كريمة الدارين.. كيف يحتفل المصريون بـ«الليلة الختامية» لمولد السيدة نفيسة؟
يحتفل آلاف المصريين، الأربعاء، بالليلة الختامية لمولد السيدة نفيسة، فى ساحة مسجدها العامر بالقاهرة، وسط حضور كبير للطرق الصوفية التى أقامت سرادقات ضخمة لاستقبال الزوار والمريدين وإعاشتهم وتنظيم حلقات الذكر والإنشاد.
وعلى مدار الأيام الماضية، قدمت الطرق الصوفية، التى أقامت نقاط ارتكاز لها فى ساحة المسجد، العديد من الخدمات للزوار، أهمها تنظيم ندوات علمية ومجالس ذكر لمحاربة التطرف وتعريف الشباب بالمنهج الإسلامى الصحيح القائم على محبة الله ورسوله والأولياء والصالحين وآل بيت النبى.
«الدستور» يتابع، فى السطور التالية، فعاليات الاحتفال بـ«مولد نفيسة العلوم»، وينقل كواليس ما سيجرى فى الليلة الختامية.
أحمد عمر هاشم والحبيب على الجفرى وجابر البغدادى أبرز الحاضرين
استعانت سرادقات الطرق بعدد كبير من علماء الأزهر الشريف والطرق الصوفية لتقديم المحاضرات، أبرزهم الدكتور مجدى عاشور، مقدم الطريقة الصديقية الشاذلية أمين الفتوى السابق بدار الإفتاء، والدكتور أحمد شحاتة الأزهرى، والدكتور محمد وسام خضر، أمين الفتوى بدار الإفتاء، وغيرهم من العلماء والدعاة الذين لهم دور فى نشر المنهج الوسطى والتصدى للفكر المتطرف.
وقال الدكتور محمد الشاذلى، أحد مريدى الطرق الصوفية، لـ«الدستور»، إن مولد السيدة نفيسة شهد هذا العام حضورًا مكثفًا من جميع أتباع الطرق من أجل مساعدة الزائرين والمحتفلين، واستقبال الزائرين الجدد من الشباب والمواطنين الذين يشاركون لأول مرة بهدف التعرف على المنهج الصوفى، لافتًا إلى تنظيم جلسات بين المريدين والعلماء الذين يعرّفون الناس بالتصوف الإسلامى.
شارك فى المولد هذا العام عدد كبير من علماء الدين الإسلامى، فى مقدمتهم الحبيب على الجفرى، والداعية جابر البغدادى، والشيخ سامى الشعراوى، نجل إمام الدعاة الشيخ محمد متولى الشعراوى، والدكتور أحمد عمر هاشم، وغيرهم من العلماء والشيوخ الكبار.
ويشرف هؤلاء المشايخ على تنظيم احتفالية دينية كبيرة بالتزامن مع الليلة الختامية للمولد كل عام، حيث يتحدثون خلالها عن فضل آل بيت النبى والمنهج الإسلامى المحمدى الذى نشره آل البيت فى العالم الإسلامى.
وأعلنت عدة طرق صوفية عن مشاركتها فى الفعاليات، أبرزها «الطريقة الخليلية والطريقة الرفاعية والطريقة السعدية والطريقة الضيفية والطريقة الجازولية والأشراف المهدية» وغيرها من الطرق الأخرى التى دشنت العديد من الساحات والخدمات التابعة لها حول المسجد والمقام.
وكشف الدكتور خالد نصر، منسق جماعة الأشراف المهدية الصوفية، عن أن الجماعة تنظم هذا العام أكبر حلقة ذكر صوفية يشارك فيها الشباب والنساء والشيوخ، مشيرًا إلى أن «منهج الأشراف المهدية يلزم المريد بالسير على منهج رسول الله وصحابته الكرام، والبعد كل البعد عن أهل التطرف والتشدد الذين يقدمون الدين بشكل قاسٍ وصعب، بخلاف أهل التصوف الذين يعرّفون الناس بالتصوف الإسلامى الصحيح القائم على المحبة والأدب مع الله ورسوله وآل بيته الكرام».
وأضافت: «شيخنا هو العارف بالله عبدالله صلاح الدين القوصى، وهذا الرجل صاحب منهج صوفى متزن، وهذا المنهج يظهر من خلال الحضرات والمجالس التى تنظمها الجماعة ويحضرها رواد المولد».
لأول مرة.. فنانون تشكيليون يشاركون فى الاحتفال بـ«رسومات صوفية»
لأول مرة يشارك فى المولد عدد من الفنانين التشكيليين، الذين يعرّفون الناس بالتصوف الإسلامى من خلال رسم بعض الصور التى لها مدلول صوفى، مثل «المقام والضريح والمريد والدرويش والشيخ والخويدم والخادم»، وغير ذلك من الأمور التى ترمز إلى التصوف وتوضح العلاقة بين المريد وشيخه، ويشارك هؤلاء الفنانون فى خدمة مريدى وزوار السيدة نفيسة من خلال طبخ الطعام وتقديمه للمشاركين كنوع من المحبة والأدب. من جانبه، قال مصطفى زايد، الباحث فى الشأن الصوفى، إن مولد السيدة نفيسة يختلف هذا العام عن الأعوام السابقة، حيث يشارك فيه لأول مرة عدد كبير من الفنانين التشكيليين من أجل تعريف الناس بالتصوف من خلال الرسم، وهذا الأمر تم تنسيقه مع الطريقة الرفاعية الصوفية وشيخها الجليل السيد طارق الرفاعى.
وأضاف: «الفن التشكيلى من الممكن أن يؤدى دورًا مهمًا فى تعريف الناس بالتصوف الصحيح من خلال التعبير عن حالة العشق الصوفية التى يعيشها الكثيرون، وهذا ما نشاهده فى الليلة الختامية للمولد».
مجالس علمية وحلقات ذكر وإنشاد دينى.. و«طرق» تحتفل داخل المقار
أعلن رواق الإمام محمد متولى الشعراوى عن احتفاله بالمولد بتنظيم مجالس علمية وذكر وإنشاد دينى فى الليلة الختامية، بحضور أحفاد إمام الدعاة عميد العائلة الدكتور سامى الشعراوى، وبعض علماء الأزهر والطرق الصوفية، وتستمر الفعاليات حتى الصباح الباكر.
كما أكدت جمعية «محبى نفيسة العلوم»، برئاسة اللواء محمد حامد، تنظيمها العديد من الفعاليات والأنشطة خلال أيام المولد، ومنها تقديم الطعام والوجبات الساخنة للمشاركين فى الفعاليات، حيث سيتم توزيع وجبات اللحوم والدجاج والكبدة والسجق على الزوار.
وأعلنت ٢٠ طريقة صوفية عن الاحتفال بالليلة الختامية داخل مقارها، ومن أبرزها «النقشبندية والجازولية والشبراوية والعزازية والتجانية والعزمية والمحمدية والدسوقية» والعديد من الطرق الصوفية الأخرى التى تنظم فعالياتها الدينية والصوفية. وتنظم هذه الطرق مجالس علمية للحديث حول فضل آل بيت النبى، ودورهم فى نشر المنهج الإسلامى الصحيح، وتناول سيرة السيدة نفيسة ودورها فى الجهاد والدعوة منذ قدومها إلى مصر وحتى رحيلها.
وأشار الشيخ محمد عبدالخالق الشبراوى، شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، إلى تنظيم احتفالية كبرى داخل مقر الطريقة بصلاح سالم، وتتضمن إقامة أمسية دينية كبرى يشارك فيها عدد كبير من مريدى وأتباع الطريقة ومريدى الطرق الصوفية الأخرى.
وقال الشيخ «الشبراوى» إن الاحتفال بالمولد أمر مقدس عند السادة الصوفية والطريقة الشبراوية التى تحتفل كل عام بهذه المناسبة من خلال إقامة الفعاليات الدينية والصوفية المختلفة.
نفيسة العلم.. سليلة بيت النبوة
السيدة نفيسة بنت الحسن، سليلة بيت النبوة، ولدت فى مكة المكرمة، وأبوها هو الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن على بن أبى طالب، انتقل بها أبوها إلى المدينة المنورة وهى فى الخامسة من عمرها، فكانت تستمع فى المسجد النبوى لعدد من شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه، حتى لُقبت بـ«نفيسة العلم»، قبل أن تصل لسن الزواج.
تزوجها ابن عمها إسحاق المؤتمن بن جعفر، فأنجبت له القاسم وأم كلثوم، وجاءت إلى مصر عام ١٩٣ هجريًا، وقد خرج أهل مصر لاستقبالها واستقبال آل بيت النبوة، رضوان الله عليهم، فى مدينة العريش، لتصل مدينة القاهرة فى ٢٦ رمضان ١٩٣ هـ، ورحّب بها أهل مصر، وأقبلوا عليها يلتمسون منها العلم، حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات، فخافت، وخرجت عليهم قائلة: «كنتُ قد اعتزمت المقام عندكم، غير أنى امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولى الناس فشغلونى عن أورادى، وجمع زاد معادى، وقد زاد حنينى إلى روضة جدى المصطفى»، ففزعوا لقولها، ورفضوا رحيلها، حتى تدخَل والى مصر السرى بن الحكم وقال لها: «يا ابنة رسول الله، إنى كفيل بإزالة ما تشكين منه»، فوهبها دارًا واسعة، وحدد يومين فى الأسبوع يزورها الناس فيهما طلبًا للعلم والنصيحة، لتتفرغ هى للعبادة بقية الأسبوع، فرضيت وبقيت.