تطورات ربط مصر بإفريقيا
بمجرد أن عادت مصر إلى ممارسة أنشطتها فى الاتحاد الإفريقى، كما أشرنا أمس، تعهّد الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن تواصل مصر بذل أقصى الجهد، لتسوية النزاعات فى دول القارة، ودعم كل مجالات التنمية، وإعادة إعمار المناطق المتضررة من تلك النزاعات، وأعلن عن إنشاء «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى إفريقيا»، التى بدأت عملها، بعد أربعة أيام فقط، لإعداد وتأهيل الكوادر الإفريقية، ودعم مبادرات تنفيذ المشروعات التنموية بالدول الشقيقة.
استكمالًا لهذا الجهد، أو استمرارًا لتنفيذ ذلك التعهد، واستهدافًا لتنشيط حركة التبادل التجارى مع دول القارة، تناول الرئيس تطورات مشروعات الربط مع الدول الإفريقية، التى تشمل محاور الربط البرى والسكك الحديدية والنقل البحرى والممرات الملاحية النهرية، فى اجتماع عقده، أمس الأحد، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والفريق كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير النقل والصناعة، واللواء أمير سيد أحمد، مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمرانى.
خلال الاجتماع نفسه، جرى استعراض جهود التعاون مع عدد من الدول الإفريقية، ووجّه الرئيس باتخاذ جميع الإجراءات المطلوبة لتسريع جهود الربط مع الأشقاء الأفارقة بما يتوافق مع أجندة التنمية القارية «إفريقيا ٢٠٦٣» وبرامج الاتحاد الإفريقى ذات الصلة، والأهداف الاستراتيجية التى توافقت عليها القمم الإفريقية المتلاحقة، كما تناول الاجتماع، أيضًا، الموقف التنفيذى لمشروعات إنشاء وتحديث وتشغيل الموانئ المصرية، موجّهًا بمواصلة الجهود لتسريع وتيرة تنفيذ مشروعات إنشاء المحاور اللوجستية التنموية المتكاملة، التى تربط مناطق الإنتاج بالموانئ البحرية الجارى تطويرها، لتصبح موانئ محورية ذات مستوى عالمى وطاقات استيعابية ضخمة، مزودة بمناطق لوجستية متنوعة، وأن يأتى ذلك ضمن تكاملها مع شبكة النقل الحديثة، من طرق ومحاور وسكك حديدية، بما يوفر المقومات اللازمة لتحويل مصر إلى مركز للتجارة العالمية واللوجستيات، ويعود بفوائد هائلة على الاقتصاد الوطنى.
مشروع الربط الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، الذى يتولى الرئيس السيسى ريادته، وطريق القاهرة كيب تاون، الذى يمتد لأكثر من ١٠ آلاف كيلومتر، من بين ٦٩ مشروعًا ذات أولوية، ركزت عليها مصر خلال رئاستها الحالية للوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقى، الـ«نيباد»، NEPAD، كما ركزت، أيضًا، على محور التحول الصناعى، والإسراع فى تحقيق الآمال المستهدفة من «تطبيق اتفاقية التجارة الإفريقية القارية الحرة»، بالانتهاء من المفاوضات على كل بروتوكولاتها الإضافية، مع تعظيم استفادة دول القارة مما ستتيحه الاتفاقية من فرص للاندماج فى الاقتصاد العالمى، بالإضافة إلى مشاركة خبراتها مع الدول الشقيقة فى البنية التحتية، وتكثيف التعاون مع الشركاء الدوليين، ومؤسسات التمويل الدولية، لسد الفجوة التمويلية فى مشروعات التنمية المستدامة، وتخفيف أعباء الديون عن الدول الأكثر تضررًا.
تعتز مصر بانتمائها الإفريقى، ولديها رؤية واضحة بشأن الأولويات، التى ينبغى التركيز عليها لتحقيق الاستفادة المثلى من أطر التنسيق القائمة وتعزيز الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية. كما تتفاعل بشكل جاد مع كل التحديات الأمنية والسياسية والتنموية وتدافع عن مصالح دول القارة، فى كل المحافل الدولية. ولسنا فى حاجة إلى تأكيد، أو إعادة تأكيد، أن الجهود، التى قامت بها دولة ٣٠ يونيو، ولا تزال، خلال رئاستها الأجهزة والكيانات التابعة للاتحاد الإفريقى، كان هدفها الأساسى، وسيظل، هو تحقيق تطلعات الدول الشقيقة وطموحات شعوبها، فى الاستقرار والتنمية والحياة الكريمة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن الاجتماع الذى عقده الرئيس، أمس الأول، تناول، كذلك، مستجدات العمل فى شبكة القطار الكهربائى السريع، التى ستغطى جميع أنحاء الجمهورية، وتخدم المناطق العمرانية والصناعية الجديدة والقائمة، والمناطق السياحية، كما استعرض فرص التوسع فى المناطق الصناعية، تنفيذًا لخطة الدولة للنهوض بالصناعة، التى تركز على إنشاء مصانع جديدة؛ لتلبية أكبر قدر ممكن من احتياجات السوق المحلية، فى إطار سياسة توطين الصناعة وتوفير مستلزمات الإنتاج المحلى. ومجددًا، شدد الرئيس على الأهمية القصوى التى توليها الدولة لملف توطين الصناعة وتعزيز الإنتاج بجودة عالية وأسعار تنافسية.