رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر العظيمة المتماسكة

فى‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة،‭ ‬اللحظة‭ ‬القاسية‭ ‬الملتبسة‭ ‬العاجلة‭ ‬بإيقاع‭ ‬الحرب‭ ‬والاضطراب‭ ‬الكبير،‭ ‬يشعر‭ ‬الإنسان‭ ‬السوى‭ ‬المنتمى‭ ‬إلى‭ ‬بلد‭ ‬النيل‭ ‬والأهرام،‭ ‬بانتماء‭ ‬صادق،‭ ‬بقلق‭ ‬رهيب‭ ‬على‭ ‬وطنه‭ ‬العظيم‭ ‬وبيته‭ ‬وأهله‭ ‬وأصدقائه‭ ‬وجيرانه‭ ‬ومعارفه،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬طوبة‭ ‬وشجرة‭ ‬حوتهما‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭ ‬التى‭ ‬عاش‭ ‬فيها‭ ‬أزمنته،‭ ‬باختلاف‭ ‬مراحلها‭ ‬وتطوراتها‭.‬

ولقد‭ ‬يكون‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬وطنه‭ ‬متماسك،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬فيه،‭ ‬على‭ ‬الحقيقة،‭ ‬بين‭ ‬دين‭ ‬وآخر،‭ ‬وبين‭ ‬غنى‭ ‬وفقير،‭ ‬اللهم‭ ‬إلا‭ ‬تلك‭ ‬الفروق‭ ‬الشكلية‭ ‬التى‭ ‬يحاول‭ ‬أهل‭ ‬الفتن‭ ‬تضخيمها‭ ‬وتعزيز‭ ‬أبعادها‭ ‬دومًا‭ ‬لتصبح‭ ‬جوهرية؛‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يقع‭ ‬الصراع‭ ‬الفظيع‭ ‬الذى‭ ‬يفضى‭ ‬إلى‭ ‬الهلكة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬عاشر‭ ‬طباعهم‭ ‬وسمع‭ ‬شكاواهم‭ ‬متسامحون‭ ‬يقينًا،‭ ‬وإن‭ ‬كانوا‭ ‬ينشدون‭ ‬حلولًا‭ ‬لمشكلاتهم،‭ ‬وهذاك‭ ‬طبيعى‭ ‬تمامًا،‭ ‬فإنهم‭ ‬ينشدونها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القنوات‭ ‬الشرعية‭ ‬لا‭ ‬الأفعال‭ ‬التخريبية،‭ ‬وكم‭ ‬يطلبون‭ ‬أن‭ ‬تنحسر‭ ‬موجات‭ ‬الفساد‭ ‬وتنكسر‭ ‬شوكاته،‭ ‬وأن‭ ‬تنفتح‭ ‬الآفاق‭ ‬المسدودة‭ ‬فتحتضن‭ ‬خطاهم‭ ‬برعايتها؛‭ ‬فلا‭ ‬يداخل‭ ‬نفوسهم‭ ‬شك‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬امتلاك‭ ‬البلد‭ ‬العبقرى‭ ‬الذى‭ ‬امتلك‭ ‬التغنى‭ ‬بمآثرة‭ ‬قلوبهم‭ ‬وأرواحهم.  ‬

لا‭ ‬شىء‭ ‬يساوى‭ ‬أن‭ ‬ينام‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬سريره‭ ‬مطمئنًا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تأكد‭ ‬لديه‭ ‬بعده‭ ‬عن‭ ‬الخطر،‭ ‬وما‭ ‬أشد‭ ‬الخطر‭ ‬لو‭ ‬شعر‭ ‬بأن‭ ‬الوطن‭ ‬الذى‭ ‬يضم‭ ‬السرير‭ ‬والنوم‭ ‬والأحلام‭ ‬مهدد،‭ ‬إما‭ ‬بأعداء‭ ‬الخارج‭ ‬الطامعين‭ ‬أو‭ ‬بأعداء‭ ‬الداخل‭ ‬المتمردين‭ ‬الذى‭ ‬يساعدون‭ ‬الغرباء،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬يفهمون‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يفهمون،‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬الشمس‭ ‬وقتل‭ ‬الأمل‭.‬

كل‭ ‬كاتب‭ ‬لا‭ ‬يكتب‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬حسه‭ ‬الجميل‭ ‬ببلده‭ ‬مخطئ،‭ ‬وكل‭ ‬شاعر‭ ‬وفنان‭ ‬لا‭ ‬يعبران‭ ‬عن‭ ‬حبهما‭ ‬لبلدهما‭ ‬واعتزازهما‭ ‬بها،‭ ‬بالصورة‭ ‬الذكية‭ ‬التى‭ ‬يريانها‭ ‬تؤثر‭ ‬فى‭ ‬الآخرين،‭ ‬مقصران،‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أصف‭ ‬الناس‭ ‬بأوصاف‭ ‬جارحة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المقصر‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬يجرح‭!‬

مصر،‭ ‬يا‭ ‬أيها‭ ‬الذين‭ ‬تبكون‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يجرى‭ ‬للبلدان‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬الشر‭ ‬والسوء،‭ ‬بحرارة‭ ‬بالغة،‭ ‬ولا‭ ‬بأس‭ ‬بالأمر‭ ‬فكلنا‭ ‬أشقاء،‭ ‬هى‭ ‬جائزة‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬لوطننا‭ ‬العربى‭ ‬بأسره‭ ‬التفكك‭ ‬والانهيار؛‭ ‬لأنها‭ ‬القائدة‭ ‬بحق‭ ‬والرائدة‭ ‬بحق،‭ ‬بل‭ ‬كل‭ ‬عربى‭ ‬يضعها‭ ‬فى‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬إكباره‭ ‬واهتمامه؛‭ ‬لدرايته‭ ‬بمكانها‭ ‬ومكانتها‭ ‬وثقل‭ ‬حضارتها‭ ‬وأمجادها‭ ‬وعظم‭ ‬حجمها‭.‬

على‭ ‬المصريين‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬لبلدهم‭ ‬الأمان‭ ‬أن‭ ‬يجتمعوا‭ ‬لحمايتها‭ ‬ونصرتها،‭ ‬والحماية‭ ‬والنصرة‭ ‬معنيان‭ ‬يتحققان‭ ‬بإخلاص‭ ‬الأعمال‭ ‬الشريفة،‭ ‬يجتمعون‭ ‬موقنين‭ ‬أن‭ ‬فى‭ ‬شتاتهم‭ ‬شتات‭ ‬أمتهم،‭ ‬أن‭ ‬يتركوا‭ ‬اختلافاتهم‭ ‬عاجلًا،‭ ‬أيًا‭ ‬كانت،‭ ‬فهى‭ ‬ثغرة‭ ‬قد‭ ‬يمر‭ ‬منها‭ ‬المتربصون‭ ‬الخائنون‭.‬‮

كل‭ ‬شىء‭ ‬سيصبح‭ ‬أفضل‭ ‬مع‭ ‬الوقت،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نؤمن‭ ‬به‭ ‬حاليًا،‭ ‬إيمانًا‭ ‬قطعيًا،‭ ‬ولكن‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬شىء‭ ‬واحد‭ ‬بخير‭ ‬ما‭ ‬دمنا‭ ‬نصر‭ ‬على‭ ‬التشرذم‭ ‬الذميم،‭ ‬وليكن‭ ‬اليسار‭ ‬واليمين‭ ‬كيانًا‭ ‬واحدًا،‭ ‬بمعنى‭ ‬ما،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬فى‭ ‬اتحادهما‭ ‬خلاص‭ ‬وطنهما‭ ‬ما‭ ‬يكبل‭ ‬إرادته‭ ‬الحرة‭ ‬ويعطل‭ ‬سيره‭ ‬المستقيم،‭ ‬وليكن‭ ‬كذلك‭ ‬كل‭ ‬فريق‭ ‬مع‭ ‬نقيض‭ ‬توجهه،‭ ‬وليعل،‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬نهار،‭ ‬صياح‭ ‬تلاميذ‭ ‬المدارس‭ ‬الصغار:‬ تحيا‭ ‬مصر‭.‬