من هو بيتر جران الفائز بجائزة طه حسين الدولية؟
سلم وزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هنو، أمس الجمعة، جائزة طه حسين الدولية، والتي يمنحها اتحاد كتاب مصر، إلى الباحث والمؤرخ الأمريكي بيتر جران، في الحفل الذي شهده مسرح الهناجر للفنون.
وحول بيتر جران، وأهم مؤلفاته، ومسيرته والمحطات الأبرز فيها تصحبكم الـ"الدستور"، في هذا التقرير، ونظرة عن قرب.
بيتر جران.. عاشق التاريخ المصري
يعد المؤرخ الأمريكي"بيتر جران" ــ أستاذ التاريخ المصري بجامعة تمبل الأمريكية ــ واحدا من رواد مدرسة جديدة للمؤرخين٬ تقدم رؤية جديدة لحركة التاريخ٬ والمشغولة بالبحث عن تقديم علة واحدة أساسية لتفسير حركة التاريخ٬ وتفسير التطورات التي تغلب علي البشر.
اشتهر بيتر جران بكتابه المهم "الجذور الإسلامية للرأسمالية: مصر1760-1840 " والذي أحدث ضجة عند صدوره في منتصف الثمانينيات وترجمه المؤرخ الكبير دكتور رءوف عباس، حيث قدم لنا جران الرأسمالية الغربية حينها باعتبارها تحمل في طياتها جذورا إسلامية، مما لا ينبغي لنا كمجتمعات إسلامية أن نصطدم معها في مكنونها الأساسي.
وفي كتابه "صعود أهل النفوذ.. رؤية جديدة لتاريخ العالم الحديث"، والصادر في نسخته العربية للدكتورة سحر توفيق٬ يستكمل"جران" ما بدأه في كتابيه السابقين: ما بعد المركزية الأوروبية٬ وجذور الرأسمالية الإسلامية.
كما تناول جران موضوع "اللوبيات" الأجنبية داخل الإدارة الأمريكية٬ وكيف أنه يخاطب من خلاله المواطن الأمريكي في المقام الأول٬ خاصة وأنه سبق وتناول هذا الموضوع في مقالات عدة باللغة الإنجليزية مخاطبا بها المثقف الأمريكي. وفي ذات الوقت طرحه بما هو ضد السائد لدي الرأي العام الأمريكي٬ وهو أن أمريكا ضد الحروب٬ وأنه لا يوجد تأثير أجنبي سياسي في أمريكا.
قال إن هناك نفوذ أجنبي على السياسات الأمريكية يمثله اللوبي٬ علي العكس من رؤية الكثير من المؤرخين الأكاديميين. فالموجود علي الأرض فعليا٬ "لوبيات" أجنبية ضالعة في اللعبة السياسية الأمريكية.
هناك فصيلان من أعضاء جماعات الضغط الموجودة في واشنطن في السنوات الأخيرة٬ أولهما الضالعين في الأعمال المستترة٬ الذين يخدمون مصالح إنجلترا والسعودية وإسرائيل وبلدان أخري لديها ما يمكن أن يطلق عليه علاقات خاصة٬ أما الثاني فهو من يخدمون الباقين٬ ويعملون كممثلين لعناصر مهمة من جميع أنحاء العالم٬ وقد طورت حكومات أجنبية كثيرة بالإعتماد علي أعضاء جماعات الضغط الأجنبية٬ مقاربات مزدوجة للتعامل مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية٬ مقاربة تحدث علي مستوي السفارة في واشنطن٬ وأخري تحدث علي مستوي جماعات الضغط. فبينما تخدم السفارات الأجنبية المصالح القومية٬ وبالتالي فإن معاملاتها بشكل عام معروفة ومعلنة٬ بينما المصالح الطبقية أو مصالح أصحاب النفوذ٬ فهي تتطلب درجة كبيرة من السرية٬ ونتيجة لذلك نادرا ما تكون معلنة.
وعن كتابه “صعود أهل النفوذ”، قال بيتر جران في لقاء سابق مع الـ“الدستور”: "صعود أهل النفوذ" هو محاولة جديدة لتعبير جديد في قاموس النظريات، وهو مصطلح يعبر عن أربعة أشياء مختلفة في كلمة واحدة٬ وهي الطبقة الحاكمة، الشعوب، السماسرة الدوليين المتمثلين في الشركات العابرة للجنسيات٬ وقد أسميتهم الــ "new man"والذين ينسجون علاقات دولية بين مكان ومكان آخر، لمصالحهم الشخصية الخاصة، وكل هؤلاء يعملون بتعاون مشترك في نمو السوق الدولي والهيمنة عليه، لكن العلاقات المتداخلة بين أفراد هذه الطبقة كانت علي العكس عادة مشحونة بمشاكل كثيرة، وعلى الأقل كان هناك دائما قدر كبير من المنافسة على نيل قطعة أكبر من"التورتة" كانت هذه الجماعة ولا تزال تتمتع بالثراء.
كما يذهب بيتر جران في كتابه “الاستشراق هيمنة مستمرة”، إلى أن: استخدام الاستبداد الشرقي في تفسير التاريخ المصري مستمر، لأنه يلعب دورا أساسيا في الرواية المرتبطة بالهوية الأمريكية، وللخروج من هذا المأزق، في اعتقادي ــ بيتر جران ــ يجب علينا أن نعلم طلابنا أنها ستكون فكرة جيدة أن نفترض أننا غربيون قليلا ولكننا حقا مختلفون تماما حتي عن أوروبا الغربية. نحن أمريكيون شماليون، أي أننا في مختلف الأحوال والظروف، بشكل أساسي مزيج من الثقافات التي يمكن العثور عليها في أمريكا الشمالية. وبعد أن تحررنا من عبء كوننا غربيون سيتحرر وسطنا في أمريكا من وظيفة الحارس تلك.