رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة السيسى- أردوغان: التحولات الجيوسياسية الأمنية فرضت تعزيز العلاقات والتعاون المشترك

فى تقريرها من أنقرة، ركزت وكالات الأنباء العربية والعالمية، الأوروبية الأمريكية تحديدًا، على الأهمية الاستثنائية لزيارة الدولة التى قام بها الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى إلى الدولة التركية. 
لفتت وكالة الأنباء الفرنسية إلى أن أردوغان والسيسى رغبا فى «تعزيز تعاونهما» بعد عقد من القطيعة، إلا أن حاضر الإعلام المعاصر لم يترك مساحة لفهم طبيعة العلاقة الحضارية والاجتماعية والسياسية بين مصر وتركيا، عبر تاريخ وبيئة وجيوسياسية مشتركة بين إفريقيا وآسيا العربية وآسيا الصغرى. 
*التعزيز السياسى محطة للمستقبل المشترك
 

فى ظل أزمات أحداث العالم، والحروب الكبرى، والحرب الروسية الأوكرانية، والحرب العدوانية الإسرائيلية الصهيونية على قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، جاءت قمة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى العاصمة الاقتصادية لتركيا، أنقرة، لتفتح مرحلة مهمة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، مع وجود بيئة تنسيق وتعاون ورغبة مشتركة فى تعزيز طبيعة قوة وإمكانات والأدوار التى تفرضها جيوسياسية ارتياد المستقبل فى الإمكانات المتاحة لمصر وتركيا، استنادًا للمتغيرات التى يعيشها العالم والمنطقة، نتيجة الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، وهى مرحلة تدعم آفاق العمل السياسى والاقتصادى والثقافى والإعلامى والأمنى المشترك، عدا التنسيق فى المواقف والآراء والحلول فى المفاوضات الدولية من خلال المنظمات الدولية والأممية والعربية والإسلامية، مع الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى.

.. نظرة مركزة، سابقة، لفت إليها الرئيس التركى أردوغان، فى ختام اجتماعه مع الرئيس المصرى السيسى الذى كان استقبله فى القاهرة فى منتصف فبراير «سنعزز تعاوننا فى كل المجالات»، وقمة أنقرة اليوم جلت الكثير من الحقائق ومسار الأعمال، بدأت من لحظة استقبال الرئيس التركى الرئيس السيسى، عند نزوله من الطائرة، فى أول زيارة رسمية له إلى تركيا.. وتاليًا أكد أردوغان «نريد الارتقاء بتعاوننا مع مصر فى مجال الطاقة، وخصوصًا الغاز الطبيعى والطاقة النووية»، وهى ملفات اقتصادية لها دورها فى عالم اليوم.

.. فى المؤشرات بين البلدين، أخذت العلاقات نحو التطور السياسى والاقتصادى والأمنى، مع تقارب مصالحهما ورؤيتهما فى الكثير من النزاعات الإقليمية، والدولية، منها أهمية دور مصر فى المنطقة والإقليم، وفى القارة الإفريقية، وتمكنت عمليًا بعد السابع من أكتوبر، مع إعلان حركة حماس معركة طوفان الأقصى، كمقاومة فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى، وبدء الحرب العدوانية على قطاع غزة، حرب إبادة جماعية مع التهجير وتصفية القضية الفلسطينية.
*موقف سياسى وأمنى.. ومساعدات إلى غزة

فى هذا الإطار، أكد الرئيس التركى أن بلاده نسقت مع مصر لإرسال عدة سفن مساعدات إنسانية إلى غزة عبر ميناء العريش المصرى منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس فى السابع من أكتوبر، مع التأكيد على ضرورة إيقاف الحرب والإبادة الجماعية والتهجير، «إن التوصل إلى وقف لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية (إلى قطاع غزة) من أولوياتنا».

.. وخلال القمة، تحدث الرئيس السيسى عن «المأساة الإنسانية فى غزة» وضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، ودعا السيسى إلى «وقف التصعيد فى الضفة الغربية» التى تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 وتنفذ فيها قواتها عملية عسكرية واسعة منذ أسبوع.

* السيسى.. والوضع فى الصومال

كان لافتًا إصرار الرئيس المصرى على طرح مناقشات مسهبة مع الرئيس أردوغان، حول مآلات الوضع فى الصومال واتفق الطرفان على ضرورة السعى من أجل «الحفاظ على وحدة وسلامة أراضى» هذا البلد الواقع فى القرن الإفريقى، وهى رؤية تدعم ما أنجز فعلًا فى أنقرة والقاهرة خلال الأشهر الماضية، عندما وقعت اتفاقيات مهمة فى مجال التعاون العسكرى مع الصومال الذى يشهد توترات حادة مع إثيوبيا.

*قمة مختلفة فى عالم مضطرب


كان لافتًا للغاية تلك اللحظات التى أعلن فيها الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى عن تأسيس مرحلة جديدة، مختلفة معاصرة من العلاقات بين جمهورية مصر العربية وتركيا، وهذا ما جعلها قمة العمل السياسى والاقتصادى والأمنى، فتكللت مجموعة من الثوابت والأعراف والرؤى التى جعلت زيارة السيسى للدولة التركية تاريخية، فاتحًا سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية المشتركة، وهى تأتى فى مرحلة وعالم ومجتمع دولى مضطرب، وهذا ما ألمح إليه الرئيس السيسى، عندما كشف فى دراية مهمة، وتحليل لطبيعة الأوضاع العالمية والأحداث المرتبطة بما نشأ عن الحرب العدوانية الإسرائيلية الصهيونية على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل، عن أن «التحديات فى المنطقة تتطلب تنسيقًا مع تركيا»، موكدًا أنه ناقش مع أردوغان سبل التصدى للأزمات الإقليمية وفى مقدمتها غزة، وشدد على أن «مصر وتركيا تدعوان لوقف إطلاق النار فى غزة ووضع نهاية للعنف فى الضفة الغربية»، عدا عن حساسية الأوضاع فى السودان والقرن الإفريقى، ما يحتم ضرورة الحفاظ على وحدة الصومال، كما تمت مناقشة الأزمة فى ليبيا، ورحب من جهة ثانية بمساعى التقارب بين سوريا وتركيا. 
*مساهمات تركيا ومصر فى السلام والاستقرار الإقليمى

شكلت زيارة الدولة، التى تمت وسط توجيهات رؤساد مصر وتركيا، نقطة تحول فى استثمار وقيادة البلدين، فقال الرئيس التركى، فى مؤتمر صحفى عقده مع نظيره المصرى، إن مساهمات تركيا ومصر فى السلام والاستقرار الإقليميين تشكل «أمرًا حيويًا»، ذلك أن البلدين يتبنيان موقفًا مشتركًا تجاه القضية الفلسطينية، وهى إشارات سياسية لها بدلالاتها المؤثرة إقليميًا.

وعاد أردوغان لتثبيت الموقف التركى من الحرب العدوانية على قطاع غزة ورفح والضفة الغربية والقدس، مؤكدًا أن دولة الاحتلال الإسرائيلى وداعميها مسئولون عن وفاة كل مدنى برىء فى غزة بسبب الجوع والعطش ونقص الدواء، مستنكرًا خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى-السفاح- بنيامين نتنياهو فى الكونجرس الأميركى فى يوليو، قائلًا: «مكان قتلة 41 ألفًا من الأبرياء ليس منابر البرلمان بل قاعات المحاكم لمحاسبتهم على جرائمهم».
وأكد أن «إسرائيل تواصل موقفها المعرقل للمفاوضات، وكشفت عن عقليتها بقتل مُحاورها»، فى إشارة إلى اغتيال رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إسماعيل هنية فى العاصمة الإيرانية طهران، بحسب ما طرح خلال المؤتمر الصحفى فى أنقرة.

*ماذا يعنى تعزيز التعاون التركى مع مصر؟

تساؤلات سياسية وأمنية واقتصادية، ورودها فى هذا الوقت، يؤكد قوة واستقرار جمهورية مصر العربية، ويدعم دورها الدولى، ومكانتها الآسيوية الإفريقية، وقدرتها العربية الإسلامية على حل النزاعات وقيادة المفاوضات، الأمر الذى جعل الرئيس التركى يعلن كاشفًا عن إرادة بلاده فى تعزيز التعاون مع مصر فى جميع المجالات، بما فى ذلك الصناعة والتجارة والدفاع والصحة والبيئة والطاقة، بما فى ذلك عزم وقرارات تركيا رفع حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى 15 مليار دولار سنويًا خلال الأعوام الـ5 المقبلة، ومواصلة العلاقات متعددة الأبعاد مع القاهرة وفق أساس الربح المتبادل.

*عراقة تاريخية شعبية متأصلة الجذور

بيان الرئاسة المصرية التقط خصوصية القمة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ونقل البيان ما صرح به السيسى، فى أنقرة: «تجمع بين دولتينا العريقتين علاقات تاريخية وشعبية متأصلة الجذور، كما تربطهما علاقات سياسية قوية منذ تأسيس الجمهورية التركية على يد الزعيم المؤسس مصطفى كمال أتاتورك».
.. وفى الدلالات، قال السيسى: «لعل زيارتى اليوم، ومن قبلها زيارة فخامة الرئيس أردوغان للقاهرة، تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استنادًا لدورهما المحورى فى محيطهما الإقليمى والدولى، وبما يلبى طموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين».

.. وفى الأطر العملية، كشفت الرئاسة التركية، فى بيان الأربعاء، عن أن زيارة الرئيس المصرى تأتى تلبية لدعوة من نظيره التركى، ردًا على زيارة الأخير لمصر منتصف فبراير.
وأضافت أن الرئيسين يترأسان الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجى؛ رفيع المستوى، الذى أعيدت هيكلته وفقًا لإعلان مشترك جرى التوقيع عليه خلال زيارة أردوغان إلى القاهرة، وأضافت أن المحادثات ستتناول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، لا سيما الهجمات الإسرائيلية على غزة وبقية الأراضى الفلسطينية المحتلة.
كما أن اجتماع المجلس سيناقش الخطوات المشتركة التى يمكن اتخاذها لمواصلة تطوير التعاون الثنائى، ويتوقع أن تقام بعد ذلك مراسم توقيع اتفاقيات مهمة.


* أصوات قوية لبلاد مستقرة تنظر للأمن والسلام

الزيارة، القمة المصرية التركية، تعد استجابة طبيعية لثقة شعوب البلدين، وقيادته، وتاريخها، الذى أبدى تلك الأصوات القوية فى بلاد أبدعت استقرارها ومكانتها الدولية والاقليمية. 
فعلًا مستقرة، تنظر للأمن والسلام كأحد أهم أوجه بناء العلاقات الثنائية استراتيجيًا وأمنيًا، عدا عن توافق الرؤى السياسية حول أزمات وأحداث وحروب المنطقة. إن العلاقات تتحرك نحو الأفضل بسلاسة والقائم منها فى وفاق دائم، العوامل الجيوسياسية الأمنية الجغرافية والحضارية تدعم القوة الاستراتيجية الراهنة بين مصر وتركيا، استنادًا إلى عمق اقتصادى واجتماعى وثقافى، قد يؤدى إلى وحدة فى ساحات العمل السياسى والاقتصادى والثقافى، كما الدولى الأممى، والذى يسهم فى تكريس ودعم مقومات العمل الاستثمارى، المؤسساتى بسبب إمكانات ودور كل بلد، عدا عن العمل المشترك.

*ممر الطاقة الشرق أوسطى.. ولكن؟


.. فى فهم الأثر السياسى السيادى، تعمل دولة مثل مصر، وتركيا على تحليل الأحداث والأزمات، وفق معادلات وأسس جيوسياسية، وأحيانًا تحتمها سياسة جغرافية الجوار الإقليمى، وهنا نتذكر وعى الدولة المصرية، عندما قام وزير البترول والثروة المعدنية المصرى كريم بدوى الخميس 29 أغسطس الماضى، بزيارة للعاصمة القبرصية نيقوسيا بدعوة من نظيره القبرصى جورج باباناستاسيو من أجل تبادل الرؤى بين الجانبين.
.. وفى المنظور والتحليل، علينا أن نلفت إلى أن مناقشة التطورات الدولية والإقليمية نقلت الزيارة إلى ملفات مهمة ساخنة، موضوع الطاقة العالمية، حيث أكدت مصر وقبرص الحاجة إلى تعزيز التعاون فى تنفيذ الهدف المشترك المتمثّل فى إنشاء ممرّ موثوق للطاقة من شرق البحر المتوسط إلى أوروبا لنقل الغاز الطبيعى والطاقة الخضراء. 
.. هذا المنجز، أعيد التفكير به إقليميًا واقتصاديًا، فالممرّ الذى سيعزّز من مكانة مصر الاقتصادية على مستوى المنطقة والعالم مهم بعدما تعرّضت مكانتها فى قناة السويس لاهتزازات كثيرة من جراء تنفيذ حركة الحوثيين فى اليمن ضربات واعتداءات على السفن التى تمرّ عبر البحر الأحمر، لكنّ هذا الممرّ سيشكّل لكل من تركيا، ومصر، وربما روسيا، ما يعزز الثقة فى كل الاتفاقيات، مصير العلاقات الثنائية، التركية- المصرية، ولاحقًا المصرية- الروسية، يستعيد إمكانية تحقيق ملف الممر برغم معيقات التنفيذ مرحليًا، وهذا ممكن بالنسبة لحاجة مصر. 
*.. اتفاقيات مشتركة وآفاق تعاون لا محدود

 


لا يمكن الرهان على الأحداث التى تغلى فى المنطقة، وقد حققت قمة السيسى- أردوغان، صفحات بعيدة المدى، فمنذ 12 عامًا، عملت تركيا ومصر على تحسن العلاقات التى تباينت مستوياتها منذ فترة طويلة بين البلدين المهمين فى المنطقة، والمجتمع الدولى، وبرز ذلك كاشفًا عن أهمية كل كيان فى موازنة الآخر من حيث القوة والعمل والاستقرار والمكانة الدولية والإقليمية والأممية.

كل هذا يفسر للعالم أن التوقيع بين مصر وتركيا على اتفاقيات تشمل الجوانب التجارية والاقتصادية والثقافية والصحية، لتستمر العلاقات بين البلدين، ذلك ما يفسر التطور الشامل فى كل المجالات من الاقتصاد إلى الثقافة، ومن السياحة إلى الصناعة، ومن التعليم إلى الصحة، وهى حتمًا ستقود إلى معالم انطلاقة مؤثرة فى المنطقة والإقليم، نظرًا لأن أثر الاتفاقيات هو تحول نوعى فى إدارة الإمكانات والموارد ودور الشعوب، لما فيه صالح ومستقبل البلدين، ومن ثم الجوار الاستراتيجى، وحماية المصالح، ودرء الأخطار السياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية. 
.. القمة وضعت اجتماعات «المجلس الاستراتيجى ‏رفيع المستوى» بين مصر وتركيا، برئاسة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى‎، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، علامة بات ينظر لها المجتمع الدولى كمؤشر على تحدى ديمومة الاستقرار والتعاون والتنمية. 
وهنا أتذكر زيارة وزير الخارجية التركى «هاكان فيدان»، إلى القاهرة يومى 4 و5 أغسطس؛ للتحضير لزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، إلى العاصمة التركية أنقرة.
.. والمهم أن المؤتمر الصحفى مع وزير الخارجية المصرى بدر عبدالعاطى، لاحظ الحرص الإقليمى والدولى، لما لفتت إليه تركيا من خلال وزير خارجيتها، الذى قال إن مصر وبلاده ستعملان على تطوير العلاقات بكل الإمكانات المتاحة، ذلك أنَّ المنطقة أصبحت تشهد طوقًا من النيران، وأن أنقرة تولى اهتمامًا كبيرًا بالتشاور مع مصر.

.. وفى ذلك الوقت، كان الكشف عن عقد الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى، ولعل تبادل زيارة رئيسى تركيا ومصر، أردوغان لمصر، والسيسى لتركيا، منجزات لها وزنها السياسى والأمنى، عدا عن الاقتصادى التنموى، وبالتالى، دفعات قوية للعلاقات المشتركة بين البلدين، ما يثير شهية ديمومة العمل على معالجة المواقف من أزمات وحروب، مؤثرات التنمية المستدامة على شعوب واستقرار المنطقة والإقليم، وهنا نرى ذلك، من تحديات الدول التى لا تريد الانكفاء وراء أى أزمات داخلية أو خارجية، ومن أسس النجاح وبناء القوة والاستقرار تعزيز وتكثيف العلاقات والمصالح فى شتى المجالات، ورفع مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية، وغيرها إلى مستويات تنافس مثيلاتها فى العالم. 
*.. السر فى بنية العلاقات الاقتصادية 
قمة السيسى- أردوغان فى أنقرة، وضعت صورة مصر وتركيا فى منظور العالم والدول المؤثرة عالميًا، وفى أطر القارات الكبرى إفريقيا وآسيا الصغرى، عدا عن جيوسياسية العلاقات عبر الدول العربية والخليج العربى، وشمال إفريقيا والمغرب، ما أسس عمليًا صفحات جديدة للعلاقات كافة.

.. وليس سرًا أن القمة سيكون لها وزنها وحراكها الدولى، لما سينتج من خطوات ينظر إليها بدقة وتعاون، وربما بحذر على نطاق واسع، برغم أنها نشأت من منطلقات تفتح، أمام مصر وتركيا والمجتمع الدولى، قراءات لمرحلة جديدة للعلاقات بين البلدين بعد سنوات عصيبة من الأزمات التى تركت بصماتها فى حياة البشرية، أزمة جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، وما نتج عن ما سمى بالربيع العربى، وحالة الحرب العدوانية الإسرائيلية المستعرة على غزة ورفح والضفة الغربية والقدس والداخل المحتل.
التحدى، وعزم القمة المصرية التركية، أنتج مرحليًا وفى قراءة استشراف المستقبل، وقعت مصر وتركيا 17 اتفاقية جديدة لتعزيز التعاون بين البلدين.

وشملت الاتفاقيات، بحسب المصادر المشتركة، مجالات متنوعة، من بينها الصناعة والتجارة والدفاع والصحة والبيئة والطاقة.

عمليًا تضمنت الاتفاقيات ما يلى:

1. مذكرة تفاهم بشأن تطوير المنطقة الصناعية بالعاصمة الإدارية الجديدة. 
2. اتفاقية تخصيص أرض بشأن تطوير المنطقة الصناعية فى مدينة 6 أكتوبر الجديدة.
3. مذكرات تفاهم فى كل من مجال سياسة المنافسة، والتعاون فى مجال التعليم العالى، والسكك الحديدية، والطيران المدنى، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعاون العلمى والاقتصادى والفنى فى مجال الزراعة.
4. مذكرات تفاهم حول التعاون فى مجال الصحة والعلوم الطبية، ومجال دعم وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومجال السياحة والثقافة، والمواضيع المالية والاقتصادية، والطاقة، ومجال العمل والتوظيف، وحماية البيئة، والتطوير العمرانى.
5. مذكرة بين وزارة الخارجية التركية، ووزارة الخارجية المصرية ووزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين فى الخارج.


*فى تاريخية القمة المصرية- التركية.. أجندة ووثائق

الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أوّل زيارة إلى تركيا منذ حقق مرحلة تاريخية سيكمل أثرها وقيمتها، عبر تأريخنا الوثائق ومواقيت الزيارة.

1. أهمية نوعية 
وصل الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى إلى أنقرة، اليوم الأربعاء، لإجراء محادثات مع نظيره التركى رجب طيب أردوغان فى أول زيارة على مستوى رئاسى منذ 12 عامًا مع تحسن العلاقات المستمرة منذ فترة طويلة بين البلدين المهمين فى المنطقة، ما شكل أهمية نوعية لها وزنها السياسى والاقتصادى والأمنى. 

2. زيارة تاريخية

تأتى زيارة السيسى لتركيا بعد زيارة أردوغان إلى القاهرة فى فبراير، وهى أول زيارة له إلى مصر منذ عام 2012، متخذًا خطوة كبيرة نحو إعادة بناء العلاقات التى توترت بشدة على مدى عقد من الزمن.

3. الخطوات المشتركة الممكنة

قال مكتب الاتصال بالرئاسة التركية، فى بيان أمس الثلاثاء: «سيتم استعراض العلاقات التركية المصرية فى جميع جوانبها ومناقشة الخطوات المشتركة الممكنة فى الفترة المقبلة لمواصلة تطوير التعاون».

4. مواقف

قال البيان: «بالإضافة إلى العلاقات الثنائية، سيجرى تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، وخاصة الهجمات الإسرائيلية على غزة والأراضى الفلسطينية المحتلة».

5. الصداقة والتعاون المشترك

قالت الرئاسة المصرية، فى بيان الأربعاء: «زيارة السيد الرئيس التاريخية لتركيا تمثل محطة جديدة فى مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، وللبناء على زيارة الرئيس أردوغان التاريخية لمصر فى فبراير الماضى، وتأسيسًا لمرحلة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك بين البلدين، سواء ثنائيًا أو على مستوى الإقليم الذى يشهد تحديات جمة تتطلب التشاور والتنسيق بين البلدين».

6. سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية

إن اجتماعات السيسى فى تركيا ستتناول «سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية فى مختلف المجالات، إضافة إلى تبادل الرؤى إزاء القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها جهود وقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنهاء المأساة الإنسانية بالقطاع وخفض التصعيد فى الشرق الأوسط».

7. مراسم

استقبل أردوغان السيسى فى مطار أنقرة قبل أن يغادرا معًا فى موكب إلى القصر الرئاسى لحضور مراسم الاستقبال. وسيترأسان الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى بين تركيا ومصر.
 


8. علاقات سياسية قوية

قال السيسى على منصة إكس: «أعرب عن سعادتى البالغة بزيارتى الأولى للجمهورية التركية، ولقائى مع فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث تجمع بين دولتينا العريقتين علاقات تاريخية وشعبية متأصلة الجذور، كما تربطهما علاقات سياسية قوية منذ تأسيس الجمهورية التركية».

9. الإرادة المشتركة

أضاف: «لعل زيارتى اليوم، ومن قبلها زيارة فخامة الرئيس أردوغان للقاهرة، تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استنادًا لدورهما المحورى فى محيطهما الإقليمى والدولى، وبما يلبى طموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين».

10. دبلوماسية مؤثرة

بدأت العلاقات بين البلدين فى التحسن فى عام 2020 عندما أطلقت أنقرة حملة دبلوماسية لتخفيف التوترات مع قوى منافسة لها بالمنطقة، بما فى ذلك الإمارات والسعودية ومصر.

11. طائرات مسيرة

فى العام الماضى، تبادلت تركيا ومصر تعيين السفراء. وأعلنت أنقرة عن أنها ستزود القاهرة بطائرات مسيرة مسلحة. وقال أردوغان فى القاهرة إن البلدين يريدان تعزيز التجارة إلى 15 مليار دولار فى الأمد القريب من 10 مليارات دولار.
12. منجزات اتفاقيات 
قالت وكالة الأناضول التركية للأنباء المملوكة للدولة إن البلدين سيوقعان نحو 20 اتفاقية لتعزيز العلاقات التجارية والتعاون فى مجالات الطاقة والدفاع والسياحة والصحة والثقافة والتعليم. وأضافت أنه من المقرر أيضًا توطيد التعاون فى مجالى الطاقة المتجددة والغاز الطبيعى المسال.

13. مساعدات وتنديد العدوان على غزة ورفح 
أرسلت تركيا، التى تندد بإسرائيل بسبب حربها فى قطاع غزة، آلاف الأطنان من المساعدات إلى مصر من أجل الفلسطينيين، وأشادت بالجهود الإنسانية التى تبذلها القاهرة ودورها كمفاوض فى محادثات وقف إطلاق النار.

14. مجلس التعاون الاستراتيجى

من جانبها، قالت الرئاسة التركية، فى بيان الأربعاء، إن زيارة الرئيس المصرى تأتى تلبية لدعوة من نظيره التركى، ردًا على زيارة الأخير لمصر منتصف فبراير الماضى.
وأضافت أن الرئيسين سيترأسان الاجتماع الأول لمجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى الذى أعيدت هيكلته وفقًا لإعلان مشترك جرى التوقيع عليه خلال زيارة أردوغان إلى القاهرة، وأضافت أن المحادثات ستتناول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والعالمية الراهنة، لا سيما الهجمات الإسرائيلية على غزة وبقية الأراضى الفلسطينية المحتلة.
وأوضح البيان أن اجتماع المجلس سيناقش الخطوات المشتركة التى يمكن اتخاذها لمواصلة تطوير التعاون الثنائى، ويتوقع أن تقام بعد ذلك مراسم توقيع اتفاقيات.
وخلال لقائهما فى القاهرة، أكد الرئيسان المصرى والتركى رغبتهما فى فتح صفحة جديدة فى العلاقات بين البلدين. وحينها قال السيسى إن بلاده سترفع مستوى التعاون الاقتصادى المشترك مع تركيا إلى 15 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
١٥. علامة فارقة

.. خطوات المجتمع الدولى تنحاز إلى ضروريات توافق رؤى الدول والشعوب، ومدى قدرتها على إبداع حراكها واستقرارها وصورتها فى تحقيق الأمن والسلم الدولى، والحفاظ على استدامة الموارد الاقتصادية والاجتماعية، وتحدى الأزمات والحروب، بل قوة الأدوار السياسية وقيادة فرص الدبلوماسية والمفاوضات وإيقاف الحرب، أيًا ما كان شكلها ونتائجها، هذا هو دور مصر وتركيا القادم.