، لكن أن تقربوا من حسنى مبارك فأنا لن أوقع ولن أكون موجودًا معكم.
الشهادة الثالثة معى لنقيب المحامين السابق سامح عاشور، الذى سألته عن الإخوان، وهل كانوا جزءًا من أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، فنفى ذلك بشدة وقال لى أنا شاهد على أنهم لم يكونوا جزءًا من ٢٥ يناير، بل كانوا جزءًا من نظام مبارك قبل الثورة.
استوقفته قليلًا عند ما قاله، فبدأ يحكى لى عما جرى.
قال: كان الإخوان ينسقون مع نظام مبارك فى كثير من الأمور، وفى بعض القضايا، ومنها مثلًا ما حدث فى نقابة المحامين، فقد كان ملف نقابة المحامين مشتركًا بين الحكومة المصرية والحزب الوطنى والأجهزة الأمنية المختلفة وبين الإخوان المسلمين، وكان هناك اتفاق بينها، مثلا فى نقابة الأطباء كان الاتفاق أن يضعوا نقيبًا من الحزب الوطنى مع أغلبية فى المجلس من الإخوان، وهذا كان اتفاقًا كنا نعرفه فى أوساط النقابيين.
سألته عن نقابة المحامين.. ما الذى جرى فيها؟
قال: فى نقابة المحامين كانوا يريدون تكرار نفس المأساة، وفى انتخابات ٢٠٠١ اتفقوا على أن يأتوا بشخصية مع الحكومة، على أن يكون المجلس من الإخوان، وبالفعل كان المرشح الذى اتفقوا عليه كل قائمته من الإخوان، ويوم الانتخابات كان مرشد الإخوان مأمون الهضيبى يقف على باب النقابة فى انتظار إعلان النتيجة.
ويؤكد سامح عاشور أن الإخوان كانت لهم حظوة كبيرة فى نظام مبارك، حتى قامت ثورة ٢٥ يناير، كانت الأحداث دائرة فى الشوارع، وكان الإخوان لا يزالون فى بيوتهم، وكانوا يتشاورون فيما بينهم: هل ننزل ونشارك أم نعتصم فى بيوتنا حتى نرى ما تسفر عنه الأحداث؟
ويضيف سامح: لقد كنت وقتها فى نقابة المحامين ونرى ما يحدث على الأرض، وكان السؤال هو: أين جماعة الإخوان؟ وكانت الإجابة: لا أحد، وسألنا: أين أعضاء مجلس النقابة من الإخوان؟ وكانت الإجابة أيضًا: لا أحد، فهم قولًا واحدًا لم يشاركوا فى الثورة إلا متأخرين، وبعد أن أدركوا ببراجماتيتهم التى نعرفها عنهم أن الحراك نجح.
الشهادة الأخيرة صاحبها هو القيادى الإخوانى السابق عبدالجليل الشرنوبى، الذى كان رئيسًا لتحرير «إخوان أونلاين» وقت الثورة، يقول: يوم ٢٣ يناير ٢٠١١، أى قبل اندلاع الثورة بيومين، صارحت الدكتور محمد مرسى، الذى كان مسئولًا عن الإعلام فى الجماعة ضمن اختصاصاته الأخرى، برغبتى فى الاستقالة من رئاسة تحرير الموقع، لكنه قال لى: «من يريد أن يمشى لا يمشى فى هذه الظروف التى يمر بها البلد فانتظر شوية»، وأذكر أنه فى هذا اليوم طلب منى ألا نتبنى فى موقع «إخوان أونلاين» الدعوة إلى الثورة، قال لى مرسى تحديدًا عصر يوم ٢٣ يناير: لن ندعو لثورة، ولن نتبنى الفكرة فلا علاقة لنا بشوية العيال دول اللى مش عارفين هيورطونا فى إيه.
هذه بعض شهادات من بين شهادات كثيرة، جاءت بصورة عفوية لا يمكننا أبدًا أن نشكك فى صدقها، تقول إن الجماعة التى حاولت أن تُصدِّر نفسها بعد ذلك أنها كانت فى صدارة الثورة وأنها من صنعتها لم تكن إلا جماعة خائفة وجبانة ومترددة، ولم تُقبِل على المشاركة إلّا بعد أن أدركت أن حركة الشباب ماضية فى طريقها حتى النهاية.
ظلت الجماعة متمسكة بموقفها المتردد، حتى أعلن المجلس العسكرى بيانه مساء ٣١ يناير ٢٠١١، عبر اللواء إسماعيل عتمان، مدير الشئون المعنوية، من أن القوات المسلحة لم ولن تستخدم العنف ضد المتظاهرين، وأنها مع مطالبهم المشروعة.
أدركت الجماعة أن الظروف مهيأة للمشاركة وبقوة فى الأحداث، وظهر ذلك فى تصريح عضو مكتب الإرشاد، محمد على بشر، الذى قال إن الجماعة تطالب بمحاكمة رموز نظام مبارك ومحاسبتهم، وإنها لا تكتفى برحيلهم أو تنحيتهم، وإن الجماعة ملتزمة بالمشاركة فى الحراك الذى يشهده الشارع.
وجد شباب الإخوان المتمرد على جماعته أن هذه فرصة مناسبة لإدماج الجماعة بشكل كامل فيما يحدث، وحدث بالفعل تواصل بين بعض الشباب وقيادات الجماعة، وتم الاتفاق على أن يكون أسامة ياسين هو حلقة الوصل بين الميدان ومكتب الإرشاد.
بظهور أسامة ياسين أصبح للجماعة تواجد فى الميدان، وأصبحت صاحبة السيطرة التى خلفت وراءها انتهاكات كثيرة، فقد أسس أسامة ياسين، المعروف بعنفه وتطرفه، ما يشبه الدولة فى ميدان التحرير، لتبدأ بذلك حلقة جديدة من كشف الوهم الذى كانت تعيش به وعليه الجماعة الإرهابية.