(المتحدة).. إعادة بناء الإنسان فى مواجهة التشدد
معركة شد وجذب حامية الوطيس، تدور رحاها بشكل واضح، لكنه غير مباشر، وبأسلوب حاسم يصل أحيانًا إلى درجة التجاذب العنيف.. فمنذ تفجُّر أحداث يناير 2011 وما تبعها من تداعيات جِسام، كشفت عن حجم توغل وتغُّول جماعات الإسلام السياسى، ومعها المد الدينى المُتطرِّف، الذى وصل إلى العديد من أجهزة الدولة ومفاصلها، والجهود تُبذل على استحياء لاستعادة الوعى المصرى، واستمالة عقول وقلوب الملايين، التى تُركت نهبًا لـ«قيل» تفسيرات دينية مُتشددة، و«قال» ثقافات تكفيرية مُتطرفة.. شد وجذب مكتومان، تدور رحاهما فى المجتمع المصرى على مدار عشر سنوات، منذ تقلد الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد السلطة فى مصر.. فالسلطة السياسية كانت مُتشابكة ومُتداخلة على مر العصور مع السطوة الدينية، التى كانت «رسمية» فقط حتى تاريخ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 حين بدأت السلطة الدينية الرسمية نفسها، فى التداخل والتشابك مع السطوة الدينية المُتغلغلة فى أرجاء المجتمع المصرى.
وقبل عشر سنوات، طالب الرئيس السيسى بتجديد الخطاب الدينى، وتطهيره مما علِق به من شوائب التطرف والتشدد والجمود والأفكار المغلوطة، التى تؤدى حتمًا إلى «إرهاب» باسم الدين.. وثمَّن البعض مُطالبة الرئيس للأزهر ومؤسسات الدولة الدينية الرسمية القيام بالمهمة، إذ «لا يُعقل أن مفردات وآليات كان يتم التعامل بها منذ ألف سنة، تكون صالحة فى عصرنا»، ما استُشِف معه مقاومة شديدة واستمساكًا رهيبًا بالغمامة الثقافية الدينية، التى ظللت البلاد على مدى نصف قرن.. كما تقول الصحفية أمينة خيرى، فى The Independent، «إن جهود تعديل المسار واستعادة الهوية المصرية، حيث الوسطية فى التدين والعقلانية فى الاختيار، والمطالبة بتجديد الخطاب الدينى، جزء من معركة الوعى التى تحوى تطويرًا فى التعليم، وتحديثًا فى الثقافة واهتمامًا بالرياضة، ورفعًا من شأن الأوضاع الاقتصادية للجميع.. وكلٌ منها مُعضلة تحتاج سنوات لحلها، لا سيما فى ظل هيمنة رُهَاب التغيير
ومقاومة التحديث».
قبل عقود مضت، ربط البعض «التدين» على شاشة التليفزيون فى مصر بـ«نور على نور»، البرنامج الدينى الأشهر والأنجح، وربما الأوحد، الذى بدأ مع بداية التليفزيون المصرى أو العربى عام 0691.. الألف حلقة ويزيد، التى قدمها الإعلامى الراحل، أحمد فراج، تُمثل نموذجًا لبرامج التليفزيون الدينية لأجيال مضت.. بصوت هادئ ونبرة راقية ومحتوى محترم، كان أحمد فراج يتناول موضوعات الدين والحياة بشكل بالغ الرُقى.. لم نسمع منه يومًا تكفيرًا لأحد، أو ترهيبًا باسم التدين، أو نبذًا لآخر..كما لم يُغرِق يومًا فيما يتناوله البعض، من باب الإثارة الجنسية، عبر الإفراط فى الحديث عما يجب أن تفعله النساء بشكل بالغ الفجاجة.. لكن شتان ما بين التدين فى البرامج التليفزيونية فى ستينيات القرن الماضى، وقرينتها فى التسعينيات.. هناك ثلاثة فروق رئيسية بين النوعيتين.. فى الستينيات، كانت البرامج التليفزيونية جزءًا مما يقدمه تليفزيون الدولة..كانت تتم استضافة علماء أزهريين، وما كانوا يقولونه كان جزءًا من صحيح الدين.. تمتع المحتوى بمستوى ثقافى رفيع، واختيار العلماء الضيوف كان يتم بعناية فائقة.. لذا كان المحتوى متطابقًا مع توجه المؤسسة الدينية، بالتالى رؤية الدولة لدور الدين، وهو ما جعل الخطاب يخدم رؤى مثل الاشتراكية العربية ذات البعد الإسلامى، ومناهضة لجماعات مُسيِّسة للدين، مثل جماعة الإخوان المسلمين.. كل ذلك كان يُقدم فى قالب إعلامى محترف، على أيدى إعلاميين محترفين، ومُتحَكَّم فى محتواها تمامًا من خلال ماسبيرو.. لم يكن رقى المادة الدينية منفصلًا عن رقى المحتوى الإعلامى ككل.
لكن ما حدث بعد ذلك من تغير، كان أقرب ما يكون إلى التدهور لمحتوى البرامج الدينية، ورسالة التدين المُقدمة عبر القنوات أواخر الثمانينيات والتسعينيات، ساعدت فيه موضة التدين عبر شرائط الكاسيت ثم الأسطوانات المدمجة وغيرها، ما يعنى أن المتحكم فى الرسالة التليفزيونية لم تعد الدولة أو جهة بعينها، كما يقول الكاتب وائل لطفى بل أصبح كل من هو قادر على وضع مضمون على وسيط جديد وبيعه أو توزيعه، قادرًا كذلك على تقديم مادية دينية، و«النتيحة مادة دينية تليفزيونية تختلف شكلًا وموضوعًا وهدفًا وأسلوبًا، تمامًا عما كان الراحل أحمد فراج يقدمه فى الستينيات.. أصبح الدين على التليفزيون يرتكز إلى متطلبات السوق، ومستعدًا للإذعان لغرائز الجمهور وتلبيتها.. وظهرت هذه البوادر منذ تسعينيات القرن الماضى، وعلى تليفزيون الدولة نفسه.. مجموعة الدُعاة الجُدُد، وهم من خارج المؤسسة الدينية، الأزهر الشريف، ظهروا على شاشات التليفزيون المصرى، على برنامج كانت تقدمه الإعلامية كريمان حمزة، وهو الذى قدم دعاة جُددًا، مثل عمرو خالد، وياسين رشدى، وعمر عبدالكافى وغيرهم.. وكان هذا هو الفرض الأول لقوى السوق على شاشات البرامج الدينية، حيث رجال أعمال يُمولون البرامج، ليقدموا نسخة التدين التى يعتبرونها الأمثل والأنسب من وجهة نظرهم، ثم سارت الفضائيات المصرية فى ركبها.
وتأسست «دولة الدُعاة الجُدُد»، وهذه ليست مجرد عبارة تعكس ظاهرة تَفجُّر البرامج والفقرات الدينية على القنوات التليفزيونية منذ أواخر تسعينيات القرن الماضى، ولكنها أيضًا عنوان كتاب للكاتب الصحفى وائل لطفى، الذى شبه فى كتابه ظاهرة الدُعاة الجُدُد، الذين ظهروا بكثرة على القنوات التليفزيونية، بظاهرة المُبشرين البروتستانت فى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى إغراق هذه البرامج فى استضافة نجوم الفن والكرة المشهورين والمحبوبين، الذين اعتزلوا وتحجبوا أو اعتكفوا، للحديث عن تجاربهم «الدينية» فى الفن والتوبة.. ويشرح لطفى، كيف أن ظهور هؤلاء الدُعاة الجُدُد، وأغلبهم من خريجى التعليم المدنى، وليس الدينى، وارتدائهم ملابس مدنية لا الكلاسيكية الخاصة برجال الدين، دغدغوا بها مشاعر المشاهدين من أبناء وبنات الطبقات المتوسطة وما فوقها، ممن لا ينجذبون أو يتأثرون عادة بفكرة، بالدق على أوتار المشاعر الدينية واللعب على الشعور بالذنب من أجل التدين.
تحول موكب البرامج الدينية إلى توجه عام.. وانطلقت الفضائيات بالمحتوى الدينى، بتوجهات لا أول لها أو آخر، «هنا تحولت البرامج الدينية إلى برامج توك شو حياتية قائمة بذاتها، وهو ما يعكس حجم دور التدين وهذا الشكل من التدين فى حياة المصريين؛ مُتصل يسأل عن الجنس، وآخر يسأل عن الاقتصاد، وثالث عن مشكلة فى عمله، وهلُمَ جرَّا.. ودخلت البرمج الدينية مرحلة الابتذال..فكلما تلقى البرنامج الدينى اتصالات أكثر، كلما كان البرنامج أكثر نجاحًا وأعلى مشاهدة..وتزامن ذلك مع طغيان حالة الأسلمة الشكلية وتديين المجتمع» هذا التطور، من تحول المجتمع المصرى نحو التدين الشكلى، وفقدانهم القدرة على اتخاذ قراراتهم لأنفسهم فى كل شئون الحياة، واعتقادهم بأن طلب الفتوى فى كل كبيرة وصغيرة مُنجيًا لهم من العذاب..وإذا أضفنا إلى ذلك، قيام الدُعاة الجُدُد من المذيعين بالتجويد، إذ قدموا مادة تثير المشاهدين وتجذبهم..ومن ثم، لم يعد هناك مجال للقصص التثقيفية، بل تم إفساح المجال تمامًا للقصص الدرامية المُسلية لضمان التصاق المشاهد بالشاشة وإرضائه!!
أصبح إرضاء الجمهور يعنى الصراخ والزعيق، حسبما تقول أستاذة علم الاجتماع، الدكتور سامية خضر، «رغم أنها برامج وفقرات دينية، لكن الكثير منها يعتمد على الصراخ والترهيب من كل كبيرة وصغيرة فى الحياة.. حتى البعض ممن لا يصرخ ويُرَهِّب، يتم تدريبه على لغة الجسد، حيث لا يصح أن يتحدث أحدهم فى شئون الدين والمعاملات، وهو يشيح بيده بطريقة غير لائقة» وتضيف إنها تعلمت آداب المائدة والحوار والتعامل مع الكبار وغيرها، من خلال برامج دينية هادفة هادئة، لا تميل إلى الإثارة، أو تُغرق فى تفاصيل تافهة، أو التخويف من النار والعذاب.. وأشارت إلى أن سر إغراق الكثير من هذه البرامج فى الحديث عن المرأة يعود إلى إنها- أى المرأة- هى الأكثر قدرة على نقل الأفكار بسرعة ونشرها فى المجتمع، وهو سلاح ذو حدود عِدة..وانتشرت البرامج والفقرات الدينية، حتى أصبح العديد من برامج «التوك شو» اليومية، يعتمد على فقرة دينية ثابتة لجذب المزيد من الجمهور.. حتى أصبحنا نتعجب كثيرًا، حين نشاهد البعض من نجوم التوك شو يتحولون، من «مذيع فنى خفيف لطيف ظريف، ثم رياضى حماسى ناشط رهيب، وفجأة تبدو عليه آثار الورع وعلامات التقوى، فى اليوم المقرر للفقرة الدينية».
●●●
وبين هلع تهديد «دينى» تبثه شاشات هنا، وطمأنينة بشارة «دينية» تبثها شاشات هناك، راح المشاهد المُتجوِّل بين القنوات الفضائية يتأرجح، بين برامج دينية تنشر الرعب والتوتر، وأخرى تزرع السكون وتبث السكينة.. وبين هذه وتلك، آلاف البرامج والفقرات، التى ظلت تتوغل وتنشطر ذاتيًا، حتى أصبح استقلال الفقرة الدينية وتحولها برنامجًا قائمًا بذاته، ظاهرة يحتار المراقبون فى تحليلها، وتُسعد الباحثين عن طوق نجاة يُعينهم، أو حُسن ختام يُريحهم، أو حتى التعلق بدور أو هوية أو كيان يُعيد الثقة إلى ذواتهم.. فهذا مهندس يبلغ من العمر سبعة وخمسين عامًا، يقول إن هويته عادت إليه بفضل عدد من البرامج الدينية، التى ظل يواظب على مشاهدتها منذ «فتح الله على المسلمين» بتدشين قنوات تليفزيونية، لا تقدم سوى الدين، أواخر تسعينيات القرن الماضى، وصولًا إلى عصرها الذهبى منتصف الألفينيات.. ويروى كيف أنه أعاد اكتشاف هويته الإسلامية، التى هى أثمن وأرقى من أى هوية أخرى، سواء كانت مهنة أو أسرة أو حتى دولة!!.. ويضيف، أنه فى تلك السنوات الذهبية، أوقفْتُ بث أى قنوات غير دينية، وأصبحت الأسرة كلها لا تتابع إلا البرامج الدينية التى ثقفتنا، وعلمتنا، وهدتنا إلى الطريق الصحيح، بما فى ذلك برامج أطفال دينية وتلك المُخصصة للمرأة.. فالبرامج الدينية المُخصصة للمرأة تُشغل القاصى والدانى، ومشاهديها رجالًا ونساء، وموضوعاتها يصفها البعض بـ«المثيرة»، ويراها البعض الآخر «غزيرة»، لكنها تبقى الأكثر جذبًا للأضواء والأعلى مكسبًا من حيث «الإعلانات».
وإذا أتينا على ذكر الإعلانات، فإن القائمين على أمر صناعة الفضائيات يدركون أن المصريين متدينون بطبعهم، وإنهم يبحثون عن البرامج الدينية ليتابعوا فقراتها بنهم شديد، لذلك فهى تعتبر نقطة جذب رئيسية للمعلنين، وخيرًا وفيرًا للمحطة التليفزيونية، حيث ترتفع نسب المشاهدة كثيرًا .. ورغم أن المصريين يعتبرون أنفسهم متدينين بالفطرة، فإن قلة الوعى الدينى بمفاهيم الدين الحقيقية منتشرة بشكل كبير، لذلك، تكون نقطة انطلاق طرفى النقيض: هناك من البرامج ما يهدف إلى التثقيف والوعى الدينى، وهناك كذلك من يصطاد فى المياه العكرة، فينشر الأفكار المتشددة والمُتطرفة وينشر الفتنة والجهالة، سواء بنيّة أو دونها، كما تقول الصحفية ورئيسة تحرير العديد من البرامج التليفزيونية، هدى رشوان.. ودون أدنى تفكير، فإن محتوى العديد من البرامج الدينية اليوم يعكس فكر «نجم الشباك»، وأصبح من الصعب معرفة من يُحدد المحتوى؟.. وهل المحتوى يميل إلى الإثارة والإغراق فى توافه الأمور، لأن الجمهور يريد ذلك؟، أم أن القائمين على أمر المحتوى يقررون تقديم وجبات تافهة لجذب الجمهور، ورفع نسب المشاهدة لتحقيق الفوائد المادية المرجوة؟.. وتتواتر برامج دينية تتناول موضوعات الخيانة الزوجية، والطلاق، والخُلع، والزواج، وكيفية إرضاء الزوج ومعاملة الزوجة، وغيرها من الموضوعات التى تبدو دينية، لكنها فى حقيقة الأمر اجتماعية، ولكن برداء دينى لتعظيم الفائدة! هذه البرامج والفقرات «سطحية»، تفتئت على نوعية مشاهدين يتقبلون ما يُقدم لهم دون نقد أو مراجعة.. والأدهى من ذلك، أن الغالبية المُطلقة من القنوات التليفزيونية راحت تستنسخ البرامج والفقرات الدينية من بعضها البعض، دون تفكير أو ابتكار.
●●●
كتبت إحدى الصحفيات الكريمات يومًا، «هدوء الظهيرة يعُم البيت، الأصوات خافتة، سواء تلك القادمة من الشارع البعيد حيث متعة السكن فى الطابق الثامن، أو صوت دق المِلعَقة على قِدر الطبيخ، إلى أن يقرر الصغير ابن الأربعة أعوام تشغيل التليفزيون، فإذ بصراخ وصوت جهورى»: سيُفرَش القبر نارًا، وستُضرَب رأسه بالمطرقة، ويُشق فمه إلى القفا، وتُرضَّخ رأسه بالحجارة، ويُحرَّق فى تنور من نار.. تهرول الأم إلى موقع الحدث، حيث غرفة الجلوس الذى يصدح منها التليفزيون، لتجد الطفل وقد التصق بالحائط من فرط الهلع.. وكانت المشكلة فى حاجة إلى قرار ينتصر للإنسان المصرى، وتحقيق سكون حياته ومعرفة أصول دينه الصحيح، دون الاستغراق فى الغيبيات ولا التهوين من الإشكاليات.. بل بناء شخصية سوية، تعرف ما لها وما عليها، وتدرك أن الدين يُسرٌ لا عُسر.. وأنه دين للحياة الكريمة.
كان ضروريًا، والحال هكذا، أن تنزل الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إلى الساحة، وهى تمتلك مشروعًا واضحًا واستراتيجية محددة للارتقاء بالوعى، والمساهمة الفعالة فى بناء الشخصية المصرية، وهذا هو الالتزام الواضح فى كل منصاتها المرئية والمسموعة، ومحتواها الهادف للارتقاء بالذوق العام، ومخاطبة الجمهور عبر الأدوات والأساليب الجاذبة، ومحتوى برامج متنوعة ما بين توك شو، واجتماعية، ومرأة، ورياضية، والمسابقات وغيرها من البرامج.. حزمة برامج، هى فى النهاية، نتاج لخطة متكاملة وجهود جماعية لتقديم محتوى يخضع لمعايير موضوعية على مستوى الفكرة والمضمون، محتوى يلبى احتياجات الجمهور دون ابتذال، يوازن بين نشر البهجة وفتح أبواب الأمل، دون تغييب الواقع ومشاكله، محتوى يميل للتجديد والتطوير، دون إغفال قيم وثوابت المجتمع، منفتح على العالم لكنه ينحاز للمسئولية المجتمعية والمصالح الوطنية، وهذه هى المعادلة الإعلامية والاختبار الذى اجتازته الأعمال التى تحمل بصمة «المتحدة»، وفقًا لشهادات الجمهور.
تضمنت قنوات «المتحدة» العديد من البرامج الاجتماعية، بفقرات متنوعة تلبى اهتمامات الجمهور المختلفة، وتتطرق إلى العديد من الموضوعات بمختلف المسارات، الاجتماعية والحوارية الممتعة فى كثير من الموضوعات، وأخرى تُسلط الضوء على العديد من المشاكل التى يعانى منها المواطنون، ويهدف إلى خدمة الأماكن التى لا يعرفها أحد، وتقديم النماذج الناجحة فى المجتمع والتى تحدّت الصعاب.. ولم يكن اقتحام قنوات «المتحدة» مجال البرامج الدينية من باب البحث عن الجماهيرية، أو استغلال حالة التدين للتربح، بل رغبة من الشركة فى استعادة الشخصية المصرية المعروفة بالوسطية ونبذ التطرف، وسعت عبر برامجها لتقديم خطاب إسلامى مبسط وصحيح ينتصر للتجديد، من خلال عدد من شيوخ الأزهر وعلماء الدين، الذين يحظون بثقة كبيرة لدى الجمهور، ورصد أبرز الفتاوى الدينية والنصائح والمشورة، وهذه هى السمة المميزة لبرنامج «لعلهم يفقهون»، مثلًا، الذى يستهدف الارتقاء بوعى المسلمين بأسلوب عصرى.. و«الحق المبين» الذى يطرح عبر حلقاته، أهم المواضيع الشائكة المتعلقة بالدين، ويصححان مفاهيم خاطئة.. ويستكمل الداعية مصطفى حسنى، رحلته فى مناقشة الموضوعات الدينية بطريقته المبسطة، من خلال برنامج «كنوز» وغيره، ويعالج برنامج «قلوب عامرة» موضوعات دينية حياتية من منظور إسلامى.. ويركز «الدنيا بخير» على معالجة قضايا وأخلاقيات المجتمع المصرى بشكل عصرى.. وهذا غيض من فيض، تفيض به شاشات «المتحدة»، على مستوى البرامج الدينية الهادفة.
الارتقاء بالمحتوى الموجَّه للأطفال، كان واحدًا من المسارات التى حظيت بجهود عدّة من «المتحدة»، إذ أطلقت أكبر مشروع محتوى أطفال فى الإعلام العربى، لتخاطبهم بشكل مباشر، وتوجه لهم محتوى إعلاميًا يرفع من درجة وعيهم.. كما انطلقت برامج جديدة للأطفال عبر قنوات «المتحدة»، تهدف لإعادة فكرة تلاحم الأسرة للتحاور والمشاركة فى مناقشة شئون كل منهم، وتوصيل معانٍ وقيم إنسانية، من خلال القصص التى تُروى وتُقدَّم بلغة سهلة وبسيطة وفى وقت قصير للمشاهد .. إلى جانب برامج تتضمن فقرات تنمى سلوك الأطفال وحسن تصرفهم فى المواقف المختلفة، وأخرى علمية تهتم بتعليم الأطفال مبادئ لغة البرمجة، وبعض التجارب العلمية المحببة لجميع الأعمار.. وكلها انطلاقًا من أن ما يهم «المتحدة»، هو نشر القوة الناعمة المصرية فى كل مكان، سواء من خلال ترجمة الأعمال كتابة أو من خلال الدوبلاج.. واستفادة من كل القدرات المصرية، هناك تضافر جهود ما بين الشركات الخاصة وقطاع البرامج الدينية بالمتحدة، لتحقيق ما تريده «المتحدة» للمواطن المصرى.
●●●
وتواصل «المتحدة» معركتها لنشر الوعى الثقافى والفنى، ومحاربة انحدار الذوق العام، وإعادة القيم والثوابت المصرية إلى سالف عهدها، ساعية بكل الجهد، إلى المساهمة فى الارتقاء بثقافة الشعوب، وإحداث طفرة فى شتى المجالات الفنية والثقافية والإعلامية، من خلال خطوات ومبادرات مدروسة، نُفِّذت بالفعل على أرض الواقع، ليس من خلال البرامج الدينية، ولا التوجه للطفل المصرى بما يُحصن قيمه ومعتقداته وحسب.. بل وبخريطة درامية، عبر شاشاتها، وأفلام سينمائية، اتخذت منحنى مختلفًا وكبيرًا، يتعامل مع قيمة الوعى، ويعكس القوة المصرية فى معاركها من أجل البناء والتعمير وحتى الحفاظ على الأرض والعرض، باعتبار أن المتحدة للخدمات الإعلامية لها دور كبير فى معركة الوعى من خلال الأعمال الدرامية ذات الرؤية الفنية المتكاملة والجاذبة.. بالتالى، فإن المعالجات الدرامية كانت مميزة، واصطفاف الجمهور حولها يعنى أن هذه الأعمال نُفذت بشكل محترم، وفى إطار فنى قيّم، واختيار ذكى لأبطال الأعمال، الذين يتمتعون بشعبية كبيرة لدى الجمهور الذى يترقب أعمالهم ذات المصداقية.. بالتالى، حققت الأعمال الفنية الهدف المنشود منها، وأعادت تشكيل الوعى، فى وقت استوجب خوض غمار إعادة بناء الوعى بالدراما.. ولذلك حديث آخر.. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.