رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سوريا بين دول تخلت ودول احتلت

 

 

شاهدنا‭ ‬وقرأنا‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضى‭ ‬كمًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬تحليلات‭ ‬وإفتاءات‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬جهابذة‭ ‬المحللين،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬عقلانية‭ ‬أو‭ ‬متطرفة‭ ‬عمَّا‭ ‬حدث‭ ‬فى‭ ‬سوريا‭.. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬معظمها‭ ‬كان‭ ‬يشير‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬دولة‭ ‬سوريا‭ ‬الحبيبة‭ ‬وتحولها‭ ‬إلى‭ ‬قندهار‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬سيطرة‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬على‭ ‬مفاصل‭ ‬الدولة‭.‬

الحقيقة‭ ‬المرة‭ ‬الواضحة‭ ‬أيًا‭ ‬كانت‭ ‬المبررات‭ ‬أو‭ ‬خيوط‭ ‬المؤامرة،‭ ‬هى‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬تخلتا‭ . ‬وتركيا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬احتلتا،‭ ‬التفاصيل‭ ‬كثيرة‭ ‬وعلامات‭ ‬الاستفهام‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها،‭ ‬لكن‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬واحدة‭.‬

لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأكثر‭ ‬الناس‭ ‬خيالًا‭ ‬أن‭ ‬يتوقع‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ..‬انهار‭ ‬الجيش‭ ‬السورى‭ ‬القوى‭ ‬فجأة،‭ ‬ودمرت‭ ‬دباباته‭ ‬وآلياته‭ ‬وصواريخه‭ ‬الأرضية‭ ‬وكل‭ ‬أسلحته‭ ‬الجوية‭ ‬والبحرية‭ ‬والأرضية‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬قياسى،‭ ‬وهرب‭ ‬جنوده‭ ‬وخلعوا‭ ‬زيَّهم‭ ‬العسكرى‭ ‬وألقوه‭ ‬فى‭ ‬الشوارع،‭ ‬فى‭ ‬مشهد‭ ‬يندى‭ ‬له‭ ‬الجبين‭ ‬تناقلته‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العالمية‭.‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬لا‭ ‬يتقبله‭ ‬العقل،‭ ‬ويؤكد‭ ‬نظرية‭ ‬المؤامرة‭ ‬والاتفاق‭ ‬الضمنى‭ ‬والصفقة‭ ‬المشبوهة‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬الستة‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬سوريا،‭ ‬وهى‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وأمريكا‭ ‬وتركيا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬ومفادها‭ ‬باختصار‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬الروسية‭ ‬لصالح‭ ‬روسيا،‭ ‬مقابل‭ ‬وتخفيف‭ ‬بعض‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬عن‭ ‬إيران‭ ‬والتوقف‭ ‬عن‭ ‬متابعة‭ ‬الفارين‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬مقابل‭ ‬التخلى‭ ‬عن‭ ‬الحماية‭ ‬الجوية‭ ‬للجيش‭ ‬السورى‭ ‬ونظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭.‬

كان‭ ‬نتيجه‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬احتلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬المنطقة‭ ‬العازلة‭ ‬أمام‭ ‬الجولان‭ ‬ضاربة‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬بكل‭ ‬المعاهدات‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬وانتهزت‭ ‬الفرصة للقضاء‭ ‬تمامًا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأسلحة‭ ‬السورية‭..‬ وفرضت‭ ‬تركيا‭ ‬نفسها‭ ‬على‭ ‬منابع‭ ‬الغاز‭ ‬شمال‭ ‬حلب‭ ‬تاركة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التصرف‭ ‬فى‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭ ‬شمال‭ ‬سوريا‭.‬

وما‭ ‬زال‭ ‬الشعب‭ ‬السورى‭ ‬المسكين‭ ‬يرقص‭ ‬طربًا‭ ..‬فرحًا‭ ‬بحريته‭ ‬بإنهاء‭ ‬حكم‭ ‬الديكتاتور‭ ‬بشار‭ ‬الأسد‭.‬

الفارق‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬لم‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬وطردت‭ ‬الخبراء‭ ‬الروس‭ ‬قبل‭ ‬حربها‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحررت‭ ‬سيناء‭ ..‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬بها‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬أجنبية،‭ ‬لهذا‭ ‬كل‭ ‬قراراتها‭ ‬دائمًا‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬مصالح‭ ‬شعبها‭ ..‬ولا‭ ‬تعتمد‭ ‬سوى‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬وجيشها‭ ‬وشعبها‭ ‬العظيم‭.‬