رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فلسطينيون: وقف إطلاق النار فى لبنان يمهد لإنهاء الحرب على غزة

جريدة الدستور

ما بين ليلة وضحاها توقفت أصوات الانفجارات والقتال فى لبنان، ليتردد صدى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبنانى فى قطاع غزة، الذى يتطلع سكانه إلى هدنة فى أقرب وقت ممكن، مع رفع الحصار الإسرائيلى عن القطاع الذى يشهد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية فى التاريخ الحديث.

وحول ذلك، أعرب بركات الفرا، السفير الفلسطينى فى مصر سابقًا، عن تمنياته بأن يكون لوقف الحرب فى لبنان تداعيات إيجابية، تسهم فى التوصل إلى اتفاق مماثل لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مع انسحاب قوات الاحتلال من كامل القطاع وبدء عملية إعادة الأعمار.

وأوضح «الفرا»، فى حديثه لـ«الدستور»، أن الوضع فى قطاع غزة يختلف بشكل كبير عن لبنان من عدة جوانب، أولها أن لبنان كان ولا يزال دولة ذات سيادة، وهى نقطة مهمة فى المعادلة، بالإضافة إلى أن جيش الاحتلال واجه خسائر كبرى فى الأسلحة والمعدات أو بين جنوده، رغم الخسائر اللبنانية الكبيرة، الأمر الذى شكل ضغوطًا كبيرة على إسرائيل، دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، للعمل على إنهاء القتال.

وقال: «الوضع فى غزة يختلف تمامًا عن لبنان، حيث توجد مقاومة شعبية تواجه الاحتلال، لكنها استنفدت جزءًا كبيرًا من إمكاناتها العسكرية دون أن تتمكن من تعويض ما فقدته من أسلحة وموارد، ما يضعف قدرتها على الاستمرار ضد جيش الاحتلال، الذى يمتلك قدرات عسكرية فائقة».

وتطرق «الفرا» إلى السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، التى وصفها بأنها «انتقامية وغير إنسانية»، قائلًا: «إسرائيل لا تسعى فقط لتحقيق أهداف عسكرية فى غزة، بل تريد تهجير السكان الفلسطينيين من القطاع، فى إطار محاولاتها المستمرة لتغيير التركيبة السكانية على الأراضى الفلسطينية، والحرب التى تشنها إسرائيل ضد غزة هى حرب إبادة بكل المقاييس، وهدفها الرئيسى تدمير القطاع وتهجير أهله».

وأضاف: «وجود المحتجزين الإسرائيليين فى غزة قد يكون له تأثير داخلى على حكومة نتنياهو، ويشكل ضغطًا داخليًا على المستويين السياسى والعسكرى، ما قد يدفع الحكومة الإسرائيلية للتفاوض على صفقة تبادل أسرى، كما حدث فى لبنان مع (حزب الله)، خاصة أن جيش الاحتلال يعانى حاليًا من الإنهاك، بعد شهور من المعارك الشرسة».

واختتم «الفرا»، حديثه لـ«الدستور»، بالتأكيد على أن الوضع فى قطاع غزة يتطلب دعمًا دوليًا أكبر، من خلال توفير المساعدات الإنسانية الفورية وضمان حماية المدنيين، مع ضرورة الضغط الدولى على إسرائيل لوقف الانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين، والعمل على إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

فيما قال المحلل السياسى الفلسطينى، عبدالمهدى مطاوع، إن الهدنة فى لبنان قد تترك حركة «حماس» وحيدة فى مواجهة ضغوطات إسرائيلية وأمريكية متزايدة، مشيرًا إلى أن هناك فارقًا واضحًا بين لبنان، الذى اتخذت حكومته مسارًا أكثر عقلانية فى التعامل مع المشهد، وابتعدت عن المصالح الحزبية، بينما لا يزال التوتر والارتباك وتعدد الفصائل يسود المشهد السياسى الفلسطينى.

وأشار إلى أن الضغوط الحالية قد تدفع «حماس» إلى قبول هدنة، لا سيما فى ظل التصريحات الأخيرة من الإدارة الأمريكية، والضغط على الحركة للقبول بأى عرض مقبل».

وتابع: «أعتقد أن الإدارة الأمريكية ستعرض على (حماس)، ربما للمرة الأخيرة، مقترحًا للهدنة، والوضع السياسى فى غزة قد يكون فى مرحلة حرجة للغاية، حيث يجب على (حماس) أن توازن بين الحفاظ على موقفها ومواجهة الضغوط الدولية والمحلية».

من ناحيته، أكد القيادى الفلسطينى، اللواء محمد أبوسمرة، أن وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية يعد خطوة مهمة، يمكن أن تقود إلى اتفاق مماثل لوقف العدوان على قطاع غزة.

وأعرب «أبوسمرة»، فى حديثه لـ«الدستور»، عن أمله فى أن تواصل مصر، والقوى الإقليمية المؤثرة، ضغوطها على المجتمع الدولى، لاستثمار هذا الاتفاق وتوظيفه للتوصل إلى اتفاق عاجل لوقف إطلاق النار فى غزة.

وقال: «مصر بدأت بالفعل تحركات واسعة لدى الأطراف المعنية، خاصة الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، لتكثيف الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلى من أجل إنهاء العدوان المستمر على قطاع غزة منذ ثلاثة عشر شهرًا، الذى أسفر عن أكبر مأساة إنسانية فى التاريخ الحديث، حيث دُمرت معظم البنية التحتية للقطاع، وتعرض مئات الآلاف من الفلسطينيين للاستشهاد والإصابة والاعتقال، مع نزوح أكثر من مليون ونصف مليون فلسطينى».

وأضاف: «قطاع غزة تحول إلى أكبر مقبرة جماعية وأكبر سجن مفتوح فى العالم، والأوضاع فى القطاع أصبحت كارثية، فلا توجد مياه صالحة للشرب أو كهرباء، ويعيش الأهالى فى ظل حصار خانق، مع منع إدخال المساعدات الإنسانية والدوائية إليهم، وهى معاناة تفوق ما يمكن أن تتخيله عقول البشر، ويتعين أن تكون الأولوية القصوى الآن هى وقف العدوان فورًا، وفتح الطريق أمام المفاوضات لتحقيق سلام دائم».

الأمر نفسه أكده الباحث السياسى الفلسطينى، عادل الزعنون، بقوله إن أهالى قطاع غزة يأملون فى أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان خطوة حقيقية نحو إنهاء الحرب على قطاع غزة.

وقال: «الفلسطينيون يتطلعون لأن يكون هذا الاتفاق بمثابة بوابة لوقف الحرب المجنونة التى يعانون منها، وتعتبر مصر القوة المحورية فى المفاوضات، لأنها تعمل بكل قوتها للوصول إلى وقف فورى لإطلاق النار وإنهاء معاناة أهل غزة».

وأضاف: «هناك مؤشرات إيجابية مهمة، سواء من خلال التصريحات الأمريكية أو من خلال الجهود المبذولة من قبل مصر، التى تعمل بشكل مكثف من أجل التوصل إلى هذا الهدف الكبير، وبالرغم من التحديات، فإن الأيام والأسابيع القليلة المقبلة قد تحمل تحولًا مهمًا نحو إنهاء الصراع، مع تزايد فرص الوصول إلى اتفاق حقيقى لوقف إطلاق النار فى القريب العاجل».