بابا نويل وشجرة عيد الميلاد
مَن منا لا يعرف بابا نويل أو سانتا كلوز كما يسميه معظم الغرب؟
معظمنا له ذكريات رائعة مع هذه الشخصية الخيالية الجميلة أثناء طفولتنا.. فبابا نويل هو الرجل العجوز البدين القصير ذي الوجه الضاحك دائمًا واللحية البيضاء والمحبب لكل الأطفال.. ملابسه يغلب عليها اللون الأحمر ذو الأطراف البيضاء، و«طرطوره» الأحمر دائمًا ملقى خلف ظهره محملًا بالهدايا التى كنا ننتظرها بشوق ولهفة.
ولأننا أحببناه.. كنا نتابع قصة حياته التخيلية.. فهو يأتينا فى نهاية كل عام من القطب الشمالى، حيث يقطن هو وزوجته السيدة «كلوز» وبعض الأقزام الذين يصنعون له الهدايا ممتطيًا عربته الخشبية، التى يجرها الغزلان وهى محملة بالهدايا؛ ليتم توزيعها على الأطفال، إما عن طريق هبوطه من مداخن مدافئ المنازل، أو دخوله من النوافذ المفتوحة وشقوق الأبواب الصغيرة.. هكذا كنا نتخيل عندما يخبرنا الوالدان بأن بابا نويل حضر أثناء نومنا وترك لنا الهدايا.
أما عن شجرة الميلاد المسماة بشجرة الكريسماس، فهناك العديد من الأساطير التى تروى عن نشأتها.. ففى مصر يروى المؤرخون أن بدعة هذه الشجرة ترجع إلى عهد الملكة إيزيس بعدما كانت تبحث عن زوجها أوزوريس ووجدته على شواطئ لبنان، فقامت ملكة لبنان بإهدائها تابوت أوزوريس وقد أحاطت الشجرة به، ثم أصبحت هذه الشجرة الشهيرة التى احتوت أوزوريس هى شجرة الميلاد، وقد طلبت إيزيس بعضًا من جذورها لتزرعها فى مصر، وأمرت حراسها بحملها إلى هناك، وعندما ما وصلت أرض مصر، طبقًا للأسطورة، أخرجت إيزيس جثة زوجها أوزوريس من تابوتها وقد عادت إليها الحياة واحتفلت بعيد أوزوريس، الذى أطلق عليه فيما بعد عيد الميلاد؛ نسبة لميلاد حورس، وهو من أهم الأعياد الدينية فى مصر القديمة، وكان يحتفل به أول شهر كيهك «كا هى كا»، أى روح على روح، حيث تنحسر مياه الفيضان فتعود الخضرة للأرض التى ترمز لبعث الحياة، وقد اعتاد المصريون القدماء تهنئة بعضهم بعضًا، بقولهم: «سنة خضراء»، وكانوا يرمزون للحياة المتجددة بشجرة خضراء.
سرت هذه العادة من الشرق إلى الغرب، فخرجت من مصر وانتقلت إلى بابل، ثم عبرت البحر المتوسط لتظهر فى أعياد الرومان، ثم تعود لتظهر مرة أخرى فى أعياد ميلاد السيد المسيح وشجرة الكريسماس الخضراء، التى يختارونها من الأشجار والتى تحتفظ بخضرتها طوال العام كالسرو والصنوبر.
الرواية الأخرى تعود إلى قصة ميلاد السيد المسيح، حيث يقوم الإخوة المسيحيون بنصب الشجرة الخضراء والإبداع فى وضع زينتها قبل العيد بعدة أيام حتى عيد الغطاس، وهو ذكرى معمودية السيد المسيح بنهر الأردن على يد القديس يوحنا المعمدان.
الغريب أننا لو راجعنا الإنجيل المقدس لا نجد رابطًا واحدًا بين الشجرة وعيد الميلاد.. لكن بالرجوع إلى إحدى الموسوعات العلمية، نلاحظ أن الفكرة بدأت فى القرون الوسطى بألمانيا الغنية بالغابات الصنوبرية الدائمة الخضرة، حيث كانت العادة لدى بعض القبائل الوثنية التى تعبد الإله «ثور» إله الغابات والرعد، أن تزين الأشجار ويقدم على إحداها ضحية بشرية.
تقول إحدى التحليلات إنه فى عام 722م، أوفد إليهم القديس بونيفاسيوس لكى يبشرهم، وحدث أن شاهدهم وهم يقيمون حفلهم تحت إحدى أشجار البلوط، وقد ربطوا طفلًا وهموا بذبحه ضحية لإلههم «ثور»، فهاجمهم وخلص الطفل من أيديهم ووقف فيهم خطيبًا مبينًا لهم أن الإله هو إله السلام والرفق والمحبة الذى جاء ليخلص لا ليهلك، وقام بقطع تلك الشجرة، وقد رأى نبتة شجرة التنوب «شجرة الكريسماس الحالية»، فقال لهم أنتم تستخدمون أخشاب هذه الشجرة البسيطة لبناء بيوتكم.. فلتجعلوا المسيح هو حجر الزاوية فى منازلكم.. فهو يهِب حياتكم الاخضرار الذى لا يذبل.. أغصانها تمتد فى كل الاتجاهات لتعانِق الناس، وأعلى الشجرة يشير إلى السماء.. فليكن المسيح هو راحتكم ونوركم.
هناك عدة تحليلات أخرى لنشأة شجرة الميلاد، ولكن أكثر ما نلاحظه أن بداية وضعها رسميًا هكذا بدأ فى القرن السادس عشر فى ألمانيا، أيضًا، فى كاتدرائية ستراسبورج عام 1539م.
كل عام وإخوتنا الأقباط بخير وسلام