جابر عصفور.. منارة ثقافية
حلّت منذ أيام الذكرى الثالثة لوفاة العالم والمفكر الكبير الدكتور جابر عصفور، فهو من مواليد ٢٥ مارس ١٩٤٤، وتوفاه الله فى ٣١ ديسمبر ٢٠٢١. وقد عرفت الدكتور جابر عصفور عام ١٩٨٣ عندما كنت طالبًا فى السنة الرابعة بقسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة، فقد درّس لى مادة النقد الأدبى الحديث، بعد عودته من استكهولم. ومنذ هذا التاريخ ربطتنى به علاقة تلميذ بأستاذه الذى يتلقى العلم على يديه، ويمتثل لفكره ورأيه فى القضايا الفكرية والسياسية.
جابر عصفور، رحمه الله، أحد أبرز الشخصيات الثقافية والفكرية فى العالم العربى. امتدت مسيرته المهنية لتشمل العديد من المناصب الأكاديمية والإدارية، منها رئاسة المجلس القومى للترجمة، وأمانة عام المجلس الأعلى للثقافة فى مصر. كما شغل منصب وزير الثقافة فى الفترة الأخيرة من حكم الرئيس مبارك.
كان للدكتور عصفور إسهامات كبيرة فى تطوير الحركة الثقافية فى مصر والعالم العربى، حيث أسس العديد من المبادرات والمشاريع الثقافية، وأشرف على ترجمة العديد من الكتب والأعمال الأدبية إلى اللغة العربية. تميز الدكتور عصفور بعمق فكره وثقافته الواسعة، وبقدرته على التحليل النقدى للأحداث والمواقف، كما كان يتمتع بشخصية قيادية قوية، وحضور مميز فى المحافل الثقافية.
ترك الدكتور عصفور إرثًا ثقافيًا غنيًا، وسوف يظل اسمه مرتبطًا بالتاريخ الثقافى العربى.
ويعد جابر عصفور أحد أبرز المفكرين والمثقفين الذين تركوا بصمة عميقة فى الحركة الثقافية المصرية والعربية. لقد كان شخصية محورية فى تطوير المشهد الثقافى المصرى، حيث أسهم إسهامات جليلة فى إثراء الفكر النقدى والأدبى، وتعزيز الحوار الثقافى، ودعم الترجمة والنشر.
برز تأثير عصفور فى عدة مجالات، منها دوره البارز فى تطوير النقد الأدبى، حيث قدم رؤى جديدة ومبتكرة فى تحليل النصوص الأدبية، وأسهم فى تأسيس مدرسة نقدية عربية حديثة. وكان يعتبر من أشد المؤمنين بأهمية الحوار بين الثقافات والأديان، وقدم العديد من الدراسات والأبحاث التى تناولت هذه القضية. كما كان له دور كبير فى دعم الترجمة والنشر، حيث أسس المركز القومى للترجمة الذى كان له دور كبير فى نقل المعرفة إلى اللغة العربية. وخلال شغله منصب وزير الثقافة، عمل على تطوير المؤسسات الثقافية المصرية، ودعم المبدعين والفنانين.
ولم يقتصر تأثير عصفور على المستويين الأكاديمى والثقافى فحسب، بل امتد إلى المستويين السياسى والاجتماعى، حيث كان صوتًا صريحًا فى الدفاع عن قضايا الحرية والديمقراطية، وناقدًا لاذعًا ضد الفساد.
برحيل الدكتور جابر عصفور وقعت خسارة كبيرة للحركة الثقافية المصرية والعربية، لكن أفكاره ومؤلفاته ستظل حاضرة فى ذاكرة الأجيال القادمة، وستستمر فى إلهام الكثيرين.
وترك بصمة عميقة فى نفوس الأجيال الجديدة من المفكرين والمثقفين، فقد كان مثلًا أعلى لهم ومنبع إلهام، حيث شجع القراءة والكتابة والنقد، وحث على التفكير النقدى المستقل، وكان مؤمنًا بأهمية الحوار والتسامح، ودعا إلى بناء مجتمع معرفى مبنى على الحوار بين الثقافات والأديان. وقد أثَّر عصفور على الأجيال الجديدة بالكثير من الطرق، فقد ترك إرثًا فكريًا غنيًا، سيظل يلهم الأجيال القادمة.
وأجزم بأن الأجيال الجديدة من المفكرين والمثقفين مدينون للدكتور جابر عصفور بالكثير، فهم قد تعلموا منه الكثير عن أهمية الثقافة والمعرفة فى بناء المجتمعات، وسوف يستمرون فى البناء على إرثه، والسير على خطاه، فى سبيل تحقيق نهضة ثقافية عربية شاملة.
وبفضل جهود عصفور، رأينا جيلًا جديدًا من المفكرين والمثقفين العرب يمتلكون أدوات التفكير النقدى، ويسعون إلى بناء مجتمعات أكثر عدالة وحرية.
جابر عصفور كان أكثر من مجرد مثقف، بل كان منارة أضاءت طريق الأجيال الجديدة، وترك إرثًا فكريًا وثقافيًا غنيًا، سيظل حاضرًا فى ذاكرة الأمة المصرية والعربية. رحم الله المفكر الكبير جابر عصفور الذى تعلمت أجيال كثيرة على يديه.