سوريا بين دول تخلت ودول احتلت
شاهدنا وقرأنا الأسبوع الماضى كمًا كبيرًا من تحليلات وإفتاءات العديد من جهابذة المحللين، سواء كانت عقلانية أو متطرفة عمَّا حدث فى سوريا.. إلا أن معظمها كان يشير بوضوح إلى انهيار دولة سوريا الحبيبة وتحولها إلى قندهار أخرى بعد سيطرة المنظمات الإرهابية على مفاصل الدولة.
الحقيقة المرة الواضحة أيًا كانت المبررات أو خيوط المؤامرة، هى أن روسيا وإيران تخلتا . وتركيا وإسرائيل احتلتا، التفاصيل كثيرة وعلامات الاستفهام لا حصر لها، لكن النتيجة النهائية واحدة.
لا يمكن لأكثر الناس خيالًا أن يتوقع ما حدث ..انهار الجيش السورى القوى فجأة، ودمرت دباباته وآلياته وصواريخه الأرضية وكل أسلحته الجوية والبحرية والأرضية فى وقت قياسى، وهرب جنوده وخلعوا زيَّهم العسكرى وألقوه فى الشوارع، فى مشهد يندى له الجبين تناقلته كل وسائل الإعلام العالمية.
ما حدث لا يتقبله العقل، ويؤكد نظرية المؤامرة والاتفاق الضمنى والصفقة المشبوهة بين الأطراف الستة الموجودة على أرض سوريا، وهى روسيا وإيران وحزب الله من جانب وأمريكا وتركيا وإسرائيل من جانب آخر، ومفادها باختصار إنهاء الحرب الأوكرانية الروسية لصالح روسيا، مقابل وتخفيف بعض العقوبات الاقتصادية عن إيران والتوقف عن متابعة الفارين من حزب الله، مقابل التخلى عن الحماية الجوية للجيش السورى ونظام بشار الأسد.
كان نتيجه ذلك أن احتلت إسرائيل المنطقة العازلة أمام الجولان ضاربة عرض الحائط بكل المعاهدات والمواثيق الدولية وانتهزت الفرصة للقضاء تمامًا على كل الأسلحة السورية.. وفرضت تركيا نفسها على منابع الغاز شمال حلب تاركة للولايات المتحدة التصرف فى حقول النفط شمال سوريا.
وما زال الشعب السورى المسكين يرقص طربًا ..فرحًا بحريته بإنهاء حكم الديكتاتور بشار الأسد.
الفارق هنا أن مصر لم تعتمد على أى من القوى الكبرى وطردت الخبراء الروس قبل حربها مع إسرائيل وحررت سيناء ..ولا توجد بها قواعد عسكرية أجنبية، لهذا كل قراراتها دائمًا نابعة من مصالح شعبها ..ولا تعتمد سوى على الله وجيشها وشعبها العظيم.