سوريون يتحدثون لـ«الدستور»: إسرائيل تسرق أراضينا.. وصراع الفصائل يقترب
أكد عدد من السياسيين والمحللين السوريين أن سوريا تعيش حاليًا حالة من الضبابية والفوضى، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد على يد الفصائل المسلحة، وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام»، مشيرين إلى أن الشعب السورى ينتظر ما سيسفر عنه المستقبل الغامض، وسط مخاوف واسعة من انهيار الدولة وتقسيمها، وترقب نشوب صراعات على أسس طائفية أو عرقية، أو بين الفصائل المسلحة، التى تسيطر على البلاد.
وحذر السياسيون والمحللون السوريون، خلال حديثهم إلى «الدستور»، من تبعات استغلال دولة الاحتلال الإسرائيلى الأوضاع للسيطرة على مزيد من الأراضى السورية، خاصة بعد توغلها فعليًا فيما بعد هضبة الجولان دون رادع، موضحين أن تعقيد المشهدين السياسى والأمنى يفتح باب التساؤل حول الاتفاقات الخفية التى لم يكشف عنها بعد بين القوى الدولية المسيطرة، أو الداعمة لبعض الفصائل المسيطرة على المشهد السورى. وأكدوا أن الفترة المقبلة تتطلب توحد جميع أطياف الشعب السورى لإقامة دولة مدنية تتسع لجميع السوريين، تديرها سلطة ديمقراطية تعلى من شأن القانون، وتضمن حقوق جميع المواطنين، بعيدًا عن هيمنة الطوائف أو الأعراق، ما يساعد على وضع خطط واضحة لإدارة الدولة فى مرحلة صعبة تتطلب جهودًا كبيرة لإعادة الإعمار.
مصر تدين احتلال إسرائيل المنطقة العازلة مع سوريا
أدانت مصر، بأشد العبارات، استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة مع الجمهورية العربية السورية والمواقع القيادية المجاورة لها، بما يمثل احتلالًا لأراض سورية، ويعد انتهاكًا صارخًا لسيادتها ومخالفة صريحة لاتفاق فض الاشتباك لعام ١٩٧٤.
وأكدت مصر، فى بيان صادر عن وزارة الخارجية والهجرة، أمس، أن الممارسات الإسرائيلية تخالف القانون الدولى، وتنتهك وحدة وسلامة الأراضى السورية، وتعد انتهازًا لحالة السيولة والفراغ فى سوريا لاحتلال مزيد من الأراضى السورية، لفرض أمر واقع جديد على الأرض، بما يخالف القانون الدولى.
وطالبت مصر مجلس الأمن والقوى الدولية بالاضطلاع بمسئولياتها، واتخاذ موقف حازم من الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، بما يضمن سيادتها على كامل أراضيها.
طارق الأحمد: التقسيم السيناريو الأسوأ.. والمشهد سينعكس على الدول العربية
قال مسئول العلاقات الخارجية فى «الحزب السورى القومى الاجتماعى»، طارق الأحمد، إن المشهد السورى بعد رحيل الرئيس بشار الأسد يكتنفه الغموض والضبابية، موضحًا أن التطورات الأخيرة، خاصة دخول «هيئة تحرير الشام» أو «جبهة النصرة» بقيادة أحمد الشرع «أبومحمد الجولانى» إلى دمشق، تسلط الضوء على تعقيد المشهدين السياسى والأمنى فى البلاد.
وأوضح «الأحمد»، فى تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن الأطراف الدولية التى لعبت أدوارًا محورية فى اتفاق «أستانا»، مثل تركيا وروسيا وإيران، قد انضمت إليها مؤخرًا دول عربية، مثل السعودية ومصر والإمارات، مشيرًا إلى أن البيان الصادر عن اجتماعها فى الدوحة تناول نقاطًا تتعلق بالقرار الأممى ٢٢٥٤ ووقف الأعمال العدائية، لكن هناك غيابًا فى التطبيق الفعلى لهذه التفاهمات يؤدى إلى تفاقم حالة الفوضى.
وأشار إلى أن القوات المسلحة لـ«هيئة تحرير الشام» باتت تسيطر على مناطق واسعة من البلاد، ما عدا المنطقة الشمالية الشرقية التى تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مبديًا اندهاشه من عجز القوى الضامنة، مثل تركيا وروسيا، عن فرض سيطرتها على الجماعات المسلحة، يفتح الباب لتساؤلات حول وجود مخططات خفية لم تُكشف تفاصيلها بعد. وفيما يتعلق بالوضع الأمنى، قال «الأحمد» إن الجماعات المسلحة، رغم سيطرتها، لم ترتكب جرائم واسعة النطاق بحق المدنيين أو الشخصيات السياسية والعسكرية، وهو ما وصفه بأنه «نقطة إيجابية» فى هذا المشهد المأزوم.
وتطرق إلى استغلال إسرائيل الظروف الحالية فى سوريا، قائلًا إن ضم القنيطرة والسيطرة على مرتفعات جبل الشيخ الاستراتيجية يمنحان إسرائيل قدرة مراقبة استثنائية تمتد إلى دمشق، وحتى لواء الإسكندرونة فى الشمال، ما يشكل تهديدًا خطيرًا للأمن القومى السورى.
وأضاف: «إسرائيل، رغم استفادتها من دخول هيئة تحرير الشام وسيطرتها على دمشق، تواصل استهداف الجيش السورى ومنشآته الحيوية، مثل مراكز الدفاع الجوى ومراكز البحوث العلمية، ما يطرح تساؤلًا محوريًا مفاده: (لماذا تستهدف إسرائيل البنية التحتية العسكرية لدولة أصبحت تحت سيطرة جماعات مسلحة؟، وهل تهدف إسرائيل إلى تحويل سوريا إلى دولة منزوعة السلاح، أم تسعى إلى إبقاء الجيش القادم ضعيفًا وغير مؤثر؟)».
وأكد أن التحدى الأكبر أمام سوريا اليوم هو تجنب السيناريو الأسوأ، المتمثل فى التقسيم على أسس طائفية أو عرقية، مشددًا على أن الضمانة الوحيدة لوحدة سوريا واستقرارها تكمن فى إقامة سلطة ديمقراطية مدنية تُعلى من شأن القانون، وتضمن حقوق جميع المواطنين بعيدًا عن هيمنة الطوائف أو الأعراق. وتابع: «هناك أمنيات بأن تسير الأمور باتجاه السلمية»، مشيرًا إلى اللقاء الذى جمع رئيس الوزراء الحالى بـ«الجولانى» باعتباره إشارة إيجابية، على الرغم من وجود ملفات معقدة، مثل العدالة الانتقالية، التى اعتبرها من مسئولية الحكومة الآتية، داعيًا إلى طى صفحة الحرب، والابتعاد عن الأحقاد، لضمان مستقبل مستقر للبلاد.
وفى تعليقه حول إمكانية رفع «هيئة تحرير الشام» من قوائم الإرهاب الغربية، أوضح «الأحمد» أن الحزب السورى القومى الاجتماعى لا يهتم بالصراعات الانتقامية بقدر ما يركز على ما يفيد الشعب السورى، مشيرًا إلى أن إقامة سلطة مدنية علمانية هى السبيل الوحيد لحماية حقوق جميع المواطنين والأديان، مؤكدًا أن الحزب يتبنى نهجًا علمانيًا يشمل كل الطوائف.
وانتقد السياسى السورى أداء واشنطن والغرب تجاه سوريا، مشيرًا إلى أنه لا يبعث على التفاؤل، لكنه شدد أيضًا على أن أى خطوة تسهم فى تعزيز الديمقراطية، والتخلص من إرث الماضى قد تكون محل قبول، إذا كان الهدف منها خدمة مصلحة الشعب السورى.
وحول تأثير الأزمة السورية على المنطقة العربية، أكد «الأحمد» أن سوريا تحتل موقعًا استراتيجيًا يجعلها فى قلب العالم العربى، ما يجعل كل ما يجرى فيها ينعكس بشكل مباشر على دول الجوار والمنطقة ككل، مشيرًا إلى أن استمرار الأزمة يشكل خطرًا كبيرًا على دول الخليج والنفط، وكذلك على العراق ولبنان والأردن ومصر، وحتى إفريقيا.
واستطرد: «تجاوز هذه الأزمة يتطلب تعاونًا عربيًا جادًا، خاصة من الدول الكبيرة مثل مصر والسعودية، بالإضافة إلى الضغط على تركيا لتجنب أى دعم للتقسيم، أو التطهير العرقى فى سوريا، مع الحذر من أن أى انزلاق نحو حكم طائفى أو عرقى، من شأنه أن يفتح الباب أمام تجدد الصراع، على غرار ما حدث فى لبنان بعد اتفاق الطائف».
وشدد «الأحمد» على ضرورة إقامة دولة مدنية فى سوريا، تضمن وحدة الأراضى وسيادة الدولة على كل أراضيها، بعيدًا عن التدخلات الخارجية، مؤكدًا أن الحكم الديمقراطى الذى يتيح الفرصة للجميع دون فرض أيديولوجيات عقائدية محددة هو السبيل لضمان استقرار سوريا، وجعلها دولة حديثة ومتقدمة.
واختتم حديثه بالقول: «لا يهمنا من يحكم سوريا، بقدر ما يهمنا أن يكون الحكم ديمقراطيًا يعبر عن إرادة الشعب، ويحترم التعددية الفكرية».
باسل نصرالله: بناء الثقة بين المواطنين والسلطات الجديدة يتطلب الشفافية
اعتبر الكاتب والسياسى السورى باسل قس نصرالله، المستشار السابق لمفتى سوريا، أن الغموض الذى يحيط بالمشهد السورى يحمل فى طياته بارقة أمل، مستشهدًا بعبارة لأحد المفكرين: «المجهول أفضل من الحقيقة، لأن المجهول يعنى أن هنالك أملًا».
وأوضح «نصرالله» أن الشعب السورى الذى كان مكبّلًا بالخوف والصمت، خلال عقود من الديكتاتورية، بدأ الآن فى التعبير عن نفسه بحرية أكبر، معتبرًا أن المرحلة المقبلة ستشهد ظهور وجوه جديدة، وأفكار مبتكرة قادرة على مواكبة التحولات فى البلاد، مؤكدًا أن المرونة فى التعامل مع هذه التغيرات ستكون مفتاح النجاح. وفيما يخص مصير الرئيس السورى بشار الأسد، أكد أن دوره انتهى، مشيرًا إلى أن روسيا قدمت له اللجوء السياسى كجزء من مصالحها الاستراتيجية، لكنه شدد على أهمية محاكمته داخل سوريا، حيث يرى أن على الشعب السورى استعادة الأموال الموجودة فى البنوك الروسية لصالح إعادة إعمار البلاد.
واعتبر «نصرالله» أن الانتهاكات التى ارتكبت بحق السوريين خلال العقود الماضية، ومنها السجون التى تضم معتقلين منذ ٤٠ عامًا تمثل وصمة عار على الإنسانية، داعيًا إلى محاسبة المسئولين عن هذه الجرائم، لضمان العدالة والمصالحة الحقيقية.
وثمن «نصرالله» ما وصفه بالتعامل الكريم، الذى أبدته بعض الفصائل السورية المسلحة تجاه المواطنين، مؤكدًا أن هذه الفصائل التى كانت تصنف سابقًا كإرهابية أو متطرفة، بدأت فى التحول إلى العمل السياسى، مستشهدًا بتصريحات أحمد الشرع، المعروف بأبومحمد الجولانى، التى تعكس رغبة فى التغيير والانخراط فى الساحة السياسية.
وأضاف أن هذه التحولات توفر فرصة للتعامل مع الفصائل بمرونة أكبر، بعيدًا عن الأحكام المطلقة، لكنه حذر من أن بناء الثقة بين المواطنين والفصائل يحتاج إلى جهود حقيقية لضمان استقرار مستدام.
وشدد على ضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، مشيرًا إلى أن النظام كان يستخدم سياسة المصالحات بشكل مخادع، حيث كانت تُجرى «كرنفالات» شكلية للمصالحة، بينما يستمر القمع والاعتقالات.
وأوضح أن بناء الثقة بين المواطنين والسلطات الجديدة يتطلب شفافية وصدقًا فى التعامل، مع ضمان عدم تكرار ممارسات الأجهزة الأمنية التى كانت سببًا رئيسيًا فى انعدام الثقة، مؤكدًا أن الشعب السورى قادر على تجاوز الأزمات وبناء مستقبل مشرق، شرط أن تتوافر الإرادة السياسية والعمل الجاد لإعادة بناء الثقة وترميم النسيج الاجتماعى فى البلاد.
وأشار إلى أن المشهد الذى كان يتخوف منه البعض، مثل تهجير العلويين والمسيحيين لم يتحقق على أرض الواقع، مبينًا أن العديد ممن غادروا سوريا باتوا يفكرون بالعودة بسبب مؤشرات الاستقرار النسبى فى بعض المناطق.
وأشار إلى أنه مع غياب السيطرة الأمنية، اندلعت أعمال نهب وسرقات قبل أن تبدأ الأمور بالاستقرار تدريجيًا، مؤكدًا أن هذه التجاوزات تعد سلوكيات فردية ترتبط بحساسيات عشائرية ومجتمعية، مؤكدًا أن البلاد تسير نحو الأفضل يومًا بعد يوم، وأن السلام أصبح هدفًا يمكن تحقيقه إذا توفرت الإرادة والعمل المشترك.
وأشاد بما وصفه بالنضوج السياسى لدى القوى التى برزت فى المشهد السورى بعد الأزمة، معتبرًا أن هذه القوى باتت مستعدة لقيادة المرحلة المقبلة، لكنه شدد على ضرورة الحوار كأداة رئيسية لحل الخلافات وبناء مستقبل مشترك.
وقال: «نحن قد نختلف على لون الطاولة، لكن الجميع يتفق على أهمية وجود طاولة تجمعنا»، معتبرًا أن التفاصيل الدقيقة، رغم أهميتها، لا يجب أن تكون عائقًا أمام الحوار.
وأكد «نصرالله» أن البلاد قادرة على تجاوز أزماتها عبر العمل المشترك والابتعاد عن الصراعات الصغيرة، داعيًا إلى تعزيز قيم الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف لتحقيق الاستقرار الدائم وإعادة بناء الوطن.
محمود الأفندى: الجولانى قد يتحول إلى «مرشد».. والعرب سيتحملون عبء إعادة الإعمار
توقع الدكتور محمود الأفندى، الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية، أن تشهد مرحلة ما بعد رحيل الرئيس بشار الأسد تشكيل حكومة جديدة، وفقًا لاتفاقات الدوحة، تتولى قيادة الدولة لفترة انتقالية، تتبعها انتخابات، مع وضع دستور جديد للبلاد، منوهًا بأنه، ووفقًا لهذه الاتفاقات، من المتوقع أن يتولى الائتلاف السورى المعارض إدارة الدولة خلال المرحلة المقبلة.
وأوضح «الأفندى» أن اتخاذ الجيش السورى موقفًا حياديًا رافضًا القتال ضد فصائل المعارضة قد يسهم فى تقليل فرص نشوب حرب طائفية شاملة، خاصة مع ضعف القدرات العسكرية فى بعض القرى العلوية والمسيحية، التى فقدت جزءًا كبيرًا من سكانها بسبب الهجرة والنزوح.
ورأى أن التحدى الأكبر فى المرحلة المقبلة سيكون الصراع مع الفصائل الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، خاصة فى شمال شرق سوريا، مشيرًا إلى أن الحكومة الجديدة، والمتوقع أن تكون قريبة من تركيا، ستسعى للسيطرة على منابع النفط والغاز ومزارع القمح الموجودة فى هذه المنطقة.
وقال: «تصريحات الدكتور هادى البحرة، رئيس الائتلاف السورى المعارض، حول ضرورة التعامل مع الفصائل الكردية وقوات حزب العمال الكردستانى، توحى باحتمالية اندلاع حرب شديدة الحدة فى هذه المنطقة، لضمان السيطرة الكاملة للدولة المقبلة».
وحذر «الأفندى» من إمكانية تحول سوريا إلى نموذج مشابه للنظام الإيرانى، مع ظهور قائد روحى يسيطر على المشهد السياسى، مشيرًا إلى أن لقاء رئيس الوزراء السورى الحالى مع «الجولانى» قد يضع الأساس لهذا السيناريو، إذ يمكن أن يصبح «الجولانى» هو المشرف الروحى على الدولة، تاركًا للحكومة والرئيس سلطات تنفيذية محدودة.
وأضاف: هذا الوضع قد يؤدى إلى تأسيس «دولة عميقة» يكون لـ«الجولانى» وأتباعه فيها السيطرة الفعلية، على غرار الدور الذى يلعبه المرشد الأعلى فى إيران.
وفيما يتعلق بإمكانية حذف «هيئة تحرير الشام» من قوائم الإرهاب، أكد «الأفندى» أن الأمر معقد للغاية، ويحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولى، الذى يضع قيودًا صارمة على التعامل مع الهيئة باعتبارها منظمة إرهابية.
ولفت إلى أن قرار مجلس الأمن رقم ٢١٧٠ لعام ٢٠١٣ يمنع أى دولة أو منظمة من التعامل مع «هيئة تحرير الشام»، ما يجعل أى محاولات لرفعها من القوائم تتطلب توافقًا دوليًا، بما فى ذلك موافقة روسيا والصين، موضحًا أن هذا الأمر قد يفتح الباب أمام صراعات دبلوماسية حادة على الساحة الدولية.
وحذر «الأفندى» من أن سوريا تواجه مستقبلًا غامضًا مليئًا بالتحديات، بدءًا من الصراعات الداخلية المحتملة بين الأطراف المختلفة، وصولًا إلى الضغوط الدولية لتحقيق توازن جديد فى البلاد، مؤكدًا ضرورة أن تكون المرحلة المقبلة مدروسة بدقة، لتجنب وقوع سوريا فى فخ التقسيم أو الهيمنة من قبل قوى إقليمية ودولية. ونوه الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية بأن إعادة إعمار سوريا تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجى، وهو ما يمثل تحديًا رئيسيًا فى ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة عالميًا.
وتابع: «أوروبا، المثقلة بأزماتها الداخلية والصراع فى أوكرانيا، ليست مؤهلة حاليًا لدعم هذا المشروع، فى حين أن الولايات المتحدة قد تكتفى برفع العقوبات، ودعم بعض المنظمات غير الحكومية داخل سوريا، والعبء الأكبر سيقع على الدول العربية، خاصة السعودية والإمارات وقطر».
وتوقع «الأفندى» أن تضطلع قطر بدور محورى فى عملية إعادة الإعمار، تمامًا كما كانت عنصرًا رئيسيًا فى ترتيبات إسقاط نظام الأسد خلال اجتماع الدوحة، وربما تمتد جهودها لتشمل مشاريع أخرى فى غزة وجنوب لبنان.
وعن التأثير الإقليمى لتغير موازين القوى فى سوريا، سلط «الأفندى» الضوء على التحديات التى تفرضها الجماعات الإسلامية المسيطرة على المشهد، مثل «هيئة تحرير الشام» وفصائل المعارضة ذات الطابع الإسلامى، مشيرًا إلى أنها ستعيد تشكيل التوازنات فى المنطقة العربية، ما يضع الدول المجاورة فى حالة ارتباك.
واستطرد: «إسرائيل ستواجه تحديات كبيرة فى هذا السياق، إذ تخشى أن تتحول سوريا إلى (غزة جديدة)، أو أن تظهر حركة مشابهة لحماس على حدودها الشمالية، وهى تتعامل مع هذا التهديد المحتمل عبر ضربات استباقية، مستهدفة مواقع عسكرية للجيش السورى فى المناطق الحدودية». وأكد أن إسرائيل تسعى لتوسيع نفوذها وتأمين حدودها، من خلال إنشاء مناطق عازلة، بعد أن استغلت الوضع الحالى لتبرير احتلالها مساحات إضافية داخل الأراضى السورية.
وحذر «الأفندى» من أن المنطقة العربية ما زالت تعيش فى حالة من الصدمة تجاه ما يحدث فى سوريا، مشيرًا إلى أن ضبط الوضع الجديد، خاصة مع التحديات التى تفرضها الجماعات الإسلامية على المنطقة، سيحتاج إلى وقت وجهود دولية وإقليمية متواصلة، لضمان عدم تحول سوريا إلى نقطة صراع جديدة تهدد استقرار المنطقة بأكملها.