رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسى فلسطينى يكشف لـ"الدستور" مستقبل غزة ما بعد الحرب

الكاتب محمد جودة
الكاتب محمد جودة

في ظل استمرار الحرب المدمرة على قطاع غزة منذ 15 شهرًا، يُثار تساؤل رئيسي حول اليوم التالي لما بعد الحرب، هذا السؤال يتجاوز البُعد الفلسطيني الداخلي، ليشمل الأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الوساطة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، أو تلك التي تحاول حل الخلافات بين حركتي فتح وحماس.

 

قال الكاتب السياسي الفلسطيني محمد جودة، إن لجنة الإسناد المجتمعي هي محاولة لإدارة طرحت في غزة مؤقتًا، مبادرة تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، التي طرحتها القاهرة بناءً على مقترح أمريكي، تهدف  لإدارة شئون غزة بشكل مؤقت، باعتبارها حلًا لاستعصاء "اليوم التالي"، بعد فشل محاولات إيجاد بدائل لحكم حماس في غزة، مثل الاعتماد على شخصيات عشائرية أو أمنية أو من رجال الأعمال.

وأشار جودة، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إلى أن تلك المبادرة تعرضت لانتقادات واسعة، خصوصًا من حركة فتح والسلطة الفلسطينية، التي ترى أن تشكيل لجنة لإدارة غزة قد يكرّس الانقسام بين الضفة الغربية والقطاع، لافتًا إلى أن هناك تخوفًا حقيقيًا من أن تتحول الفجوة الفصائلية إلى انفصال جغرافي، مما يعمّق الشرذمة التي يعاني منها النظام السياسي الفلسطيني.

وتابع جودة: "تُثار أيضًا مخاوف من أن تستغل إسرائيل هذه اللجنة لخلق كيانات مماثلة في الضفة الغربية، ضمن مخطط (روابط المدن)، الذي يروج له بعض وزراء حكومة بنيامين نتنياهو كبديل للسلطة الفلسطينية، بما يؤدي إلى تقطيع السبل الموصلة لدولة فلسطينية مستقلة".

وأوضح جودة أن الغموض المحيط بتشكيل اللجنة يزيد من هذه المخاوف، خاصة في ما يتعلق بولايتها، ونطاق عملها، والجهة التي ستتولى الأمن في غزة، الأسئلة ما زالت قائمة حول هيكلها الإداري، هل ستعتمد على بقايا حكومة حماس أم ستُستحدث هيئات جديدة؟ وماذا عن تمويلها؟ وهل ستقتطع من ميزانية السلطة أم تعتمد على دعم خارجي؟.

وقال السياسي الفلسطيني، إنه رغم إعلان حركة حماس عن تسليم أسماء مرشحة من شخصيات مستقلة متفق عليها فصائليًا، إلا أن السلطة الفلسطينية أبدت تحفظها، رافضة أن تكون مرجعية اللجنة من خارجها، هذا الموقف عزز الانقسامات، وأدى إلى تعطيل الاتفاقات بشأن إدارة غزة، سواء عبر تشكيل حكومة تكنوقراط أو إطار مؤقت لمنظمة التحرير.

ويرى جودة، أن الرئيس محمود عباس، بصفته رئيس السلطة ومنظمة التحرير، مطالب بإعلان المسؤولية الكاملة عن غزة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، داعيا أبو مازن إلى عدم إدارة ظهره لما يحدث في غزة، والوقوف في وجه التدخلات الدولية التي تكرس الانقسام.

جهود وقف إطلاق النار وصفقة التبادل

وقال جودة، إنه بالتزامن مع النقاشات حول إدارة غزة، تتواصل الجهود الدولية لإنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار. تشير التقارير إلى وجود تقدم في الوساطة التي تقودها قطر ومصر، حيث تراجعت حماس عن بعض شروطها السابقة التي كانت تعيق الوصول إلى اتفاق.

رغم ذلك، يحذر جودة من أن نتنياهو قد يستخدم هذه المفاوضات لكسب الوقت وتحقيق مكاسب ميدانية على الأرض، ويسعى نتنياهو إلى إطالة أمد الحرب لتعزيز بقائه في السلطة والتهرب من محاكمات الفساد التي تلاحقه.

ويرى جودة أن توقيع أي اتفاق لوقف إطلاق النار قد يُرحّل إلى ما بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة مجددًا، ونتنياهو لا يريد تقديم هدية سياسية لإدارة بايدن، ويُفضل انتظار ترامب للإعلان عن الاتفاق كجزء من تفاهمات أوسع تشمل الضفة الغربية.

وترامب سبق أن صرح بضرورة توسيع إسرائيل، وهو ما يثير مخاوف الفلسطينيين من استغلال المفاوضات لتثبيت وقائع جديدة على الأرض.

صوت الشعب ومعاناته

في ظل هذه التطورات، يظل الشعب الفلسطيني في غزة هو الأكثر تضررًا، فالحرب المستمرة خلفت أوضاعًا إنسانية كارثية، حيث يعاني المواطنون من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية، وسط استمرار القصف والتدمير.

دعا جودة الفصائل الفلسطينية، خاصة حماس، إلى إنهاء المراهنات السياسية التي تهدف إلى تعزيز سيطرتها على القطاع، مؤكدًا أن الأولوية يجب أن تكون لإنقاذ السكان ووقف الحرب بأي ثمن.

واختتم جودة تصريحاته قائلًا: "بين المبادرات الدولية والانقسامات الداخلية، يظل مستقبل غزة معلقًا في ميزان المفاوضات، والشعب الفلسطيني تواق لإنهاء الحرب والإبادة الجماعية التي استمرت لأكثر من عام، بينما تتطلب المرحلة المقبلة وحدة وطنية حقيقية لإنقاذ القطاع وتحقيق تطلعات الفلسطينيين في الحرية والاستقلال.