سها الشرقاوي تكتب: آنسة بدرجة «مُطلقة»
في رحلتي مع الإجراءات الرسمية داخل الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية، لفت انتباهي معاناة شريحة من الفتيات مع بند الحالة الاجتماعية في البطاقة الشخصية، نعم قد يبدو بسيطًا من الناحية الإدارية، لكنه بالنسبة لتلك الشريحة يحمل تعقيدًا وظلمًا قد لا يُلتفت إليه. والمقصود هنا تحديدًا الفتيات اللواتي مررن بتجربة “الخطبة” التي تم فيها عقد القران دون إتمام الزواج الفعلي أو الدخول، ثم انتهت التجربة بالطلاق.
هؤلاء الفتيات يواجهن معضلة حقيقية عند الإجابة على سؤال الحالة الاجتماعية. فعلى الرغم من أن وثيقة الطلاق تُثبت أنهن “مطلقات دون دخول” (أي أنهن ما زلن أنسات من الناحية الفعلية)، إلا أن تسجيلهن قانونيًا كمطلقات يضعهن في نفس التصنيف مع من خاضت تجربة زواج كامل.
وعندما تُسأل الفتاة: “هل تزوجتِ من قبل؟” تجيب بعفوية وبحق: “لم أتزوج”، لأنها في الحقيقة لم تعش تجربة الزواج كما هو متعارف عليه اجتماعيًا وشرعيًا.
لكن القانون لا يعترف بهذه الفوارق الدقيقة، مما يؤدي إلى نتائج مؤلمة على الصعيد النفسي والاجتماعي لهذه الفتيات، إذ يُعامَلن وكأنهن خضن تجربة زواج كاملة، وهو أمر يجافي واقعهن وحقيقتهن.
لذلك، أتوجه بدعوة صادقة إلى الجهات المختصة لمراجعة بند الحالة الاجتماعية في البطاقة الشخصية وإعادة صياغته ليعكس الواقع بدقة أكبر. يمكن، على سبيل المثال، إضافة عبارة توضيحية بجانب كلمة “مطلقة”، مثل: “آنسة – عقد القران ”، ما يوفر تمثيلًا قانونيًا واجتماعيًا منصفًا لهذه الفئة.
هذا التعديل البسيط سيكون له أثر كبير في تحسين الشعور بالعدالة لدى الفتيات اللواتي يجدن أنفسهن في هذه المواقف، كما سيُسهم في تقليل العبء النفسي والاجتماعي الذي يواجهنه نتيجة هذا التصنيف غير الدقيق.
آمل أن تجد هذه الدعوة آذانًا صاغية لدى صناع القرار، فهي تعبير عن حاجة مجتمعية وإنسانية ملحة تتطلب الاستجابة والتغيير.