كيف نجحت سياسات البنك المركزي في ضبط سعر الصرف وجذب الاستثمارات الأجنبية؟
البنك المركزي المصري أحد الركائز الأساسية لاستقرار الاقتصاد الوطني، حيث يلعب دورًا محوريًا في تحديد السياسات النقدية والمالية التي تسهم في تحقيق الاستقرار المالي وتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة أن مصر شهدت تحولات كبيرة على صعيد السياسة النقدية، كان أبرزها الإصلاحات التي أقرها البنك المركزي وأدت إلى استقرار الجنيه المصري وتحقيق توازن في أسواق العملة.
ومن بين أهم الإنجازات التي تحققت تحت إشراف البنك المركزي هو القضاء على السوق السوداء للعملة، وهي خطوة هامة للحد من التضخم وتوفير بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا.
وبفضل السياسات المرنة التي اتبعها البنك المركزي، مثل تحرير سعر الصرف وتعزيز التدفقات النقدية من مصادر متعددة مثل تحويلات المصريين في الخارج وعائدات قناة السويس، أدت لزيادة الاحتياطيات الأجنبية وتحقيق استقرار في سوق العملات، وتحسين القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق العالمية، ما ساعد في جذب الاستثمارات الأجنبية ودعم النمو الاقتصادي.
تعزيز الثقة في الجنيه المصري
وحقق البنك المركزي المصري العديد من الإنجازات البارزة خلال الفترة الماضية، حيث نجح في القضاء على السوق السوداء للدولار بفضل تطبيق سياسات مرنة لسعر الصرف، كما ان هذه السياسات ساعدت في توفير العملة الأجنبية بشكل مستمر من خلال القنوات الرسمية، مما أسهم في استقرار سعر الصرف وتعزيز الثقة في الجنيه المصري.
كما تمكن البنك المركزي من تحقيق زيادة ملحوظة في الاحتياطي النقدي الأجنبي، الذي بلغ 46.94 مليار دولار بنهاية أكتوبر 2024. كما ساعدت السياسات النقدية في زيادة تحويلات المصريين من الخارج، وتوفير السيولة اللازمة لتمويل مستلزمات الإنتاج، مما ساهم في تعزيز الاستثمارات الأجنبية وتحفيز النمو الاقتصادي في البلاد.
وأكد الخبراء، أن قرار إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي يعكس حرص الدولة على تحسين الأداء المصرفي، ويهدف إلى تعزيز استقرار السياسة النقدية وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، كما أن هذا التغيير يعكس تجديد القيادة المصرفية لجذب الاستثمارات وتحقيق أهداف التنمية.
القضاء على السوق السوداء للدولار
أكد الخبير المصرفي محمد عبد العال، أن القضاء على السوق السوداء للدولار يمثل أحد الإنجازات الهامة التي حققها البنك المركزي المصري في الفترة الأخيرة، بفضل السياسات النقدية المدروسة التي اتبعها لتوفير العملة الأجنبية عبر القنوات الرسمية.
وأوضح عبد العال في تصريحات خاصة لـ "الدستور" أن البنوك المصرية تمكنت من استعادة دورها في توفير الدولار بشكل مستمر للمستوردين والمستثمرين، مما ساعد على تقليص دور السوق السوداء الذي كان يتسبب في تشوهات اقتصادية ويؤثر على استقرار سعر الصرف.
وأشار إلى أن البنك المركزي نجح في تنفيذ سياسة مرنة لسعر الصرف، حيث سمح للجنيه بالتحرك في نطاقات معينة حسب آليات العرض والطلب، مما أسهم في تراجع الفجوة بين أسعار الدولار الرسمية وغير الرسمية.
وأوضح أن هذه السياسات، إلى جانب زيادة تدفقات النقد الأجنبي من خلال مصادر متعددة مثل تحويلات المصريين في الخارج، وعائدات قناة السويس، قد ساعدت في تحسين احتياطيات النقد الأجنبي وتعزيز ثقة السوق في الاقتصاد المصري.
وأكد "عبد العال" أن القضاء على السوق السوداء له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد الوطني، حيث يعزز من استقرار الجنيه المصري ويقلل من التضخم الناجم عن المضاربات على العملة. كما أضاف أن هذه الخطوات ستساهم في تعزيز الاستثمارات الأجنبية والمحلية، مما ينعكس بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي في مصر خلال المرحلة المقبلة.
ارتفاع غير مسبوق في تحويلات المصريين العاملين بالخارج
من جهتها، قالت الخبيرة المصرفية سهر الدماطي، إن البنك المركزي المصري نجح خلال العام الماضي، في القضاء على السوق السوداء وهذا كان أكبر تحدي يواجه للاقتصاد المصري بعد اتخاذ الإجراءات الإصلاحية في 6 مارس الماضي التي استطاع من خلالها اقرار سعر صرف عادل ومرن مما ادي الي استقرار سعر الصرف.
وأكدت الخبيرة المصرفية في تصريحات خاصة لـ الدستور، ان هذه الإجراءات أدت الي زيادة كبيرة في السيولة الدولار وتوافر العملات الأجنبية بعد تضاعف حجم التنازلات عن العملات الأجنبية لدي القنوات الشرعية البنوك وشركات الصرافة مما ادي استقرار السوق المصرفية.
وأشارت الي ان المحور الثاني في نجاحات البنك المركزي المصري ان هذه القرارات أدت الي زيادة غير مسبوق في تحويلات المصريين العاملين بالخارج والتي ارتفعت الي نحو 20.8 مليار دولار خلال التسع أشهر الاولي من العام الحالي (يناير- سبتمبر 2024)
وأوضحت الدماطي، أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج شهدت قفزات متتالية خلال الفترة التي أعقبت الإجراءات الإصلاحية في مارس 2024 حيث تضاعفت خلال شهر سبتمبر 2024 لتسجل نحو 2.7 مليار دولار (مقابل نحو 1.3 مليار دولار خلال شهر سبتمبر 2023)، كما أن التحويلات شهدت أيضا قفزة كبيرة خلال الربع الأول من السنة المالية 2024/2025 (الفترة يوليو/سبتمبر 2024) ارتفاعًا بمعدل 84.4% لتسجل نحو 8.3 مليار دولار (مقابل نحو 4.5 مليار دولار).
وأضافت أن الشهور التسع الأولى من العام الحالي 2024 (الفترة يناير/سبتمبر 2024) شهدت ارتفاعًا بمعدل 42.6% لتصل إلى نحو 20.8 مليار دولار (مقابل نحو 14.6 مليار دولار).
وأكدت أن أكبر نجاحات البنك المركزي المصري، هي مواجهة التضخم ووضع قيود لكبح الموجة التضخمية العالمية والتي تسببت فيها التوترات الجيوسياسية بالمنطقة سواء الحرب الروسية الأوكرانية او الحرب علي غزة ولبنان.
وأوضحت أن الدولة استطاعت من خلال نجاح السياسية النقدية والمالية خفض المعدلات التضخم من 41 % الي اقل من 25 % خلال عام ونصف وفق بيانات صادرة المؤسسات المالية العالمية وعلي راسها صندوق النقد الدولي.
وألمحت إلى أن البنك المركزي استطاع أيضًا، الحفاظ على الاستقرار المالي بعد اجراء عدت قرارات لكبح التضخم منها امتصاص السيولة من خلال طرح شهادات استثمار وادخار عالية الفائدة غير مسبوقة تصل الي 27 % و25% مما ادي الي زيادة كبيرة في اقبال المصريين على الادخار والاستثمار في شهادات البنوك.
وأضافت أن سياسات البنك المركزي المصري، أدت الي ارتفاع صافي الاحتياطيات الأجنبية الي 46.94 مليار دولار بنهاية أكتوبر 2024، مقارنة بـ 46.74 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2024، بزيادة قدرها 200 مليون دولار.
وأوضحت أن مصر تستورد سنويًا سلعًا ومنتجات تقدر بحوالي 70 مليار دولار، أي ما يعادل 7 مليارات دولار شهريًا. وبالتالي، فإن الاحتياطي الحالي يكفي لتغطية نحو 8 أشهر من الواردات، وهو أعلى من المتوسط العالمي الذي يصل إلى 3 أشهر، مما يعزز تأمين احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.
الاحتياطي من النقد الأجنبي لتوفير السلع الأساسية وسداد الديون الخارجية
وألمحت الدماطي ان الاحتياطي الأجنبي لمصر يتمثل في مجموعة من العملات الدولية الرئيسية، مثل الدولار الأمريكي، اليورو، الجنيه الإسترليني، الين الياباني، واليوان الصيني. يتم توزيع هذه الحيازات وفقًا لأسعار صرف هذه العملات واستقرارها في الأسواق العالمية، وتتغير بناءً على خطة تحددها إدارة البنك المركزي.
وأضافت الخبيرة المصرفية، يعتبر الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي ضروريًا لتوفير السلع الأساسية وسداد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، كما يسهم في دعم الاقتصاد المصري في أوقات الاضطرابات، حيث يساعد في تعويض التأثيرات السلبية على القطاعات التي تدير العملة الصعبة، مثل السياحة والصادرات، بينما تساهم مصادر أخرى مثل تحويلات المصريين في الخارج وعائدات قناة السويس في دعم الاحتياطي.
إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي المصري
ونشرت الجريدة الرسمية في عددها رقم 47 مكرر (د) الصادر في 26 نوفمبر 2024 قرارًا جمهوريًا من الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي المصري. ينص القرار على تعيين حسن السيد حسن عبدالله، القائم بأعمال محافظ البنك المركزي، رئيسًا للمجلس اعتبارًا من 27 نوفمبر 2024 ولمدة عام. كما يتضمن القرار تعيين أعضاء جدد للمجلس، بما يعكس تجديدًا في قيادات البنك المركزي واهتمامًا بتحقيق المزيد من الاستقرار المالي والنقدي في البلاد.