رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تقدير موقف غربى عن سوريا اليوم.. تتنفس ببطئ

فى تزامن دبلوماس، إعلامى،  دعت هيئة تحرير صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى ما قد يُعتبر نوعًا من الوصاية الإعلامية على الإدارة الأمريكية، فقالت: «على الولايات المتحدة المساعدة فى كتابة فصل جديد ملهم للمنطقة، وسوريا تبدو مناسبة لذلك».
وتاريخ التوجيه مهم لفهم مستقبل سوريا المجهول مرحليًا «09-12-2024».
التوقيت الصحفى من «واشنطن بوست» تزامن مع بيان وزارة الخارجية الأمريكية، الذى أعلن فيه الوزير بلينكن، وحصلت «الدستور» على نص البيان كاملًا:
[أخيرًا أصبح لدى الشعب السورى سبب للأمل.
أنتونى ج. بلينكن، وزير الخارجية
بعد 14 عامًا من الصراع، أصبح لدى الشعب السورى أخيرًا سبب للأمل. فقد أدى رفض نظام الأسد منذ عام 2011 الانخراط فى عملية سياسية ذات مصداقية واعتماده على الدعم الوحشى من روسيا وإيران إلى انهياره حتمًا. وتدعم الولايات المتحدة بقوة الانتقال السلمى للسلطة إلى حكومة سورية مسئولة من خلال عملية شاملة بقيادة سورية. وخلال هذه الفترة الانتقالية، يحق للشعب السورى أن يطالب بالحفاظ على مؤسسات الدولة، واستئناف الخدمات الأساسية، وحماية المجتمعات الضعيفة.

وسوف نراقب عن كثب التطورات مع تطورها ونعمل مع شركائنا فى المنطقة. وسوف ندعم الجهود الدولية لمحاسبة نظام الأسد وداعميه على الفظائع والانتهاكات التى ارتكبت ضد الشعب السورى، بما فى ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية والاحتجاز غير العادل للمدنيين مثل أوستن تايس. لقد لاحظنا التصريحات التى أدلى بها القادة المتمردون فى الأيام الأخيرة، ولكن مع توليهم مسئولية أكبر، فإننا لن نقيم أقوالهم فحسب، بل وأفعالهم أيضًا، ونحن ندعو مرة أخرى كافة الأطراف إلى احترام حقوق الإنسان، واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين، واحترام القانون الإنسانى الدولى.]
ماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية احتواء الحدث السورى؟
بيان الخارجية يدعو، أو يتعهد بأن يكون للولايات المتحدة الأمريكية دورها فى قضايا تخص مستقبل سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. هى:
القضية الأولى:
دعم الانتقال السلمى للسلطة إلى حكومة سورية مسئولة من خلال عملية شاملة بقيادة سورية.
القضية الثانية:
خلال الفترة الانتقالية، يحق للشعب السورى أن يطالب بالحفاظ على مؤسسات الدولة، واستئناف الخدمات الأساسية، وحماية المجتمعات الضعيفة.
القضية الثالثة:
مراقبة عن كثب لكل التطورات والعمل مع شركائنا «شركاء الولايات المتحدة» فى المنطقة.
القضية الرابعة:
ندعم الجهود الدولية لمحاسبة نظام الأسد وداعميه على الفظائع والانتهاكات التى ارتكبت ضد الشعب السورى، بما فى ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية والاحتجاز غير العادل للمدنيين مثل الصحفى الأمريكى أوستن تايس.
القضية الخامسة:
ندعو الأطراف كافة إلى احترام حقوق الإنسان، واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين، واحترام القانون الإنسانى الدولى.
بايدن.. أكن إلى متى؟
فى الورقة الأمريكية، أن يكون للدبلوماسية أو الإدارة أو البنتاجون أو المخابرات الأمريكية أى دور مرحليًا، ستترك الورقة السورية ليتعامل معها الرئيس ترامب.
برغم ذلك، قال الرئيس الأمريكى بايدن إن الولايات المتحدة ستعمل مع الشركاء والأطراف المعنية فى سوريا للمساعدة فى اغتنام الفرصة وإدارة المخاطر، وذلك بعد أن أطاح مقاتلو المعارضة بالرئيس السورى بشار الأسد.

وأضاف فى تصريحات بالبيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستدعم جيران سوريا خلال الفترة الانتقالية، وستقيم أقوال المعارضة المسلحة وأفعالها.
وقال بايدن إن الولايات المتحدة لا تعلم رسميًا بمكان الأسد، لكنه أشار إلى تقارير أفادت بأنه فر إلى موسكو.
وأضاف: «الأسد يجب أن يُحاسب»
وأشار بايدن إلى أن سوريا تمر بمرحلة من المخاطر وعدم اليقين، وأن هذه هى المرة الأولى منذ سنوات التى لا تلعب فيها روسيا ولا إيران ولا جماعة حزب الله دورًا مؤثرًا فى سوريا.
ومضى يقول: «على مدى سنوات، كان الداعمون الرئيسيون للأسد هم إيران وحزب الله وروسيا. ولكن خلال الأسبوع الماضى، انهار دعمهم (الثلاثة جميعهم) لأنهم أصبحوا أضعف بكثير اليوم ما كانوا عليه عندما توليت منصبى».

كما قال: «إنها لحظة تاريخية للشعب السورى الذى عانى طويلًا من أجل بناء مستقبل أفضل لبلده. إنها أيضًا لحظة من المخاطرة وعدم اليقين».

وأكد بايدن أن القوات الأمريكية نفذت، الأحد الماضى، ضربات دقيقة داخل سوريا على معسكرات وعناصر من تنظيم داعش، الأمر الذى يميل البوصلة تجاه رؤية أمريكية للحدث السورى، أو أنه سيأخذ بما أوصت هيئة تحرير «واشنطن بوست»: على الولايات المتحدة المساعدة فى كتابة فصل جديد ملهم للمنطقة وسوريا تبدو مناسبة لذلك.
وتنشر الولايات المتحدة نحو 900 من جنودها فى سوريا و2500 فى العراق فى إطار التحالف الدولى الذى أُنشئ عام 2014 لمكافحة تنظيم داعش، كما أن واشنطن صنفت هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية.
وحدث الزلزال!
الصمت الأمريكى الأوروبى، ومن المجتمع الدولى، جعل دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية تعمل، تدخل وتمارس دورها فى الأزمة مع سكوت أمريكى وأممى. فما حدث عمليًا هو زلزال سياسى أمنى اجتاح المنطقة والشرق الأوسط بصيغته القديمة التى تتقدم نحو خرائط جديدة.
امتداد وتداعيات الزلزال لن يقف عند سوريا، بينما الهزات الارتدادية ستستمر خلال الأشهر القادمة، ما يقلق المنطقة والمجتمع الدولى من الانفلات. من الواضح أنه لا ضمانات لأى اتفاقيات أو نتائج اجتماعات رتبت مراحل دخول الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، لأن حراك التسليم والتسليم سياسيًا توقف مع تزامن عسكرى ضعيف، استسلام فى حمص ودمشق وحماة، وقبلها حلب، كل ذلك ودولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى تعيد قواتها فى جبل الشيخ ويتوسّع جنوبًا وغارات تدمّر قدرات عسكرية سورية، برغم سوء الأوضاع نتيجة الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، كما حرب لبنان والجنوب اللبنانى.
كأى ثورة، سياسة الظروف والملابسات أساسية.
حتما ظروف وملابسات ومتغيرات لم تتضح، وقد تبقى سرًا إلى حين محاكمة الرئيس الأسد الهارب إلى موسكو، الآتى. كلها اجتهادات حول تسوية تم التوافق عليها فى اجتماعات العاصمة القطرية الدوحة، التى ضمت دول مسار أستانة «روسيا، إيران، تركيا»، ثم اجتماعًا ضمّ ثلاثية أستانة مع خمس دول عربية هى مصر والسعودية والعراق وقطر والأردن، وشهدت كل من حمص ودمشق ترجمة توافقات الدوحة عبر انسحاب قوات الجيش السورى قبيل تقدم الجماعات المسلحة نحوها.
ليس فعل لحظة، الحدث وقع بحجم زلزال جيوسياسى أمنى، بالتأكيد هزّ المنطقة، وسط ضبابية المواقف وفاعلية النتائج، والخوف من صراع عسكرى سورى عربى مع دولة الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، فالسفاح نتنياهو يريد فتح جبهة المواجهات المسكونة عنها، لن تستمر. هذا ما ينبئ به الحوار حول مستقبل سوريا التى خرجت منها كل الزول الحلفاء: إيران، روسيا، تركيا، وحزب الله.
.. ولعل أسوأ الاحتمالات المستقبلية يأتى من روسيا التى حافظت على قواعدها فى الساحل السورى، كأنها أقرب إلى رهينة لضمانات تركية لا يعلم أحد درجة صدقها من جهة، والقدرة على الوفاء بها مع تبلور صورة الحكم الجديد فى دمشق من جهة موازية، خصوصًا أن التأثيرات الأمريكية والإسرائيلية بدت واضحة على السياق الذى سوف تتبلور معه صورة الحكم الجديد، وفق تأكيدات حذرت منها صحيفة البناء اللبنانية، لسان حال الحزب القومى السورى.
.. الصحيفة تشير إلى أنه فى شمال سوريا ليست تركيا لاعبًا وحيدًا، ذلك أن الأمريكى يؤكد مواصلة الدعم لقوات سوريا الديمقراطية، وكذلك كيان الاحتلال الذى تحدّث عن خصوصية شمالية للأكراد وخصوصية جنوبية درزية، ترجمها حضور رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى خط فصل القوات المعتمد منذ عام 1974 معلنًا انتهاء العمل به، مصدرًا الأوامر لقوّاته بالدخول إلى القمة الأهم استراتيجيًا فى جبل الشيخ والتوسع فى المنطقة العازلة وتسيير دوريات فى جنوب سوريا نحو درعا والسويداء، بينما كانت طائرات الاحتلال تشنّ عشرات الغارات لتدمير قدرات استراتيجية للجيش السورى فى دمشق وريفها.
عن حزب الله وسوريا الهيئة!
المحلل السياسى اللبنانى،  فى منصة لبنان ٢٤، محمد الجنون، اعتبر الحدث: «هذه أخطر خطة إسرائيلية!»
وفى التحليل يرى أن سقوط بشار الأسد، وإعادة السيطرة على المواقع العسكرية بات هدفًا إسرائيليًا أمريكيًا مشتركًا، ولكن عاصفة اليوم تتسارع فى دمشق نحو زاوية القتل، والسؤال: من سيبدأ المواجهة العسكرية؟