رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخيانة المستمرة لعهد السلام.. تأثير الدعم الأمريكى والغربى لإسرائيل على الحقوق الفلسطينية

إن العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيونى هى واحدة من أكثر العلاقات تعقيدًا وتوترًا على المستوى الدولى، حيث تلعب القوى الغربية دورًا رئيسيًا فى دعم الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية. هذا الدعم لا يتعارض فقط مع مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولى، ولكنه أيضًا يعد خيانة واضحة للعهد الذى تم توقيعه بين مصر وإسرائيل فى اتفاقية كامب ديفيد عام 1979.

هذه الاتفاقية كانت مفترضة أن تكون بداية لعهد جديد من السلام والتعاون، لكن هل تحقق ذلك بالفعل؟
بعد انتهاء حرب أكتوبر 1973، كان السلام هو الخيار الذى تم اختياره من قبل القيادة المصرية لتحويل المنطقة نحو الهدوء والاستقرار. وقد جاء هذا السلام بموجب اتفاقية تاريخية أبرمت بين الرئيس المصرى الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحيم بيجن، برعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر. واعتبر الكثيرون هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو تحقيق السلام فى الشرق الأوسط.

ومع ذلك، فإن الدعم العميق والمستمر من قبل الولايات المتحدة والغرب للكيان الصهيونى، عوضًا عن تعزيز الاستقرار، يعكس مجرى آخر من الأحداث التى تضرب جذور تلك الاتفاقية. إن تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية لإسرائيل بشكل مستمر، ودعم سياساتها الاستيطانية وانتهاكات حقوق الفلسطينيين، يخالف روح مبادئ السلام المتعددة.

منذ توقيع اتفاقية السلام، واصلت الولايات المتحدة تقديم المساعدات لإسرائيل، والتى بلغت حتى الآن مستويات غير مسبوقة فى التاريخ. ويعى الجميع أن هذه المساعدات لا تذهب فقط إلى تعزيز القوات العسكرية الإسرائيلية، بل تنعكس أيضًا فى دعم سياسات الاحتلال والتوسع الاستيطانى فى الأراضى الفلسطينية. هذه السياسات نقضت العديد من التعهدات التى تم الاتفاق عليها فى أوسلو وفى غيرها من المبادرات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن دعم الغرب للكيان الصهيونى يسهم فى تعميق الفجوة بين العرب وإسرائيل، ويقوض جهود السلام المستدامة فى المنطقة. تفتقر العديد من المجتمعات العربية إلى الثقة فى الولايات المتحدة كوسيط نزيه بسبب انحيازها الفاضح لإسرائيل، ما يزيد من صعوبة إيجاد حلول سلمية للنزاعات المستمرة.

تكمن الخيانة الكبيرة لعهد السلام فى تجاهل المعاناة الفلسطينية المستمرة، ودعم الاحتلال الذى يحرم الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية. إن الحل العادل والشامل يتطلب من المجتمع الدولى، وبالأخص القوى الكبرى، أن تتخلى عن سياساتها المنحازة وأن تعمل بجد من أجل دعم حل يقوم على تحقيق العدالة والمساواة لجميع الشعوب فى المنطقة.

وكذلك الخيانة الكامنة فى هذا الأمر ليست فقط فى التأثير على السلام الفلسطينى، بل أيضًا فى تفاقم التوتر فى المنطقة، ما يهدد استقرار مصر نفسها. فالدعم العسكرى والسياسى لإسرائيل يمكن أن يعتبر محاولة لفرض سيطرة غربية إضافية فى المنطقة، ما يدفع مصر إلى حالة من الاحتياط والتوتر.

إن الدعم الغربى والأمريكى لإسرائيل يعتبر خيانة للعهد الذى أبرم بين مصر وإسرائيل، لأنه لم يقدم التزامًا حقيقيًا بالسلام، بل ناهيك على ذلك، كانت هناك محاولات لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية.