رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذا بعد سقوط الأسد؟

تحضرنى هذه الأيام مقولة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك حينما قال أثناء أحداث ٢٥ يناير مقولته الشهيرة «أنا أو الفوضى».. لم يصدقه أحد وقتها لكننا عانينا بعده مدة طويلة من الفوضى السياسية والاجتماعية، وانتشرت المظاهرات الأسبوعية والإرهاب فى كل مكان، الذى استهدف مراكز وكمائن الشرطة والجيش، واغتال صفوة رجالنا منهم، ناهيك عن حرق كنائسنا ومساجدنا، ولم تنجُ طائفة من هذا الإرهاب الذى طال أيضًا النائب العام الشهيد هشام بركات.
رغم خطورة تلك المرحلة من الفوضى استطاع الشعب والجيش أن يكونا على قلب رجل واحد، وتم القضاء على منابع الإرهاب والحفاظ على وحدة شعبنا وأرضنا من الحرب الأهلية والانقسام وتفتت الدولة.
الأحداث الأخيرة فى سوريا تتناقض تمامًا مع ما حدث فى مصر.. ففى أحداث يناير وثورة ٣٠ يونيو كانت هناك إرادة شعبية لتغيير النظام.. المرة الأولى كانت لإحساس الشعب بانتشار الفساد وتفشيه، وفى المرة الثانية لرفض الشعب أن تحكمه جماعة إرهابية تحت ستار الدين تغلغلت بشدة وسرعة فى مفاصل الدولة لأخونتها.. وظهر فشلها الإدارى والسياسى سريعًا فكان لا بد من الإطاحة بها، وهو ما تم بالفعل.
الأمر يختلف تمامًا مع سوريا.. فلم يتضامن شعبها مع جيشها ضد الجماعات الإرهابية بل قام الجيش باستخدام كل الأسلحة ضد المعارضين من شعبه، وانهالت براميل البارود عشوائيًا على المدن، وانفتحت الزنازين لإسكات كل صوت معارض، سواء كان إرهابيًا أو مواطنًا صالحًا يمتلك فكرًا مخالفًا.
ظلت النيران مشتعلة تحت الرماد إلى أن اتحدت كل ميليشيات المرتزقة بتمويلات خارجية مع أهالى الشعب المقهور، وأسقطوا حكم بشار الأسد الديكتاتورى، وارتدى الذئب الجولانى الداعشى قائد جبهة النصرة قناع الحمل، بعد أن غيّر اسمه وثيابه، وتقمص دور السلمية والوطنية، فالتف حوله الشعب الطيب متناسيًا أصوله وجرائمه.
الآن، وبعد سقوط النظام فى سوريا، ستأتى الفكرة بعد زوال السكرة.. فالديكتاتور الذى حكمها بالحديد والنار كان يحميها من أطماع الدول المحيطة مثل تركيا وإسرائيل وميليشيات المرتزقة مثل داعش وغيرها، وكان يؤازره فى ذلك «حزب الله» التابع لإيران وكذلك روسيا.. الخوف كل الخوف أن تتكالب كل هذه القوى المتواجدة بالفعل لتقسيم الكعكة «سوريا».
البشائر تؤكد ذلك.. فالولايات المتحدة وافقت على رفع اسم هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب.. وإسرائيل سارعت باحتلال جبل الشيخ والقنيطرة بعد انسحاب الجيش السورى من المنطقة الحدودية العازلة، وإعلان نتنياهو عن انقضاء معاهدات ١٩٧٤، وقام بالقضاء على السلاح الجوى السورى وكل الأنظمة الدفاعية المتاخمة للجولان المحتلة منه.
وفى ناحية الشمال، تسيطر تركيا على منابع البترول والغاز السورى بالقرب من حلب، ويحتاج انسحابها لمعجزة حقيقية.
الفرحون بسقوط الأسد وجيشه لا يدركون حجم كارثة تقسيم البلاد من الطامعين فيها دون أى مقاومة تُذكر بعد انهيار الجيش السورى.
لكِ الله يا سوريا.. وحمدًا لله على جيشنا المصرى القوى.