مصر «ليست أولًا» في قاموس الإخوان.. عداء تاريخي للوطن والمواطن
لطالما ارتبطت جماعة الإخوان المسلمين بتوجهات تضعها في موقع التضاد مع مفهوم الهوية الوطنية والانتماء للوطن، فمنذ تأسيسها، اتخذت الجماعة مواقف وأيديولوجيات تعزز الولاء لتنظيمها الدولي على حساب مصالح الأوطان التي تحتضن أفرادها، ويظهر هذا النهج بوضوح في أدبيات الجماعة وتصريحات قادتها، الذين لطالما قللوا من أهمية الانتماء الوطني مقابل الولاء للمشروع العالمي للجماعة.
الوطن وسيلة لا غاية
منذ نشأتها، رسمت جماعة الإخوان نهجًا فكريًا يرى الوطن كوسيلة لتحقيق أهدافها العالمية، وليس غاية تستحق الولاء الكامل، وانعكس هذا الفكر في كلمات مؤسس الجماعة حسن البنا، الذي قال: "الوطن وسيلة وليس غاية"، وهو تصريح يلخص رؤية الجماعة للوطن كأداة تخدم مشروعها الدولي.
هذه النظرة لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل أصبحت جزءًا من العقيدة التنظيمية، كما أكدها تصريح المرشد العام السابق مهدي عاكف عندما قال: "طظ في مصر"، في إشارة إلى تفوق الولاء للجماعة على الانتماء للوطن.
استقطاب الأفراد وتوظيف العقول
اعتمدت الجماعة على استقطاب العقول الشابة من الجامعات، لا سيما من الكليات التطبيقية مثل الطب والهندسة، لإضفاء واجهة علمية متحضرة على صفوفها، ومع ذلك، لم يكن الهدف الحقيقي لهذه الاستراتيجية هو خدمة الوطن، بل تسخير الكفاءات لخدمة مشروع الجماعة إذ أنه تم تربية هؤلاء الأفراد على السمع والطاعة العمياء، مما حرمهم من التفكير النقدي أو القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة، وأصبحوا أدوات لتنفيذ مخططات التنظيم، دون اعتبار لمصالح أوطانهم.
تقويض الهوية الوطنية
عملت الجماعة بشكل ممنهج على تقويض فكرة الهوية الوطنية، واعتبرت الوطنية شكلًا من أشكال الجاهلية، هذا الخطاب كان دائمًا يصاحبه هجوم على مؤسسات الدولة المصرية، مثل الجيش والقضاء والشرطة، في محاولة لتشويه صورتها وزعزعة ثقة الشعب بها، والهدف الأساسي من هذه الاستراتيجية كان خلق فراغ في الشرعية، يمكن للجماعة أن تملأه باعتبارها البديل "الشرعي"، وفقًا لتصورها.
ازدواجية المواقف
تميز خطاب الإخوان بازدواجية واضحة في مواقفها من القضايا الوطنية، على سبيل المثال، عندما تصاعد التوتر بين مصر وتركيا بسبب التدخلات التركية في ليبيا، ركزت الجماعة على فكرة "المسلم لا يحارب المسلم"، متناسية أن الدفاع عن أمن الوطن هو حق مشروع.
في المقابل، طالبت الجماعة بتصعيد عسكري ضد إثيوبيا في أزمة سد النهضة، متجاهلة أن إثيوبيا تضم ملايين المسلمين، هذه الازدواجية تعكس انتقائية الجماعة في استخدام الدين كذريعة لخدمة مصالحها.
الدين والوطنية
يتناقض نهج الإخوان مع تعاليم الإسلام التي تؤكد على أهمية الدفاع عن الوطن وحمايته، فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم عبّر عن اعتزازه بقبيلته ووطنه مكة، وأكد على أهمية الانتماء للمجتمع، والدفاع عن الوطن في الإسلام ليس مجرد حق بل واجب شرعي، ومن يُقتل في سبيل الدفاع عن أرضه يُعتبر شهيدًا، هذا المفهوم يتناقض تمامًا مع خطاب الجماعة الذي يسعى إلى إضعاف الشعور الوطني لصالح مشروعها العالمي.